قالت صحيفة بريطانية، أن سياسات الخصوصية الجديدة التي أعلنتها شركة أبل الأميركية، أثارت جدلاً كبيراً بين عمالقة التكنولوجيا، بسبب تأثير ذلك على نصيبها من الإعلانات.
وأوضحت نفس الصحيفة أنه بجانب عدة مميزات يمنحها التحديث الجديد لنظام تشغيل أبل “آي أوه إس 14.5” (iOS 14.5) لمستخدمي هاتف “آيفون”، فإنه يشمل خاصية أثارت الجدل بشكل خاص، توفر المزيد من الحماية لبيانات المستخدمين الشخصية، ما يصعب على المطورين، والتطبيقات، وحتى شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك، وغيرها، تتبع وجمع بيانات المستخدمين.
وكانت أبل قد أعلنت عن تلك الخطوة في يونيو الماضي؛ لكنها لم تطبقها إلا مؤخراً لتمنح المطورين مزيداً من الوقت للتأقلم مع التغييرات، ما يفتح المجال لمعركة كبيرة مع شركات تكنولوجية عملاقة مثل فيسبوك.
وفي يناير، انتقد الرئيس التنفيذي لشركة أبل، تيم كوك من أسماهم “سماسرة البيانات، وموردي الأخبار المزيفة الذين يتطلعون فقط لتحقيق ربح سريع”.
وقال كوك، إنه “إذا كان من الممكن تجميع كل شيء في حياتنا وبيعه، فإننا نفقد أكثر بكثير من البيانات، ونفقد الحرية في أن نكون بشراً”.
و حسب نفس الصحيفة, فرضت شركة التكنولوجيا العملاقة التي تبلغ قيمتها السوقية 2.2 تريليون دولار، قيوداً على كيفية قيام مطوري التطبيقات بجمع البيانات من مستخدميها البالغ عددهم مليار مستخدم، من أجل إنشاء إعلانات مخصصة.
وبموجب هذه السياسة، يرى مالكو أجهزة “آيفون” في جميع أنحاء العالم الآن مطالبات داخل التطبيق تسأل عما إذا كانوا يريدون أن يتم “تعقبهم”.
ويحرم المستخدمون الذين ينقرون على “Ask App Not to Track“، أو “اطلب عدم التعقب“، المطورين من رؤية رسائل معرّف المعلِنين IDFA، وهي سلسلة من الأرقام المرتبطة بكل هاتف آيفون، التي تنشئ ملفات تعريف المستخدمين أثناء انتقالهم من تطبيق إلى تطبيق.
وبحسب الصحيفة، فإن الخاصية الجديدة لا تمنح المستهلكين في الواقع قوة جديدة لم تكن لديهم من قبل، واعتبرتها مجرد خاصية غامضة في عمق إعدادات الهاتف، وقالت إنه من المحتمل أن يكون لها عواقب وخيمة على مستقبل خصوصية الإنترنت وعلى العديد من شركات التكنولوجيا في العالم.
وأشارت إلى أنه عندما أشار كوك لأول مرة إلى هذه الخطوة في يونيو 2020، أدركت شركات التكنولوجيا الكبرى على الفور أنها ستمثل ضربة هائلة لصناعة الإعلانات الرقمية التي تقدر قيمتها بحوالي 400 مليار دولار سنوياً، وهيمن عليها “فيسبوك” و“غوغل”.
وقالت إن البعض ينظر على نطاق واسع إلى سياسة أبل الجديدة على أنها معركة مع فيسبوك، التي تعتمد بشكل أساسي في إيراداتها على الإعلانات.
وأثارت خطوة أبل بالفعل معارضة ضخمة، إذ رفعت أكبر شركات الإعلام والتكنولوجيا والإعلان في ألمانيا دعوى قضائية ضد شركة أبل، الاثنين، بتهمة “التعسف في استخدام النفوذ”. وقبل شهر من ذلك، قدمت مجموعة ضغط تضم ألفي شركة ناشئة فرنسية شكوى تتهم الشركة بـ”نفاق الخصوصية“.
وفي الصين، عملت شركة “بايت دانس“، وهي الشركة الأم لتطبيق “تيك توك” وعملاق البحث “بيدو” مع مجموعتين تدعمهما بكين، لإنشاء مُعرّف بديل لـ“آيفون” يسمى CAID، مصمم لتقويض سياسة أبل والحفاظ على الوضع الراهن المربح.
لكن يبدو أن شركة أبل قد فوجئت برد الفعل العنيف هذا، بحسب “فايننشال تايمز”، واضطرت إلى توضيح الأسئلة الشائعة للمطورين عدة مرات، وأصدرت خطابات إلى الشركات الصينية التي تحاول استخدام CAID تطالبها بالكف عن ذلك، ورفضت تطبيقات متعددة تسعى للتحايل على سياستها الجديدة. وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال كوك لصحيفة “نيويورك تايمز” إنه “صُدم من ردة الفعل تلك”.
وتقول الصحيفة إن ثمة نقطة رئيسية أخرى في خطوة أبل تتعلق بمدى عمق مصلحتها الذاتية في هذا النموذج الجديد المتمحور حول الخصوصية.
وأشارت أبل إلى أن “84% من التطبيقات مجانية ولا يدفع المطورون شيئاً لها”. ولكن إذا أدى تحول الشركة إلى تقليل إمكانية الوصول إلى بيانات الجهات الأخرى، فمن المرجح أن يتكيف المطورون، ويفرضون رسوماً على المستهلكين لعمليات الشراء والاشتراكات داخل التطبيق، وهي النماذج التي تحصل فيها أبل عادة على عمولة من 15 إلى 30 في المئة.
واعتبرت الصحيفة، أن سياسة أبل تخاطر بترسيخ مثل هذه الأعمال، ما قد يفتح جبهات نزاع مع عمالقة تكنولوجيا آخرين مثل غوغل التي تمتلك قدراً هائلا من البيانات، ما قد يحسم المعركة لصالحها ضد أبل.
وكانت وكالة “بلومبرغ” للأنباء، قد ذكرت أن شركتي أبل وفيسبوك تتشاركان منذ عقود ماضية علاقات منفعة متبادلة للوصول إلى ملايين المستخدمين.
وأشارت إلى أن فيسبوك تعتمد على أبل من أجل الوصول إلى ملايين المستخدمين، فيما تحتاج أبل للوصول إلى تطبيقات فيسبوك على هواتفها، لتجنب تحول مستخدمي هواتفها إلى شركات منافسة.
وذكرت الوكالة، أن فيسبوك تعتمد على تتبع وجمع بيانات المستخدمين لاستهدافهم بالإعلانات المناسبة لهم، وبدون تلك المعلومات لن تتمكن شبكة الإعلانات العملاقة التي يديرها الموقع من العمل كما في السابق، فمعظم إيرادات فيسبوك تأتي من بيع الإعلانات للمسوقين.
وأشارت إلى أن فيسبوك حققت إيرادات بلغت 21.2 مليار دولار من الإعلانات في الربع الثالث من عام 2020، وعليه فإن التحديث الجديد للخصوصية من أبل سيتسبب في تراجع تلك الإيرادات بأكثر من 50%.
التعليقات مغلقة.