أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

طاحَتْ الصَّمْعَة عَلْقُو الحَجَّام

صلاح بوسريف

ينطبق هذا المَثَل، على علاقة الدولة بِمُوظَّفِي القِطاع العامّ. فما يعرفه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من اخْتِلالاتٍ، أمرٌ لا دخل للمُوظَّفِين فيه، لأن هؤلاء، ليس لهم خَيَار في أداء مُسْتَحقَّاتِم، بل إنها تُقْتَطَع من أجورهم، منذ أوَّل راتِبٍ يتلقَّوْنَه في حياتهم الوظيفية إلى آخر راتبٍ، قبل أن يتقاعدوا، ما يعني أنهم غير مسؤولين عن اخْتِلالات الصندوق، ولا دَخْل لهم في ما يجري فيه من إفلاس، بل إن الدولة هي المسؤولة، ما دامت هي المُشْرِفَة على ودائع هؤلاء الناس. 

تمديد سِنّ التقاعُد، والاقتطاع من رواتب الموظفين، لترميم بعض ما في هذا الصندوق تصدُّعات وشُروخ، وما تعرَّض له من إفلاسٍ، أمر يقتضي، أولاً محاسبة المسؤولين عنه، ومتابعتهم قضائياً، لأن هذه أموال أُسَر، وشقاء سنوات من الكَدّ والعمل، رغم هزالة ما يتقاضاه المُتقاعِد عن العمل من راتب، ولِما تفرضه الدولة على رواتب التقاعد من ضريبة، رغم أنَّ هذه الرواتب، كانت تُؤَدَّى عنها الضريبة أثناء عمل الموظف. لم يتم هذا، ولا أحد حرَّك الساكن، بل إنَّ الجميع ذهبوا إلى جيب الحجَّام، لِسَدِّ العجز، وبعض الخصاص، إلى حينٍ. 

فالجميع يعرف أن رئيس الحكومة السابق، من حزب العدالة والتنمية السيد عبد الإله بنكيران، الذي ظل يتباكى، ويدَّعِي الفقر والحاجة، إلى أن تقاضى تقاعُداً فاقَ الخيال، هو مَنْ كان وراء هذا القرار المُجْحِف، وهو من أجْهَزَ على خُبْزِ الموظفين وعرقهم وشقائهم، فكما مدَّد في سنوات الشقاء والكدح والعمل، فرض الاقتطاع من الرواتب الهزيلة لهؤلاء، بدعوى إنقاد ما يمكن إنقادُه، عِلْماً أن هذا الشخص، لا هو فقير، ولا هو مُعْوِز، ولا هو في حاجة إلى هذا التقاعُد، وإلى سيارة الدولة، رغم أنه ليس مسؤولاً في الدولة، واستفاد من راتبه كرئيس للوزراء، ومن التعويضات التي كان يتلقاها من هنا وهناك، وما له من مدارس خاصَّة، وما يعلمه وما لا يعلمونه من مداخيل وممتلكات أخرى.

أليس هذا هو العبث بعينه، والضحك على ذقون الناس، واستعمال الدِّين لاحتلال مناصب الدولة، ليس للبناء وإحقاق الحق، أو لإنصاف المُعْوِزِين ممن أوْصَلُوا بنكيران وحزب الإخوان إلى ما وصلوا إليه، بل لقهر هؤلاء في مقابل غيرهم من الميسورين، الذي حصلوا دائماً بامتيازات مادية ومعنوية، ولم يستطع بنكيران مواجهتهم، أو الاقتراب منهم، لأنهم كانوا أقوى منه، وأشهروا في وجهه أسلحتهم التي جعلته يتراجع إلى الوراء، ويكتفي بالقصاص من الموظفين البسطاء، ومن الطبقة الوسطى، بصورة خاصة، ويُطْرَد من السلطة، ليتباكَى على أعتباها لبلوغ مآربه، بالحصول على تقاعد غير مُسْتَحقّ بالمرَّة، ولا هو جدير به.

إنه أوج العبث، وأوج السَّخَف والسقوط والانهيار، أن نأكل أموال الناس بالباطل، ونأتي لِندَّعِيَ الفقر والعَوَز، لأجل أن نعيش حياة الأثرياء. أين العِفَّة، والقناعة التي كم دَعَوْتُم الناس إليها في مواعظكم، وفي ما كنتم تلقُونه من دورس، باسم الدِّين، في المساجد، وفي تجمعاتكم الدَّعَوِيَة، أأعماكُم المال والجاه، في مقابل الله الذي لم تَعُد لكم حاجة به يااااا هؤلاء؟ أهذا هو ما أوصَى به الدِّين، أهذا هو طموحكم، أن تهلكوا زرع ونسْل الآخرين، لتُحْيُوا زرعكم ونسلكم، وليس يهمكم ما لحق الآخرين من طوفان؟ فلا تنسوْا أن السِّحْر، وفق النص الديني، الذي استعملتموه للمُتاجرة به، ينقلب على السَّاحر، وأن عَرَق وشقاء وتَعَب الملايين من العمال والموظفين، هو وديعة، أسَأْتُم حمايتها، والحِرْض عليها، بما فرضتموه من إجحاف في حق هؤلاء، بغض النظر عن الذين سرقوا عرقهم، وأكلوا شقاءهم، وها أنتم، أيضاً، تأكلون شقاءهم، بما ترغبون فيه من رفاه، حرمتُم منه غيركم من خلق الله، من يمشون في الأرض، ساعين مُتْعَبِين في مناكبها.

التعليقات مغلقة.