أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

سبتة الثانية من ستة

مصطفى منيغ
ما غابت المشاهد ولا تبدَّدت الأحداث ولا مَسَحَ الماضي ما مضَى كي تبتعد بعض الأسماء عن مواقفها في مرحلة سادت في تطوان، حَكَّمَت ما رأته مستمراً لا يتغَيّر وملاذاً عن انعاش محيطهم لن يتأخَّر فتبعت (عن طيب خاطر) بما يُعانِد تَقَلُّبات الزمان، كأنّ المُراد لا يسمحُ بالتَّفكير خارج التصوُّر المُزيَّن بتزكية ادارة اسبانية كائنة في ساحة “الفدَّان” يكون تدخّلها في جلسات خاصة مُنَظّمها بما يَلزم من سوائل صفراء وحمراء السيد “فُلان”، بدار عتيقة لا تغيب عن بعض حجراتها.
ذوات الحسن الفتَّان، مستعدات للرقص على ايقاع دفٍ صاحبه في العزف فنّان، تعاهد لينسحب بما غنمه قبل الفجر بالكتمان، فإذا التقَى بي عَرَضَ عليَّ الشريط المُسجَّل مُتسَلِّماً ما يَطلبه من ثمن. بتلك الليالي الحمراء تُختم التعليمات ليظلّ التوجه الاسباني طاغياً بغير الإشارة لأي عنوان، (يتسبّب بمعرفته ذاك الصحفي المتواجد وصحيفته المشاكسة في كل مكان، غير الموافق على مجاراة ما يخرج من تدبير الاسبان ، لتقوية التعاون والتضامن مع بعض المغاربة أعز الاخوان، والغريب أنه محترم لدى المسؤولين الاقليميين كالمحليين ربما خوفا من قلمه أو ممّا يُترجمه في تحدِّي غريب باللسان)، تلك الفقرات الموضوعة بين قوسين مأخوذة من تقرير باللغة الاسبانية مرفوع للقنصل الاسباني في تطوان،   للإطلاع وأخذ المفروض اتخاذه، مُحَرّر من طرف أحد عملاء الاستخبارات الاسبانية الذي اصبح في وقت سابق مُقرّبا لصديقى المخلص المشتغل بحرفة التصوير العمومي معروفٍ على نطاق واسع ، يُطلِعني أولاً بأوّل بما يدور قولا مُباشِراً أو بواسطة تقارير مخابراتية مكتوبة في ذاك الجانب الغاضب عليّ لوقوفي ضدّ المغاربة الاوفياء لإسبانيا حسب زعمهم في شمال ذاك الوقت المرتبط بشبه الخضوع لمستعمر الأمس .

سبتة المحتلّة ظلّت مقصد استرخاء وملء البطن بخمور حانات خاصة تعجّ بعيون المخابرات المُستَغِلَّة  ما ينطق به هؤلاء المغاربة وبعضهم من مسؤولي بعض الادارات العمومية المغربية في تطوان وغيرها من المدن  وبخاصة العاصمة الرباط . وقفتُ في تلك الحانات بنفسي لاعاين الموضوع كصحفي مهتم، فرأيت وسمعتُ ما جعلني اضاعف حماس متابعة نضال الكتابة إرضاء لضميري وقياماً بواجبي الإعلامي النبيل، ممَّا سبَّبَ لي اكتساب خصومات بعض المسؤولين الاقليميين كالمحليين واعتباري خطراً عليهم ، ومع ذلك بقيتُ والجرائد التي كنتُ أصدرها داخل جهات مختلفة من المغرب ومنها جرائد : “الحدث” و “القصر الكبير” و”وجدة” و “تطوان” و “الشعب” و”فاس” و”المغرب5″ و “لماذا؟” و”السياسي العربي”، بقيتُ على موقفٍ واحد لا يتغير أبدا أن سبتة مغربية ستتحرّر يوما ما ، رغم كيد الكائدين والمطبّلين ارضاء لتلك الدولة الاسبانية من أجل السماح لهم بالولوج المفتوح  لتجرع صهباء “أبي نواس” وتلقي ابتسامات عوانس، تُغَيِّبُ المساحيق طبيعة وجوههن البرّاقة تبدو ، بفعل ضوءٍ خافت منبعث من بضع فوانيس.

قبل الخوض في اعتبارات لا طائل منها غير التلاسن وما يناسب تعابير أطرافها غير المتساوين ثقافة وفكراً وتجربة ٌ، قرّرتُ العزم على التعمّق في معرفة “سبتة” رغم متاعب استقراء عشرات المؤلفات التاريخية المهتمَّة بذات الموضوع تاريخاً وسياسةً وثقافة ًعامة ، فترسّخ في ذهنى ما ساعدني على اجتياز بعض المناظرات مُقنعاً الأخرين أثناءها، أن سبتة وإن كانت لم تجد المسؤول التنفيذي الأول في الدولة المغربية لتحريرها  لأسباب موضوعية إن تعرَّض شرحها بما تتطلبه من تفاصيل لنوع من التكتم المقصود فذاك عائد لأسرار تنظيمية مرتبطة بما يؤكد أن الأمور المصيرية الهامة مرتبطة بوقتها بما يدخل في التدبير المحكم الذي جعل من المملكة المغربية تعمّر بنظامها الحالي بما يجعلها تستمر به ، فكان علي ّ التنقل لتلك المدينة المُبعَدة عن أصلها الشريف المغرب مؤقتاً ، لزيارة أمكنة ما كان البعض في استطاعتهم زيارتها ، إما خوفاً أو تجنباً للوقوع في مشاكل مع السلطات الرسمية ، من هذه الأمكنة أهم أقسام بلدية سبته للاطلاع المباشر على كيفية عملها ، وبخاصة تعاملها مع المغاربة الحاصلين  على الجنسية الاسبانية أو المقيمين بموجب رخص معينة معطاة لهم ، أو الذين لهم في التواجد هناك منافع أخرى لا أريد الحديث عنها ، ومن تلك الأمكنة أيضا ما سيصبح خاضعا لحكم ذاتي تتهيأ المدينة على تحمل مسؤولياته لتصبح بؤرة تجادب بين الأصل المغرب ، والمتطفل على هذا الأصل اسبانيا ، ومن غريب الصدف أن أجد هناك ما اعتبرته اهتماما خاصا بشخصي يواكب اهتماما اوجهه لتلك الادارة نفسها ، حتى أفهم ما يخفيه المستقبل فأركّز عليه كموقف أكثر وأكثر دون أن يضيف على الاساس المتخذ من طرفي سابقا أي شيء ، ما دامت مغربية سبته مبدأ راسخ كالشمس تشرق من الشرق، ليست الديمقراطية من تركت الاسبان تحركاتي تتم بسلام دون تدخل ، إنما ليتيقنوا من الشيء الذي تنتهي إليه ابحاثي ، وبقدر ما غابت عنهم حقيقتي ، بكيفية ما تعرَّفتُ على حقيقة أمرهم ، ليس بالكامل وإنما لدرجة أنهم محتفظون في ألبابهم ، أن سبتة آخر مطافها مع التعنّت الاسباني ، الرجوع إلى أحضان المغرب في وحدة تر ابية تؤرخ للمرة الألف ان المغاربة حكماء في انتظار ما يناسبهم من وقت ،  لتحقيق استرجاع حق  من حقوقهم مهما كانت وكيفما كانت . بالتأكيد الإدارة الأمنية المغربية  الإقليمية كانت تابعة خطواتي من بعيد ،أجمل ما فعلت أنها تركتني على خطتي ليقينها التام أنني مغربي العقل والضمير ، أما الباقي فتصرف مهنة أمارسها باحترام شديد واحترافية تبعدني للأقصى لمطالبة ما يفوق حجمي ، وفي إحدى الجلسات التي ضمتني والعامل (المحافظ) السيد “كمال الكانوني” بطلب منه للتدخل لفائدة صديقه الاستاذ محمد بوحيى رئيس المجلس البلدي لمدينة القصر الكبير حول مقال سمِع بوسائله الخاصة أن جريدة “الحدث” ستنشره في عدد تستعد مطبعة المهدية في تطوان طباعته ، لكنني رفضت سحب المقال من الجريدة ولستُ ممَّن تهزهم رياح التهديدات ولو اتت من أعلى سلطة تنفيذية بإقليم تطوان ، وحالما تيقَّن السيد العامل من اصراري وأن أُترَكَ للقيام بواجباتي الصحفية على أتم وجه ، أخذ سماعة الهاتف  وتكلم مع الرئيس المذكور أمامي طالبا منه الابتعاد في تلك المدينة عنّي ، وبالمناسبة اراد السيد العامل أن يدردش معي في  شأن سبتة ليلمّح لي أنه على علم ببعض زياراتي لها ليسألني ، بعدما أمر مدير ديوانه السيد “أحمد المُرِّير” بإحضار “الشاي” للتعبير عن حسن النية والترحيب بصديق من طرف صديقه ، وأمور تقتضيها اللباقة وحسن التعامل الذي كان يمتاز بها ذاك المسؤول السامي صراحة ، سألني عما أعرفه عن سبته ؟، فقلت له دون تحفظ أكثر مما تعرفه يا سعادة العامل ، سألني كيف؟، قلت له لأنني عرفتها على الطبيعة مشياً على قدماي ، محاوراً مباشرة ما يضيف لمعلوماتي  معلومة جديدة مع أي مواطن مهما كان قدره أو منصبه، مَدعواً لبيوت دخلتُها لإسبان يحبون المغرب ارادوا اخباري عن شعورهم الدفين ذاك ، زيادة عن مقارنتي التاريخ الحقيقي بالتاريخ المزيَّف جله من طرف الاسبان الخاضعين لتعليمات الدولة الاسبانية في الموضوع ، أما انتَ سعادة العامل تعرف عن سبته ما تود أن تعرِّفك عليه التقارير وكل ما يجعلك فادرا على رفع الأمن والاستقرار على أي درجة أخرى ، لأجل ما قد تصل للعيش فيه والمغرب يسترد تلك المدينة بما يستحق من اعجاب العالم للطريقة المتحضرة التي استعملها ، والايام إن شاء القدر بيننا .
الصورة : مصطفى منيغ في بلدية مدينة سبتة

التعليقات مغلقة.