أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

ستافان دي ميستورا يقدم مقترحا جديدا/قديما والمغرب يرفض بشدة ويتمسك بوحدة أراضيه

أصوات

فتح المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، ستافان دي ميستورا، نقاشا سابقا حول قضية الصحراء المغربية، المتمحور حول مقترح “التقسيم”، الذي سبق وأن تقدم به المبعوث الأسبق “جيمس بيكر” كحل “غريب” للقضية نفسها، والذي رفضه المغرب جملة وتفصيلا، من منطلق أن الأرض كالكرامة لا يمكن العبث بهما، أو عرضهما في المزاد العلني قصد تفصيلهما.

وكان ستافان دي ميستورا قد كشف خلال الجلسة المغلقة لمجلس الأمن، يوم الأربعاء 16 أكتوبر 2024، في خضم إحاطته الدورية، عن حل تقسيم الصحراء بين المغرب وما يسمى بجبهة البوليساريو الانفصالية، كأنها ضيعة ورثها عن والده، أو كأنها شركة يملك فيها أسهما، وحين عجز وفشل في تدبير ملفها، فطرحها للبيع. مبديا أسفه بسبب عدم رصد أي استعداد من الرباط للتفاوض بهذا الشأن.

وفي الحقيقية نستغرب مثلنا مثل أي مغربي يتقاسم معنا هذه الجغرافيا من طنجة إلى الكويرة، حول هذا الأسف، وحول هذا التفاوض، فعن أي تفاوض يتحدث ستافان دي ميستورا؟

فهل كان هذا الأسف ناتجا عن اعتراف ضمني في عدم رغبة المغرب في بيع قطعة من أرضه؟ أم كان أسفا بيقين قطعي كون المغرب لا يفرط في شبر من أرضه، لكونها العرض والنخوة، التي ربما لا يعلم عنها الكثير، وربما لكونه لم يفتح كتاب التاريخ، ولم يقرأ عن كفاحية المغاربة وهم يحررون أراضيهم من الاستعمار.

وعوض أن يترجم ذات المبعوث الأممي ملف الحكم الذاتي على أرض الواقع، حيث تأكدت نجاعته في أكثر من مناسبة، والذي نوهت به دول كثيرة، إذ شكل الطرح الأمثل والأنسب للقضية محل نزع بين المغرب والجبهة الانفصالية، حاول إحياء نقاش يعتبر من الماضي، بل أكثر من ذلك، طوى المغرب ملفه عبر رفضٍ واضح ضد التفريط في شبر واحد من أرضه.

هذا وقد أعرب المغرب في وقت سابق، عبر وزير خارجيتة ناصر بوريطة، “استعداد المغرب لتقديم تفاصيل إضافية حول آليات تطبيق الحكم الذاتي”، الأمر الذي  يعكس انفتاح الرباط على الحلول العملية التي تضمن تسوية سياسية نهائية تحت السيادة المغربية.

وفي سياق متصل، قال عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، إبراهيم بلالي اسويح،  إن إحاطة دي ميستورا الأخيرة، الخاصة بتسوية النزاع الإقليمي المفتعل بتقسيم الأقاليم الجنوبية، تعتبر حلا غير عادل وغير واقعي، مؤكدا أنها تتنافى مع جهود الوساطة، التي من المفترض أن يقودها الوسيط الأممي خلال المرحلة الراهنة للتعاطي الموضوعي مع هذا الملف. مبرزا أن إعادة إحياء مقترحات بائدة، ولو ضمن إطار اقتراحي، مؤشر على بداية فشل الجهود التي يقودها هذا الوسيط، الذي لم يستطع تحريك المياه الراكدة منذ توليه هذه المهمة.

وأكد ذات المصدر، أن “مهمة دي ميستورا منذ ثلاث سنوات تؤطرها قرارات مجلس الأمن الأخيرة، التي تدعو إلى مواصلة المسار الذي خلفه سلفه هورست كولر سنة 2018، سواء تعلق الأمر بطبيعة الحل السياسي وخصوصياته، التي أصبحت مع مرور الوقت عناصر حاسمة وثابتة ولا رجعة فيها، أو بالأطراف وطرق استئناف العملية السياسية والعودة إلى مربع المفاوضات”.

وقصرح اسويح أن فكرة التقسيم التي جاء بها دي ميستورا تبعده عن دائرة الوساطة، مؤكدا أن “المساعي الجزائرية في الحد من ارتباطات المملكة بالعمق الإفريقي كانت وراء افتعال هذا النزاع، وبالتالي فإن المسيرة التنموية للمغرب حالياً في بعدها الاستراتيجي موجهة لهذا العمق الذي أشار إليه تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، سواء في الفقرة الخامسة حين تطرق إلى المبادرة الملكية الأطلسية لولوج دول الساحل أو بخصوص الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية والطاقات المتجددة وغيرها”، مؤكدا أن “هذه التطورات عززت واقعية الطرح المغربي وفتحت أبواب المنطقة على آفاق الاهتمام الدولي بهذه الأقاليم، التي سيلعب المغرب من خلالها دورا كبيرا في جنوب المحيط الأطلسي كبوابة للأمن والاستقرار”.

وأفاد المتحدث نفسه، حول القرار الأممي، “تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس 2024/707 لن يستقيم مداه إلا إذا وضعناه في سياق تقاريره السابقة، حيث يشير إلى أن الحالة في المنطقة العازلة مشحونة بالتوترات والأعمال القتالية منخفضة الحدة، ولا يزال التقدم في العملية السياسية يشكل تحديا على الرغم من الجهود التي يبذلها مبعوثه الشخصي دي ميستورا، الذي عاد بهذا النزاع الإقليمي إلى سنة 2002 حين اقترحت جزائر بوتفليقة آنذاك فكرة التقسيم، والتي قابلتها المملكة بالرفض القطعي”.

مضيفا، “اعتبار السيادة على الأقاليم الجنوبية خط أحمر كان وراء رفض المغرب قرار مجلس الأمن 1495 الذي تبنى خطة بيكر الثانية سنة 2003، والذي أعقبه تقرير الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، كوفي عنان، الذي أوصى بدوره بالبحث عن حل سياسي دفع فيما بعد الوسيط الأممي بتر فان والسوم سنة 2006 إلى الإقرار باستحالة تطبيق خطة التسوية السابقة بوصفها بغير الواقعية”.

واسترسل المصدر نفسه، “النص الجديد الذي يؤسس لقرار مجلس الأمن الدولي المقبل يستشف منه تكريس المكتسبات السياسية للمملكة من خلال الاعترافات الدولية، آخرها فرنسا التي أشار إليها التقرير، ثم التأكيد على إطار العملية السياسية والجهات الفاعلة فيها وأهدافها واحترام مهمة بعثة المينورسو فيما يتعلق بوقف إطلاق النار”، لافتا الانتباه إلى أن “ذكر المبادرة التي تقدم بها المغرب لمنح الأقاليم الجنوبية حكماً ذاتياً تحت السيادة المغربية منذ 2007 إلى الآن تعتبر إيذانا بمنعطف جديد في التعاطي مع خصوصية الحل نحو البرغماتية والواقعية”.

 

التعليقات مغلقة.