هل تتذكرون الاتحاد الدولي لكرة القدم حين فرض حظراً على ارتداء أي قمصان تحمل إشارات تضامن أو ذات طابع ديني أو سياسي بالمباريات التي تقام تحت إشرافها.
وهل تتذكرون حين قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم منع أي إشارة في لقاء المباراة الودية التي جمعت فريق الرجاء البيضاوي بفريق إسبانيول برشلونة الاسباني، تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة الذي تعرض لقصف جوي وبري وبحري من الجيش “الإسرائيلي”.
غير أن الاتحاد الدولي لكرة القدم تدخل، بعد إدراج المباراة التي سيحتضنها المركب الرياضي محمد الخامس آنذاك في الأجندة الدولية المعترف بها من الفيفا، ونبه إلى ضرورة عدم إظهار أي إشارة تضامن.
جاء الاعتداء الروسي على أوكرانيا، في الأيام الماضية، ليضع العالم أجمع على صفيح ساخن، لا حديث إلا عما يدور في الأراضي الأوكرانية، والمعاناة التي يعيشها شعبها مع الغزو الروسي لبلاده.
ولأن الإنسانية تأتي قبل أي شيء، تسابق الجميع لإبداء تعاطفه مع أوكرانيا وشعبها، وكرة القدم بشعبيتها لعبت دوراً ملموساً في الأيام الماضية.
العلم الأوكراني ظهر في كل ملاعب العالم، رسالة “لا للحرب” رُفعت في الدوري الإسباني والإنجليزي والمسابقات الأوروبية لليويفا، الدوري الإيطالي انطلقت مبارياته خمس دقائق متأخرة كاحتجاج رمزي، وحتى “فيفا” تحرك سريعاً ومنع روسيا من اللعب تحت مسمى البلد أو علمها أو نشيدها الوطني بتصفيات المونديال.
حتى أشهر اللاعبين والنجوم تضامنوا مع أوكرانيا، روبرت ليفاندوفسكي وبقية لاعبي بولندا يرفضون اللعب في ملحق المونديال ضد روسيا، بيب جوارديولا يساند لاعبه أوليكسندر زينتشينكو ويشجب الاعتداء الروسي، والصرب والكروات يحكون مآسيهم مع ويلات الحرب اليوغوسلافية.
كل تلك المظاهر جميلة وتظهر الجانب الإنساني لكرة القدم، ولكن تجعل البعض في نفس التوقيت يتعجب من المعايير المزدوجة لنفس هؤلاء الأشخاص والأندية والاتحادات التي لازمت الصمت أمام أزمات أخرى، بل وشجبت وعاقبت من تعاطف وقتها مع الضحايا.
عندما تحدث “مسعود أوزيل” عن أزمة مسلمي الأويغور في الصين، والتي وصفتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالإبادة الجماعية رسمياً، خرج آرسنال وأبعد نفسه عن تصريحات لاعبه، وقال إنه لا ينخرط في السياسة كمبدأ.
ليفاندوفسكي الذي ارتدى شارة قيادة “بايرن ميونيخ”، على هيئة علم أوكرانيا أمام فرانكفورت لم يمتنع عن اللعب أمام “إسرائيل” بتصفيات اليورو، ولم يخرج وقتها حتى ليشجب تصرفاتها بحق الشعب الفلسطيني.
نفس الاتحادات التي ترفع شعارات التضامن مع أوكرانيا الآن هي من هاجمت محمد أبو تريكة في أمم إفريقيا 2008 بعد أن رفع قميصه للتضامن مع غزة وقالت إن لا خلط للسياسة مع الرياضة.
المعايير المزدوجة للغرب في التعامل مع اختلاط السياسة مع الرياضة يمكن أن تفهمها من كلمات مراسلين كيانات كبيرة مثل “BBC”، “CBS” و”تيليجراف” على سبيل المثال وليس الحصر، تشارلي دي أجاثا يقول هذه ليست العراق أو أفغانستان، ولكن بلدا أوروبيا متحضرا؛ المدعي العام الأوكراني يصف الأمر بالعاطفي لأن المتضرر هذه المرة شعب أوروبي بعيون زرق وشُقر، بينما “دانييل هانام” يكتب أن هؤلاء المعتدى عليهم يملكون حسابات “نتفليكس” و”إنستجرام” مثلنا وليسوا فقراء في بلاد بعيدة، تلك البلاد البعيدة مثل سوريا بنظر التلفاز الفرنسي الرسمي لا تستحق نفس الاهتمام مثل هؤلاء الأوروبيين.
التعليقات مغلقة.