أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

عبد الرحيم بوعبيد القائد المستنير

العربي الوافي

هل من الصدف أن يولد عبد الرحيم بوعبيد يوم 23 مارس؟ وهل من الصدف أن يولد سنة 1922 أي تسعة أشهر بعد معركة أنوال الشهيرة وهي إحدى معارك حرب الريف بقيادة البطلين محمد وامحمد بن عبد الكريم؟
هي الحتمية التاريخية التي تقضي بأن يولد رجال أفداد في فترة ما ليكتبوا تاريخهم ويصنعوا في الوقت ذاته تاريخ بلادهم، بما جُبلوا عليه من قوة خاصة، فهم يتمتعون بنوع من التفرد الفكري و الروحي يجعلهم يشدون عن المألوف، بحيث تكون لشخصيتهم “كاريزما”، أي تلك القدرة على السمو والتميز الذي يدعو له باعث ينتاب المرء ويغريه بالانغمار في تلك الروح التي يتداعى لها شعور بضرورة الالتزام بقضايا الجماعة والوطن، وكأن شخصية جديدة حلت فيه وأذابت أنانيته في المجموع.
ذلكم هو عبد الرحيم بوعبيد الوطني الصلب الذي نشر ظله على امتداد التاريخ الحديث للبلاد من المعركة ضد الاستعمار، إلى إعادة بناء الدولة الوطنية، إلى النضال من أجل الديموقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وصحيح أنه من الصعب الإحاطة بتاريخ الرجل وهو جزء من تاريخ المغرب المعاصر، بيد أنه لا بأس من التذكير بوزنه وهو من العيار الثقيل الذي بصم بآثاره على تاريخ بلد وتاريخ الحركة الوطنية وتاريخ حزب. ولعل القارئ المهتم يجد في المذكرات التي نشرتها مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد بعنوان ” عبد الرحيم بوعبيد شهادات وتأملات” ما يشفي الغليل، ويجيب على الكثير من الأسئلة كما ينير الكثير من الزوايا المعتمة من تاريخ البلاد، أو كما جاء في مقدمة الكتاب ” تظل مجموعة الكتابات هذه شهادة ثمينة بالنسبة إلى كتابة تاريخ الحركة الوطنية واستقلال المغرب.
أولا لأنها صدرت عن فاعل يعبر عن آرائه بكثير من الحرية فيما يخص فصولا حاسمة وجهت من دون شك مجرى تاريخنا، ويقدم المؤلف عنها لمحة مذهلة.
وثانيا، لأن الحديث الذي يتميز بأمانة فكرية عالية يفسح المجال لاختراق خطوط الانكسارات والتجاذب والتوترات والتناقضات التي سكنت منذ البداية خيال أولئك الفاعلين، صانعي التاريخ. فوراء المعركة من أجل الحصول على الاستقلال التي قادت الشعور بالوحدة الوطنية نحو التوهج، يتوارى نظام معقد من الأشياء الملتبسة ومن التوترات التي هيكلت الحركة الوطنية من بدايتها”

التعليقات مغلقة.