أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

صفرو:ماذا تبقى من حي الحدادين القديم ؟

محمد كمال لمريني

زنقة الصنتع التقليديين ،هكذا سمى Marcelin Flandrin ( رسام فرنسي ولد بعنابة الجزائر سنة 1889 وتوفي بالبضاء المغرب سنة 1957 ) زنقة الحدادين وكذلك صورها ،أقرب إلى لوحة زيتية تصور حي الحدادين عاكسة مستوى العيش الذي كان عليه المكان .

كان حي الحدادين القلب النابض للمدينة ،هو حيها الصناعي الذي كان يؤمن للمدينة ومحيطها أذوات العمل ويحول ويسوق بعض منتجاتها….كان الحي ضاجا بالحياة ويساهم في خلق الثروة .

اجتمعت في الحدادين الحرف الأساسية المرتبطة بالفلاحة النشاط الرئيسي للساكنة عبر العصور بفضل خصوبة للأراضي المحيطة بالمدينة وموقعها الطبيعي ووفرة مياه السقى التي يؤمنها واد Aggay .


ضم حي الحدادين عدة ورشات للحدادة أمنت جل الأدوات التي تحتاجها فلاحة واحة صفرو ومحيطها ،ولقد استطعنا حصر عدد منها ،فلقد صنع الحداد الصفريوي سكة المحراث وعددا من الأدوات الفلاحية :الصابة ،المنقاش ،القادوم ،الچانشو ،المنجل ،الحذوة ،المسامير والأقفال ،بالإضافة إلى السكاكين وقضبان شي اللحوم في الأعياد ،ولعل أبرع ما أتقنه الحداد الصفريوي هو شبابيك المنازل ونوافذها في أشكال هندسية بديعة .

إلى جانب الحدادة ،شهد الحي تواجد مجموعة من الحرف المرتبطة بالفلاحة أساسا ،مثل العوادين الذين كانوا يؤمنون المحاريث للفلاحين وعصي المعاول ،والمدراة ،وصناديق تعبئة بعض المنتجات الفلاحية أو تربية النحل ،كما أمنوا عددا من الأدوت المنزلية مثل القصعة ،المهراز ،وصلة الخبز ،الملاعق والمغارف..وغير ذلك ،وحرف أخرى للعناية بالدواب : السمّار(حذاء الدواب ) الذي يقوم بتهذيب وتقليم حوافر الدواب ووضع الخوذات عليها ،و البردعي الذي يؤمن تجهيزات الدواب ،وصناع السلال و القفف ،ماهيك عن الدرازة الذين يقومون بتحويل الصوف إلى ألبسة وأغطية وغيرها ،يذكر في هذا الصدد أن حي الحدادين كان يحتضن سوقا أسبوعيا لخيوط الصوف التي قامت بغزلها نساء المدينة ومحيطها .

كما اشتمل الحي على فندقين لإيواء دواب القرويين الذين يحجون للمدينة لتسويق منتوجاتهم وتأمين حاجياتهم ،بالإضافة إلى سوق للملابس والصاغو والحلاقين والخياطين ومطاعم شعبية فيلية وغيرها من الأنشطة المرتبطة بمعيش المدينة .

ماذا تبقى من حي الحدادين القديم ؟
انقرضت جل الحرف التقليدية بحي الحدادين تبعا للتحولات الإقتصادية والإجتماعية التي عرفتها المدينة ومحيطها ،وبحكم تراجع مكانة الفلاحة في حياة الساكنة وخلق الثروة كان من الطبيعي أن تندثر الأنشطة المرتبطة بها ،تقلص عدد ورشات الحدادة ،واتقرضت كل الحرف المرتبطة بالدواب والماشية ،وفي المقابل تطور عدد المطاعم الشعبية بشكل سرطاني محولة صورة المكان .

التعليقات مغلقة.