أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

سلا: باشا “احصين” يمنع البسمة ومستشار يدين ممارساته المعطلة ومجتمع مدني يلجأ للبكاء هربا من الحكرة + فيديو

حوار وتقرير محمد حميمداني

 

 

 

في موقف نشاز ينم عن استمرار نمط من العقليات البائدة التي ترفض أن ترى التغيير ومنطق الجمال يطفو على سطح وطن الحقوق والحريات. من خلال عرقلة كل أشكال التحول نحو مزيد من حضور الشباب ضمن مسار البناء المجتمعي. والذي ينطلق أساسا من الإحساس بالانتماء لهذا الوطن. وهو أمر لن يتحقق مع سيادة نمط من العقليات المعطلة لكل بسمة أمل في إشراقة وطن يسع كل أبنائه. بعد أن قرر باشا مقاطعة “احصين” منع نشاط إحدى الجمعيات العاملة في مجال الفكاهة. علما ان ذات الجمعية قدمت عروضها ضمن ملتقى امتد على مدى شهر رمضان دون أن يلحقه المنع، لكن بقدرة عقليات التحجر والانغلاق بمقاطعة “احصين” كان المشهد صادما، علما أن النشاط مقام بشراكة مع مقاطعة “احصين”. مشاهد غضب وحزن على واقع حال التدبير المحلي السائد. ولمحة بكاء تغزو رئيس الجمعية الممنوعة الذي توقف عن إتمام حواره مع جريدة أصوات، إحساسا منه بالحكرة والغبن والقهر الذي عاشه كما ابناء سلا وزوارها من مدن أخرى. إحساس تعتبر حرية التعبير والحق في إقامة الأنشطة الثقافية. من الحقوق الأساسية التي نص عليها دستور المملكة والتي أقبرت بقرار فردي في سلا.

 

 

 

عبد الجليل بودربالة، المستشار الجماعي بجماعة “احصين”، ونائب رئيس المقاطعة، نقل في تصريح لجريدة أصوات. واقع حال ما ساد من سلوكات منع لنشاط حضي بدعم المقاطعة. على الرغم من إصراره على أن مداخلته بصفة شخصية، مبرزا أن موقف المنع الصادر عن الباشا خلق له إحراجا. 

 

سلا: باشا "احصين" يمنع البسمة ومستشار يدين ممارساته المعطلة ومجتمع مدني يلجأ للبكاء هربا من الحكرة
نائب رئيس مقاطعة احصين المستشار عبد الجليل بودربالة

 

ترويج الأكاذيب التي أبطلت

 

 

 

قال “بودربالة” لقد تمت مراسلة الباشا 20 يوما قبيل انطلاقة النشاط. لكن المفاجأة كانت صادمة فالرد تم تصريفه في آخر لحظة. مضيفا: أن الأسباب المقدمة للمنع غير مقنعة حتى للأعمى، لأنه وبعد أن بطل عذر الكهرباء، لأنه افتراء وكذب اعتبارا لكون المركز الثقافي والاجتماعي الذي سيقام فيه النشاط يتوفر على الكهرباء. انتقل اجتهاد السلطات لمسألة الصوتيات، وبعد أن أبطل هذا العذر هو الآخر. عقب التزام الأطراف المنظمة بتحمل نفقات الصوتيات، كشر المانعون عن أنيابهم وأصروا على أن النشاط لن يقام على الرغم من أن تبليغ القرار تم ثلاث ساعات فقط من الوقت المحدد لانطلاقة النشاط.

 

المركز الثقافي والاجتماعي ب”القرية” إدارة بلا مدير فعلي

 

 

 

المشكلة الكبرى التي عكسها نائب رئيس المقاطعة هي تهرب مدير المركز الثقافي والاجتماعي ب”القرية” من الرد حتى على مكالمة مسؤول جماعي. متسائلا إن كان هذا السلوك ارتكب ضد ممثل الأمة. فما حال الجمعيات مع هذا المسؤول. ومن أية ثقافة تشبع؟. حينما يرفض الرد على الهاتف بعد أن تم الاتصال به من قبل سكرتيرته لإخباره بأننا نود رؤيته ونطلب الاتصال والتواصل معه. إلا انه يرفض الرد، هل هذا هو السلوك الإداري المطلوب؟. وهل هاته هي المسؤولية التي أكد عليها عاهل البلاد المفدى، اعزه الله ونصره.

واقع قمع ومنع مورس ضدا على الدستور وعلى الميثاق  العالمي لحقوق الإنسان. وكأننا في زمن الجاهلية ونظام “السيبة” البائذ. لأن الحق في التعبير وتقديم الأنشطة والإبداعاث الثقافية يبقى حقا من الحقوق الأساسية التي يجب أن يحظى بها كل إنسان. بل وتعد من أهم مكونات قياس ديمقراطية اي مجتمع، ووسيلة أساسية لسيادة الحوار المجتمعي.

 

 

 

المنع طال حتى المشاريع الجماعية

 

 

 

من غريب ونواذر تدبير باشا “احصين”، وفق إفادة السيد “عبد الجليل بودربالة“. أن الجماعة عانت الأمرين من تعامل باشا المقاطعة خلال فترات الحساب الاداري. حيث تتم المصادقة على أنشطة من قبل المجلس ليقوم الباشا بقدرة إرادته وعظمة دوسه على القانون بمنعها وتعطيلها. وضع اقتضى إشعار عامل سلا بالوقائع. والذي وعد بعدم تكرارها. إلا ان الوقائع لاحقا أكدت أن هذا السلوك هو جزء من تركيبة الباشا خلافا للقانون والدستور.   

 

 

 

ماذا يقول المشرع عن المنع كشكل من أشكال قمع حرية التعبير؟

 

 

 

الدستور المغربي والقوانين المعمول بها تعتبر المنع والرقابة على حرية التعبير تهديداً للحقوق الأساسية للمواطنين. كما تعتبر خطوة للوراء في مسيرة تنزيل الديمقراطية والتقدم. على الرغم من أن الحكومة المغربية تقول إنها “تدعم حرية التعبير”. إلا أن هاته الأنماط من المسلكيات الممارسة والمعاشة تحيلنا إلى واقع مر. قبالة نصوص قانونية واضحة لا لبس فيها. وتأكيد حكومي بصيانة هاته الحقوق والدفاع عنها وتطبيقها.

 

 

 

منع يطال حتى المناسبات الرسمية ومشاريع مبرمجة من قبل المقاطعة

 

 

 

 

أكد نائب رئيس مقاطعة “احصين” أن هذا المنع الممارس من قبل باشا المقاطعة طال حتى المناسبات الوطنية. “أنشطة مبرمجة احتفاء بعيد الشباب أو عيد العرش”. والتي تعرضت إما للمنع أو رفض إقامتها ب”القرية”. ونقل إحداها لسلا الجديدة. المبرر المقدم غير مقنع. ألا وهو الهاجس الامني. مضيفا أن المقاطعة مجهزة بمرافق هامة. فلو كان الهاجس الأمني فيه انفلات لوقع تكسير لتلك المعدات والأماكن العديدة المعدة لإقامة أنشطة ومراكز إدارية. مبرزا أن “القرية” أفرزت طاقات وكفاءات كثيرة.

وأوضح “بودربالة” أن من بركات هذا المنع أن تفتقت قريحة الباشا لمحاولة منع مشروع جماعي لتبليط الازقة. حيث تم منع العمال من أداء واجبهم. بل أنه حاول هدم مأوى للعمال أقيم بموافقته. فضلا عن كون أنشطة الجمعيات لا يتم برمجتها. مؤكدا أن هاته العراقيل لا توجد في أي من المقاطعات الأخرى.

وأضاف المستشار “بودربالة” بغضب، لقد تم وضعي في إحراج أمام هاته الجمعية. بعد أن أقدم الباشا على منع نشاطها الفكاهي في آخر ساعة. وما زاد المشهد قثامة هو حضور ممثلين عن مدن اخرى خلال هاته الفعالية. وهو ما يعني أن هذا السلوك يعكس صورة سلبية عن الدولة المغربية. وهو أمر مرفوض وغير مقبول من مسؤول محلي يفترض فيه أن يعمل على صيانة وتكريس تنفيذ الدستور والقانون. 

غالبا ما يتم تكذيب نزول تقارير حول منع ممارسة حقوق من موقع الوطنية الصادقة. لكن ما تمت معاينته خلال الندوة الصحافية المقامة، اليوم، تزامنا مع قرار المنع، أن الواقع لا يحمل إلا المزيد من تشويه صورة بلادنا التي تم انتخابها تقديرا لجهدها رئيس للجنة حقوق الإنسان العالمية.

الدستور المغربي يحث على أن الحق يجب أن يصان ويكفل بموجب النص لجميع المواطنين دون تمييز أو تحيز. ولكن من خلال هاته الحالة النشاز. الآليات تنقلب ليصبح المنع هو القاعدة في مقاطعة “احصين” والحق هو الاستثناء. في انتهاك من قبل هذا الباشا لهذا الحق البسيط الذي يجب أن يصان وبقوة وبشكل مسؤول.

سلا: باشا "احصين" يمنع البسمة ومستشار يدين ممارساته المعطلة ومجتمع مدني يلجأ للبكاء هربا من الحكرة
رئيس جمعية “نور الحي للثقافة والرياضة والأعمال الاجتماعية بالعيايدة حسين البروطي

وفي مشهد يعكس قمة الإحساس بالحكرة بعد قرار الباشا غير الدستوري قال رئيس جمعية “نور الحي للثقافة والرياضة والأعمال الاجتماعية” بالعيايدة، المنظمة لمهرجان سلا الكوميدي، الممنوع إقامته بالمركز الثقافي والاجتماعي ب”القرية”، حسين البروطي: وهو في أعلى درجات الإحباط والإحساس بالقهر. لقد أقيم هذا المهرجان في جميع مراحله، حيث افتتح التباري يومه 27 فبراير من السنة الجارية. كما اقيمت الإقصائيات المؤهلة بدار الشباب العيايدة 2. ليقام لاحقا حفل افتتاح المهرجان بقاعة مقاطعة “العيايدة”. ولتقام بعد ذلك الإقصائيات والأكاديمية بمقاطعة “بطانة”. وخلال كل هاته المراحل مرت الأمور بشكل جيد وفي مستوى تنظيمي أكثر من رائع. وكنا نمني النفس أن يعرف حفل الختام نفس المصير. لكن تجري رياح السيد الباشا بما لا تشتهي سفن المنظمين.

آمال تبخرت بعد أن قرر السيد الباشا إقبار هاته المحطة الأخيرة. المتمثلة في حفل الختام. الذي كان من المنتظر إقامته بالمركز الثقافي والاجتماعي ب”القرية” بسلا. إلا انه وبدل الفرحة وإدخال السعادة على محيا حضور كان في الانتظار. ساد جو من الحزن والذراما المكان الذي أصبح شاحبا بقرار القوة المصرف لا قوة القرار. إذ وتحديدا على الساعة الواحدة. على بعد ثلاث ساعات من انطلاقة الفرحة. يفاجأ الكل بقرار رفع البسمة وقراءة التراتيل على واقع حريات أقبر بقرار إرادي من مسؤول يسبح خارج الركب. 

 

 

المبررات واهية والهدف إخراص البسمة

 

 

 

لإلباس القرار لباس الشرعية تفتقت قريحة المانعين بمحاولة الخبط “خبط عشواء من تصبه تمته ومن تخطئه يعمر فيهرم”، على حد قول الشاعر. فكان لزاما من البحث عن المخارج. والتشبث بحبل إنارة موجودة وصوتيات قرر المنظمون كراءها. بعد سقوط المبررات يقول رئيس الجمعية لجأ المانعون للتنقيب عن النفط بدعوى عدم توصل الجمعية بالترخيص النهائي. رغم أن الجمعية مؤسسة منذ عام 2021. كما أن الوقائع على الأرض تبطل الادعاءات فهي قدمت طيلة شهر رمضان عروضها ولم تمنع. ما قدمت العروض في باريس أو لندن أو نيويورك. ولا حتى في مدن أخرى مغربية بل في سلا تحديدا حيث سلطة إقليمية واحدة، وهو أمر يثير الاستغراب والتقيؤ.

بل حتى فزاعة موضوع السكيتشات المقدمة أبطلت اعتبارا لكون أن تلك المواضيع موجودة. و”نحن من بداية رمضان نقوم بالعرض”، فما المستجد إذن؟. ولم يتم المنع؟. وما هي الأسس القانونية والدستورية لهذا القرار القاتل للفرح والمستقبل؟. فماذا حدث اليوم إذن؟. أسئلة تبقى معلقة في أروقة عمالة إقليم سلا، لمعرفة ما يحدث في أفخادها المحلية التي تسير عكس التوجهات التي ما انفك صاحب الجلالة الملك محمد السادس يحث عليها.

بالأمل الذي يعصر القلب من قرارات قاتلة. وبكلمات حملت كل معاني الاغتراب في وطن مفترض أنه لجميع أبنائه. قال رئيس الجمعية: “المشكل ليس في وليدات سلا، ولكن اكثر في الناس اللي جايين من مدن مغربية أخرى. من فاس، طنجة، القنيطرة، الدار البيضاء وتارودانت…”.

بتأثر وتنقطع أنفاسه ويقف عاجزا عن الكلام. للإحساس بالحكرة يقف محاورنا أمام حالة ممثلي تارودانت وتفاجئهم بقرار المنع الذي بلغت به الجمعية في آخر اللحظات. حيث انهار ممثل تارودانت بكاء للصدمة “على وطن لا يعود أو قد يعود”، على حد قول الشاعر الفلسطيني “محمود درويش”. القرار غير مفهوم، ما نقوم به فني ثقافي ولا وجود لأي شيء مخالف للقانون. لا حول ولا قوة الا بالله العلي القدير. يقولها ويتوقف لعدم القدرة على إتمام الحوار مجهشا بالبكاء على أحلام أقبرت في سلا من سلطات المفترض فيها أن تكون مواطنة ضامنة للبسمة والفرجة والكوميديا. لا زارعة للتراجيديا واليأس والإحباط الذي تلمسناه على طول المكان.

المطلوب محاربة كل أشكال القمع والمنع التي تمثل تهديداً لحرية التعبير في المغرب. وضرورة تحقيق العدالة والشفافية في التعاطي مع قضايا الحريات العامة. وحق المجتمع في التعبير عن الفرح والألم ضمن أسس وسياق القانون والدستور. وعلى السلطة الإقليمية والجهوية والوطنية التدخل لإرجاع الدستور لسكته التي حرف عنها. وتضمن حق الجميع في الاستفادة من الفضاءات العامة والحرية الكاملة في التعبير عن الآراء دون خوف أو تردد أو منع.

واقع وقف عليه جلالة ملكنا المفدى أعزه الله ونصره حينما حث المسؤولين على القيام بواجباتهم القانونية والإدارية والدستورية المطلوبة. حيث قال حفظه الله وأيده في خطاب العرش لعام 2017: “لقد حان الوقت للتفعيل الكامل لهذا المبدأ”، أي مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. مؤكدا أنه “فكما يطبق القانون على جميع المغاربة، يجب أن يطبق أولا على كل المسؤولين. بدون استثناء أو تمييز، وبكافة مناطق المملكة”.

وشدد جلالته قائلا: “إننا في مرحلة جديدة لا فرق فيها بين المسؤول والمواطن في حقوق وواجبات المواطنة. ولا مجال فيها للتهرب من المسؤولية أو الإفلات من العقاب”.

وتساءل جلالة الملك “ما معنى المسؤولية إذا غاب عن صاحبها أبسط شروطها، وهو الإنصات إلى انشغالات المواطنين؟”.

وأكد جلالة الملك، في هذا السياق، أنه لا يفهم “كيف يستطيع أي مسؤول لا يقوم بواجبه. أن يخرج من بيته، ويستقل سيارته، ويقف في الضوء الأحمر، وينظر إلى الناس، دون خجل ولا حياء. وهو يعلم بأنهم يعرفون بانه ليس له ضمير”.

وأضاف جلالته “ألا يخجل هؤلاء من أنفسهم. رغم أنهم يؤدون القسم أمام الله، والوطن، والملك، ولا يقومون بواجبهم؟. ألا يجدر أن تتم محاسبة أو إقالة أي مسؤول، إذا ثبت في حقه تقصير أو إخلال في النهوض بمهامه؟”.

التعليقات مغلقة.