فقد فاجأ وزير الشون الخارجية ديدييه بوركالتر، أحد مؤيدي التقارب مع المجموعة الأوروبية، الجميع بإعلانه الاستقالة في أكتوبر المقبل خاصة وأنها تأتي في خضم الجدل بين البلدان ال 28 حول ملف حرية التنقل.
وتعيش العلاقات السويسرية الأوروبية حالة فتور منذ الاستفتاء حول وضع سقف لعدد المهاجرين القادمين من البلدان المجاورة لسويسرا والذي نظم في فبراير 2014 والذي أدانته المفوضية الأوروبية باسم المبدأ المقدس لحرية التنقل.
وأمام صرامة الاتحاد الأوربي، اقتصر النواب السويسريون في النهاية على قانون يتم تطبيقه في نطاق ضيق بشكل لا يؤثر معه على حرية التنقل لسنة 2002.
وفي محاولة منها لإرسال إشارات مطمئنة بخصوص خلافة وزير الشؤون الخارجية، أكدت رئيسة البلاد دوريس لوتار عزمها بذل كل ما في وسعها مخافة ترك فراغ ديبلوماسي اتجاه الشركاء المقربين لسويسرا وحتى التي تشهد العلاقات معها صعوبات.
ويحضر في قلب النقاش مع المفوضية الأوروبية، موضوع ذو حساسية بالغة في سويسرا أثاره الحزب الشعبوي الاتحاد الديمقراطي للوسط والمتعلق ب ” القضاة الأجانب ” الذين يمكن أن تكون لهم الكلمة الأخيرة على حساب السيادة الوطنية.
وقالت الرئيس السويسرية في هذا الصدد ” نعلم جيدا أن قضية القضاة الأجانب مرفوضة تماما. الأحزاب تعارضها بالتالي لا يمكن للمجلس الفدرالي التفاوض بشأن اتفاق لا يلائم الأغلبية “.
ويهيمن على الدخول السياسي الحالي في سويسرا، أيضا، انتخاب خليفة وزير الشؤون الخارجية المستقيل المنتظر في 20 أكتوبر. ويتنافس على هذا المنصب ثلاثة مرشحين جميعهم من الحزب الليبرالي الراديكالي أبرزهم عضو مجلس الدولة بجنيف المكلف بالأمن والاقتصاد بيير مودي.
كما يشكل الدخول الحالي اختبارا قويا بالنسبة للديبلوماسية السويسرية من أجل إقناع البلدان المجاورة بمقاربتها الجديدة المتعلقة بالهجرة والقائمة على ” تفضيل المواطنين الأصليين ” على الرغم من أن النواب تراجعوا عن فرض نظام الحصص على العمال الأوروبيين. فسويسرا تجد ، منذ استفتاء 2014 حول الهجرة الأوروبية، صعوبات من أجل التوصل لتوافق بين الناخبين وبروكسل يضمن احترام مبدأ حرية التنقل.
ويثير تفضيل اليد العاملة المحلية جدلا واسعا حيث تطالب الدول النافذة في الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها فرنسا وألمانيا ب ” الاحترام التام ” لاتفاق حرية تنقل الأشخاص.
فبالنسبة لماريو غاتيكر، كاتب الدولة السويسري المكلف بالهجرة، فإن النص المصادق عليه يمثل خطوة أولى نحو التطبيع ” وأن المحادثات مع الاتحاد الأوروبي “ستسير نحو الأفضل”.
غير أن استراحة المحارب تبدو قصيرة الأجل. فالمسؤولين السويسريين يدركون جيدا أن الشراكة مع الاتحاد الأوروبي لا يجب إهمالها خاصة بعد الصرامة التي تعامل معها الاتحاد اتجاه بريطانيا بعد التصويت لصالح البريكزيت.
وفي نفس الوقت، قد تؤدي المزايدات الشعبوية للاتحاد الديمقراطي للوسط، الذي يتوفر على الغالبية في البرلمان، إلى إعادة النظر الشاملة في إطار الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة يراها رجال الأعمال ضربة قوية للاقتصاد السويسري.
التعليقات مغلقة.