أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

سلسلة قناديل بيوت الله الشيخ القارئ المصطفى غربي المزابي…الضرير الذي حفظ القرآن الكريم عن طريق السمع في ظرف أربع سنوات !!!!

بقلم عثمان الدعكاري

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ) صدق الله العظيم. “سورة النور”، رغم ضعف بصره الشديد، استطاع بصوته الشجي وتلاوته العطرة أن يحشد خلفه آلاف المصلين في صلاة التراويح بمسجد الشهداء بالدار البيضاء، الذي ارتبط باسمه طيلة سنوات الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. قبل أن يبرز مشاهير القراء الشباب في العاصمة الاقتصادية والمغرب.. إنه القارئ الضرير المصطفى غربي….

“المصطفى غربي”، ولد بقبيلة “الشراكي”، قيادة “أولاد أمراح”، دائرة “ابن احمد” بإقليم سطات…

 

يحكي الشيخ غربي… ولدت ضريرا، لكن والحمد لله لم أحس يوما بأي مركب نقص، وما كنت قد قمت به من فحص لعيني بأمريكا، لم يكن إلا إرضاء لأصدقائي الذين أرغموني على إجرائه أملا في إبصاري، ولكنني تكيفت والحمد لله مع وضعي، وأنا في أحسن حال لأنني أرى ظلال بعض الأشياء.

تمكنت من حفظ القرآن عن طريق السمع في ظرف أربع سنوات في سن الثانية عشرة من عمري، وبنفس الطريقة ساعدت ابني يونس غربي وهو أيضا كفيف، على إتمام حفظ القرآن الكريم وهو ابن الحادية عشرة من عمره.

 

يضيف الشيخ الجليل…. أخي الذي يكبرني سنا، هو من أدخله والدي إلى الكتاب بداية، لغاية حفظ القرآن الكريم، حيث كان يأمل والدي رحمة الله عليه، أن يكون أحد أبنائه حافظا للقرآن الكريم، جريا على عادة أهل القبيلة، حيث كان التنافس على تقديم أبنائهم لهذه الغاية، حرصا منهم على أن يكون في كل بيت ابن حافظ لكتاب الله، لأن ذلك كان مدعاة للفخر بين سكان القبيلة. وحين دفع بي والدي لمرافقة أخي كان ذلك على سبيل الاستئناس فقط، فكان أخي معني بالحفظ، أما أنا فكنت أسمعه وهم يتلو على مسامع الفقيه ما حفظه من آيات، ولا أرى رسمها على اللوح الذي كان يحفظ منه. لكن عندما كنت أعود إلى البيت، صرت أنافس أخي في تلاوة ما بقي عالقا بذهني من آيات كما سمعتها بين يدي والدي، الذي كان يراجع أخي في حفظه كل يوم، فتطييبا لخاطري كان يسمع مني حفظي. كما كنت ألح على الفقيه الحاج المحجوب الصويري، بأن يراجعني فيما حفظته كباقي الطلبة، فكان رحمة الله عليه يضحك من طلبي، ظنا منه أنني لا أستطيع الحفظ دون الاستعانة باللوح، سيما وأنني لست معنيا بالحفظ.

إلحاحي في الطلب..، كنت في كل مرة يتقدم فيها أخي بين يدي الفقيه ليراجعه في حفظه، أتوسل إليه بشدة والدموع تغالبني، لكي يسمع مني أنا أيضا. فما كان منه إلا أن ذعن أمام إصراري المتواصل.

سمع مني ما حفظته بداية على مضض، لكن سرعان ما أحس بملكة الحفظ السريع التي منحني الله، إذ تفوقت على الطلبة المعنيين بالحفظ بشكل أذهله، حينها بدأ يهتم بي والتفت لموهبتي في الحفظ بالمتابعة والتوجيه.

وتصادف بعد ذلك، أن توقف أخي عن متابعة حفظ القرآن الكريم، لمساعدة عائلتي في أشغال الفلاحة، والعمل في الحقول الزراعية، فالفقر والحاجة دفعا والدي مكرها إلى الاستغناء عن حلمه في أن يرى أخي وقد أتم حفظ كتاب الله، فيما بقيت أنا بالمسجد لأنني لست معنيا بالانخراط في أي عمل، لكوني كفيفا.

وعندما وصلت في الحفظ إلى الحزب ,13 صار الفقيه رحمة الله عليه يوليني اهتماما خاصا، إلى أن تمكنت من حفظ القرآن كاملا سنة 1973.

 

كانت فرحة والدي لا توصف، عندما تمكنت من حفظ كتاب الله، إذ أقاموا على عادة قبيلتي ما يسمى بعرس القرآن، احتفاء بي، وهو في نفس الوقت يسمى حفل الفصال، أي يعني فك الشرط مع الفقيه…

 

جزى الله والدتي عني خيرا، وجعل ذلك في ميزان حسناتها، حرصت على أن أحفظ كتاب الله، فكان لها ما أرادت، فبعد أن أتممت الحفظ، كانت فرحة جدا بذلك، وكانت كلما رأتني أقرأ القرآن مع الطلبة، تطلق الزغاريد تعبيرا عن فرحتها.

وكان من توجيهها الدائم، قولها لي : لا يصلح لك يا بني إلا حفظ كتاب الله تعالى، لأن فيه عزك في الدنيا والآخرة. وما أنا فيه من نعم بالقرآن، هو من الله وجهود والدي ووالدتي على الخصوص….

التعليقات مغلقة.