مصطفى منيغ
لن تستطيع مهما لوّحت في مؤسساتها العسكرية السريّة بذاك الإعلان، المتضمّن الحرب على المغرب مهما أظهرت نيتها ذلك في بعض الأحيان ، لأنها الأقرب لمعرفة ما يتمتَّع به جارها الجنوبي من قوة لا تملك مثيلا لها على مدار الزمن ، قوة معتمدة على الحق تكافح من اجل استرداده مهما كان المطلب مرتفع الثمن ، يقدَّر بآلاف الشهداء تجلب من لطف رب السماوات والأرض العون والتبات والاطمئنان ، لا سلاح بعده قادر على التأثير ولا شيء يحتم على نصر المظلوم أي تأخير تعويضا لصبره مرفوقاً بما يستحق من التقدير والعِرفان . المملكة الاسبانية بحكومتها الحالية أعجز ما تكون على محاربة حتى ما ينهش داخلها من ركود غير مسبوق يطال ركيزة نمائها السابق “السياحة” بدليل الفنادق الضخمة التي أغلقت أبوابها في أعز مواسم الاصطياف والاستجمام حيث كانت في يوم من الأيام اسبانيا تحتل الصفوف الأمامية في الميدان ، لتصبح بقدرة قادر تبحث عن تعويض المتضررين العاطلين عن مزاولة نشاطهم في استثمار كلفهم ما لا يحلمون حاليا في التمتع ولو بربع ميزانياته ولا تقْدر لذلك سبيلا ، حتى إن خفَّفت تلك الحكومة بوعودها الفارغة من أي التزام بالتنفيذ ، فبأي وجه أو أسلوب تقابل بها معظم الأسبان حينما تصاب بوعكة حرمانها من السمك المغربي أكلاً وصيداً.
ووجود نفسها بين عشية وضحاها أمام اضطرابات المتعودين على مثل الحرفة ، وعددهم لا يقبل در الرماد في العيون ، عِلماً أن أكل السمك بالنسبة للشعب الاسباني ضرورة من ضرورات معاشهم لا يمكن الاستغناء عنها ، وعشرات المشاريع المعرضة لفوضى التدبير حالما يعود رئيس تلك الحكومة من زيارته للولايات المتحدة الأمريكية ، خلال العشرين من هذا الشهر يوليوز ، خاوي الوفاض إلا من سياسة أكل الموز ، لاسباب أن إدارة الرئيس “جو بيدن” لن تدخل بأي حال من الأحوال ، في تغليب كفة اسبانيا على كفة المغرب في ميزان ، العدالة الأمريكية ماسكة به حفاظاً على مصالحها المباشرة وغير المباشرة ، والمغرب يشكل طرفاً أساسياً فيها بالنسبة لتلك المنطقة المنتمية لعمق القارة الإفريقية ، أو غيرها من المناطق وبخاصة في الشرق الأوسط ، المملكة الاسبانية التي تقودها الحكومة الحالية لا زالت غائبة عمَّا شهده ويشهده التحرك الدولي القائم على تشديد وتقوية تحالفات مدروسة منافعها من طرف جهابدة المجالات الاقتصادية والعلمية والسياسية ، لقد كشفت اسبانيا علي حقيقتها تلك التصرفات التي قابلت بها المملكة المغربية لتراهن على علاقة هشة لا تفيدها في شيء ، مع أفكار بالية قذف الأذكياء من الدول الحكيمة بها إلى سراب النسيان ، والانتباه للآتي الراغب في التعاون المثمر مع الأقوياء اقتصادياً وعلمياً وسياسياً ، لذا ولما سبق ذكره ، المملكة الاسبانية أعجز من أي وقت مضى في اللجوء لمواجهة المغرب عسكرياً ، لأنها إن فعلت ستنهار جبهتها الداخلية بالتأكيد ، وما يغلي في “طنجرة” كتالونيا نبدأ بذكره قبل ما يُخطّط له في “سان سِيبَاسِتِيانْ” بالشمال الشرقي الاسباني القريب جدا من الحدود مع أقصى جنوب فرنسا ، وأقرب لذلك منتشر في بعض جهات شبه الجزيرة الأيبيرية التي ينخرها سوس سياسة بعض الأحزاب ذات الارتباط مع تطورات تُطبخ داخل أوروبا الاتحادية ، وجب البحث عن خيط من خيوطها في ألمانيا .
المسألة متشابكة لحد بعيد مما يجعل المملكة الاسبانية عرضة للتمزّق ما دامت قائمة سياستها السيادية على اعتبارات تمزج القوائم الدائمة بالسَّطح المؤقت ليكون الناتج اهتزاز البنيان، المشيَّد بمرور حضارات وثقافات أضافت ما أضافته ليشهد التاريخ بعراقة ذاك الجسم لو تُرِك على أصله دون القفز لأطراف افريقية ، ستكون السبب في إعادة النظر كي لا يصاب المجهود المبذول من قرون إلى تمام الانهيار . المملكة المغربية حفاظاً على السلام ، قدمت بالفعل وليس الكلام ، عقوداً من ضبط النفس ممّا استحقت عليه الاحترام ، فأقل ما تقوم به اسبانيا حاليا الشروع فيما يجعلها تنسحب من تلك الأجزاء المغربية ودم وجهها غير مُغيَّر، وإلا ما سيذكره التاريخ سيضحِك عليها الأجيال ، وكما لنا فرصة الانتظار ، لها ضيّق أو واسع النّظر.
التعليقات مغلقة.