شعارات الدخول المدرسي وسؤال القيم؟
الحبيب عكي
لقد دأبت وزارة التربية الوطنية على وضع شعار لها بداية كل موسم دراسي، تختاره عن دراية وتركبه بعناية وهي ترجو به ومن خلاله إثارة اهتمام كل الفاعلين وتوجيه جهود كل المتدخلين للتظافر والتعاون على الحد من مظاهر تربوية مخلة عميقة وتحديات ومستجدات جوهرية، علاجها ولا شك سيؤدي إلى علاج غيرها من الظواهر المعيقة والتي ترتبط بها بشكل من الأشكال وهي تؤسس لكل مظاهر الإعاقة والتوثرات المزمنة والمستفحلة في القطاع، وكل هذا سيساهم ولاشك في وضوح الرؤية ودقة الوسائل ومعيارية المؤشرات لتحقيق المقاصد التربوية والغايات التنموية والقيم الوطنية الحضارية التي شئنا أم أبينا ما وضعت المدرسة إلا لتحقيقها ورعايتها، وإذ بظروفها الحالية وروتينها اليومي أصبحت وكأنها تغتالها بضراوة من فضاءاتها وتجتثها بلا هوادة من كل الفضاءات المجتمعية؟.
جميلة إذن، هي سياسة وضع الشعارات التي دأبت على وضعها الوزارة، وأجمل منها أن تكون هذه الشعارات والمعالم الإرشادية قد اختيرت بعناية وهي تطفح بكل معاني التربية والواقعية والإصلاح..ـ والطموح والجدية والنجاح، وهو ما توفقت في مجمله الوزارة إلى درجة كبيرة ويقف عليه بكل يسر وسهولة كل مستقرئ لشعاراتها، على الأقل في السنوات الأخيرة:
-
2016: “التربية والتكوين مسؤولية لتنمية شاملة“.
-
2017: “دخول مدرسي في محيط نظيف وآمن “.
-
2018: “الضبط والانضباط رهان مدرسة مواطنة“.
-
2019: “من أجل مدرسة مواطنة ودامجة“.
-
2020: “من أجل مدرسة متجددة ومنصفة“.
-
2021: “من أجل نهضة تربوية رائدة لتحسين جودة التعليم“.
-
2022 / 2023 / 2024: “من أجل مدرسة ذات جودة للجميع“.
التربية.. التكوين.. التأهيل.. المواطنة.. السلوك المدني.. المحيط الآمن.. الدمج والإنصاف.. تكافؤ الفرص .. مدرسة النجاح والشراكة والانفتاح.. الرقمنة والتناوب والجودة.. إلى غير ذلك من الشعارات الجيدة والعميقة، ولكنها –مع الأسف– تبقى مجرد شعارات أو تكاد، ولم تستطع إقناع أي كان حتى واضعيها المنصفين بشيء من أثرها الإيجابي على أرض الواقع الذي لا زالت تستفحل فيه مظاهر التردي والقلق التربوي على مختلف المستويات وفي صفوف شتى الفئات، التي لا تخجل من أن تضع لها شعاراتها الحقيقية مقابل الشعارات الوهمية للوزارة، ومن ذلك:
-
“تزاحموا تراحموا“، تعبيرا عن ظاهرة الاكتظاظ التي لا تطاق.
-
“العكر فوق الخنونة“، سخرية من صباغة الأقسام في عهد “حصاد“.
-
“لا زالت دار لقمان على حالها“، تعبيرا عن غياب أي جديد في المؤسسة.
-
“اللي في راس الجمل في راس الجمال“، توقيع المذكرات وعدم تطبيقهـــــــا.
-
“اللي بغا يربح العام طويل“، تأسيسا للكسل والغياب والفرار عند التلاميذ.
-
“عادت حليمة إلى عادتها القديمة“، استسلام أمام تفشي الفوضى التربوية.
التعليقات مغلقة.