طنجة تتمدد.. والأحياء العشوائية تخنق الحلم
بقلم: عيدني محمد
أصوات من الرباط
طنجة، 7 يناير 2025: تعيش مدينة طنجة، عروس الشمال المغربي، واقعًا حضريًا متناقضًا. فبينما تشهد المدينة نموًا اقتصاديًا واستثمارات أجنبية واعدة، يلتهم التوسع العمراني العشوائي أطرافها، مخلفًا أحياء هامشية تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة، ومفاقمًا بذلك مشاكل الفقر والبطالة.
هجرة واستثمار.. والنتيجة أحياء مهمشة:
النمو السكاني المطرد الذي تشهده طنجة، مدفوعًا بالهجرة الداخلية من مختلف مناطق المغرب بحثًا عن فرص عمل، إضافة إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية، فاق قدرة المدينة على التخطيط والتنظيم. هذا الأمر أدى إلى انتشار البناء العشوائي وغير المنظم، خاصة في الضواحي والمناطق الهامشية، حيث تنمو الأحياء بشكل عشوائي دون تخطيط مسبق أو مراعاة للمعايير العمرانية والصحية.
غياب البنية التحتية.. معاناة يومية:
يشتكي سكان هذه الأحياء العشوائية من غياب البنية التحتية الأساسية، حيث تعاني من نقص حاد في الطرق المعبدة وشبكات الصرف الصحي والماء والكهرباء. كما يفتقر العديد منها إلى المرافق التعليمية والصحية، مما يضطر السكان إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى المدارس والمستشفيات، في ظل غياب وسائل النقل العمومي الكافية.
الفقر والبطالة.. وجه آخر للمعاناة:
تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي في هذه الأحياء، حيث ترتفع معدلات الفقر والبطالة بشكل ملحوظ. يجد الكثير من السكان صعوبة في الحصول على فرص عمل مناسبة، مما يضطرهم إلى الاعتماد على أعمال غير نظامية وهشة لتوفير لقمة العيش. هذا الوضع يؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية والأمنية، ويزيد من شعور السكان بالإحباط والتهميش.
تحديات أمام التنمية المستدامة:
يمثل التوسع الحضري العشوائي في طنجة تحديًا كبيرًا أمام جهود التنمية المستدامة التي تسعى المدينة إلى تحقيقها. فغياب التخطيط العمراني السليم وتدهور البنية التحتية يؤثران سلبًا على البيئة والاقتصاد والصحة العامة، ويعيقان قدرة المدينة على استقطاب الاستثمارات وخلق فرص عمل جديدة.
الحلول ممكنة.. ولكنها تتطلب إرادة سياسية:
لمواجهة هذه المشكلة المتفاقمة، يتطلب الأمر اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة من قبل السلطات المحلية والمركزية. يجب وضع خطة شاملة للتخطيط العمراني، تتضمن تحديد مناطق البناء وتنظيمها، وتوفير البنية التحتية اللازمة للمواطنين. كما يجب محاربة البناء العشوائي بشكل فعال، وتطبيق القانون على المخالفين.
بالإضافة إلى ذلك، يجب دعم المشاريع التنموية التي تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للسكان في الأحياء العشوائية، وتوفير فرص عمل للشباب. كما يجب تشجيع مشاركة المجتمع المدني في عملية التخطيط والتنمية، والاستماع إلى احتياجات ومطالب السكان.
إن معالجة مشكلة التوسع الحضري العشوائي في طنجة ليست مجرد ضرورة عمرانية، بل هي ضرورة اجتماعية واقتصادية وإنسانية. فالمدينة التي تطمح إلى أن تكون مركزًا اقتصاديًا وثقافيًا رائدًا في المنطقة، لا يمكنها أن تحقق ذلك في ظل وجود أحياء مهمشة تعاني من الفقر والتهميش.
التعليقات مغلقة.