الرباط، المغرب – 30 يونيو 2025: في خطوة واعدة لتعزيز الأمن الغذائي بالمغرب ومواجهة الآثار المتزايدة للتغيرات المناخية، تم الإعلان عن صنف جديد من القمح الصلب يحمل اسم “جواهر”. يعول على هذا الصنف كأحد الحلول الزراعية الفعالة لمجابهة تحديات الجفاف وندرة المياه التي تواجه القطاع الفلاحي في المملكة.
“جواهر”: ثمرة أبحاث علمية وشراكات دولية
يعد صنف “جواهر” الجديد ثمرة أبحاث علمية متقدمة قادها المعهد الوطني للبحث الزراعي، بالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا). هذا التعاون يأتي في إطار مشروع BOLD، الذي يحظى بدعم من صندوق المحاصيل (Crop Trust)، ويهدف إلى حماية التنوع البيولوجي الزراعي ودعم التنمية المستدامة.
يعتمد المشروع على تقنيات حديثة تقوم على تهجين أصناف القمح المزروعة مع أنواع برية قديمة، عُرفت بقدرتها التاريخية على التكيف مع البيئات الصعبة دون تدخل بشري. وفي هذا السياق، أكد بنجامين كيليان، الباحث البارز في “كروب تراست”، أن هذه الأنواع البرية تحمل في مادتها الوراثية مفاتيح حقيقية لتطوير محاصيل قادرة على مقاومة التغيرات المناخية.
نتائج ميدانية واعدة ومردودية عالية
خضع صنف “جواهر” لاختبارات ميدانية مكثفة انطلقت منذ عام 2020 في مناطق رئيسية مثل الصويرة، تزنيت، وآسفي. وقد أسفرت هذه الاختبارات عن نتائج مشجعة للغاية، حيث تجاوزت المردودية 15 قنطاراً للهكتار الواحد، وهو ما يمثل زيادة ملحوظة مقارنة بـ10 قناطير فقط التي تحققها الأصناف التقليدية المجاورة. وقد أكد أحد المزارعين المشاركين في التجربة من إقليم الصويرة أن الصنف أظهر أداءً جيداً ومرونة حتى في ظل ظروف الجفاف، معرباً عن استعداده الكامل لمواصلة زراعته في المستقبل.
تسريع عملية الإكثار والتسويق بحلول 2027
بهدف تسريع تبني هذا الصنف الجديد وتعميم الاستفادة منه، منحت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية ترخيصاً استثنائياً لتوسيع عملية إكثار البذور. ومن المتوقع أن يتم تسويق هذه البذور على نطاق واسع في أفق عام 2027. ويُشرف على هذه العملية جهات فاعلة رئيسية في القطاع الزراعي، بما في ذلك المركز الدولي “إيكاردا”، وشركة سوناكوس، والجمعية المغربية لمضاعفي البذور، إلى جانب الفيدرالية الوطنية البيمهنية للبذور.
من جانبه، شدد الخبير الزراعي في إيكاردا، فيليبو باسي، على ضرورة تعميم استخدام هذا الصنف على نطاق واسع لضمان أثر ملموس في حياة الفلاحين، مؤكداً أن تطويره تم بالتعاون الوثيق مع المزارعين المحليين لضمان قدرته على تحمل أقسى الظروف المناخية.
إنجاز غير مسبوق ودعوات لتوسيع نطاق الأبحاث
اعتبر الدكتور موحى فراحي، رئيس قسم التحسين الوراثي بالمعهد الوطني للبحث الزراعي، أن الوصول إلى مرحلة التسويق في غضون أربع سنوات فقط يعد إنجازاً غير مسبوق في مجال الأبحاث الزراعية، وذلك بفضل الشراكات الفعالة والدعم المؤسساتي.
وفي السياق ذاته، نوّه الخبير في الهندسة والعلوم الزراعية، كمال أبركاني، بأهمية هذه المبادرة، مؤكداً أن تطوير الأصناف الزراعية عادة ما يستغرق ما بين 5 إلى 20 سنة وفقاً للمعايير الدولية. ودعا أبركاني إلى تعميم هذا النوع من الأصناف، خصوصاً لدى الفلاحين الصغار والمتوسطين، مع ضرورة تكييف الزراعات حسب خصوصيات التربة والمناخ والضوء في كل منطقة. كما اقترح اعتماد تجارب موازية لاختبار ما بين 21 و30 صنفاً في عدة جهات بالمملكة، وعدم الاكتفاء بالقمح الصلب، بل توسيع الاختبارات لتشمل الشعير، القطاني، الخضروات، والفواكه، خاصة وأن المغرب استثمر بشكل كبير في تطوير الزراعات المتكيفة مع التغيرات المناخية.
التعليقات مغلقة.