فاطمة أوطيب، قصة إنسانة، قبل أن تكون قصة امرأة، ومعاناة في تفاصيل الجشع المرتبط بمافيات الاتجار في الحياة، كما الموت، والتضييق على قيم الجمال بالإشاعة والحصار، في ظل دولة الحداثة وتقدير مكانة المرأة في المجتمع وفق التوجيهات الملكية السامية، فهل ستتدخل السلطات المسؤولة من أجل إنصاف نصف المجتمع والضرب على يد كل آليات نشر العبث وإفساد البسمة والحياة.
التفاصيل ترجع بنا إلى الأطلس معقل المقاومة، وبالضبط لمدينة صفرو، حيث تواجه فاطمة أوطيب التي انطلقت في موكب الحياة المتعثر، بالبسمة المرتبطة بتقدير القيمة الإنسانية، وانسيابية أغنيات الحياة المفعمة بروح الأسرة والانتماء لوطن الفعل والحداثة المحتضن لكافة ابنائه وبناته.
فاطمة أوطيب ذات 28 ربيعا، التي رأت النور ب”امداز” ب”سكورة” الأمازيغية، بإقليم بولمان، الأم لأربعة أطفال، تحدت ضغط المسؤولية لتحصل على الباكالوريا كحرة، إضافة إلى حصولها على دبلوم مسعفة من الهلال الأحمر، لكن قادتها ظروف مرض ابنتها المريضة ب”الكلاوي” لاحقا، لأن تجتهد لتسعف فلذة كبدها وتتحدى كل الظروف، وتصونها أمام عينيها وبقلب الام الحنون، ليقودها قدرها إلى الحصول على دبلوم التمريض، والعمل بمستشفى محمد الخامس في اطار مرحلة تدريب، في البداية كانت الفكرة عائلية، العناية بفلذة كبدها، لتتوسع إلى احتضان كافة الآلام، وكانت تساهم في القوافل الطبية كمتطوعة.
رحلتها هاته وتوفرها على رخصة السياقة، جعلتها تحوز الثقة، علما أنها حائزة على رخصة السياقة، ليتم اعتمادها كسائقة لسيارة الإسعاف، رغم صعوبة العمل من هناك، حيث الخوف سلطة، والمضايقات منهاجا، والمنطق الذكوري النفعي قاتل للاستمرارية، خاصة من العاملين في سيارات الإسعاف الخاصة، الاستهزاء، القذف، والتحريض، والحصار، والمؤامرات…، منهاج عمل من فقد قيمة الإنسان في داخله.
رغم كل شيء استمرت “فاطمة” في التحدي مسلحة بإرادة مساعدة الآخرين كما ساعدت ابنتها، لم تستسلم رغم المضايقات والأقاويل الماسة بالشرف والكرامة من قبل وحوش تلبس كسوة إنسان، المهم هو تملك الروح والقوة، اللازمتين للنجاح من خلال القيم الإنسانية التي تحملها هاته المهنة الشريفة، والحافز مساعدة كل من يحتاج إلى المساعدة بالمجان أحيانا، أو بملأ الكازوال فقط، وهو ما عمق جراح الهجوم عليها وفتح عليها حرب المصالح، ومافيات الاتجار بآلام الناس، إحساس بالحكرة أحسته، طرقت أبواب المسؤولين لكن لا حياة لمن تنادي، ومع ذلك ظل الإصرار ملازما لها، وتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس منيرا لسبيلها للسير إلى الأمام رغم جشع الذئاب الغاذرة والماكرة.
التعليقات مغلقة.