أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

عصابة مرتزقة اليوتوب والصحافة الصفراء

س . الناصري *

يجد المواطن نفسه محاصرا بنوع جديد ينبث في الصحافة الوطنية بدون رسالة مهنية ولا احترام لأخلاقيات وقيم المهنة.. الأخضر يحرق اليابس دون توجهات ودون رؤية.. في تكريس لما يسمى بصحافة التشهير التي تجيز كل شيء ،تتاجر في الأعراض والأنساب والحوادث والشخصيات.. وتمتد يدها للتشهير بالأطفال والنساء.. مهمتها نشر الادعاءات ومواد الإثارة و “البوز “..

بقدر توغلها في هذا السوق وما خلفه ذلك من جدالات تثير الضجة ، ضحايا كثر عانوا في صمت.. يجترون بحسرة حكاياتهم بدمع العين.. موضوع صحافة التشهير وضحاياه يستحق وقفة للتأمل في حق مواطنين قادتهم الظروف ليكونوا أبطالا دون أن يطلبوا مجد البطولة.

سبب تعاستي مرتزقة

تحكي نعيمة بمرارة لـ “مغارب نيوز ” ، كيف تم استبلادها لدى مرورها في أحد البرامج ذات البعد الإجتماعي بوجه مكشوف ولم تكن تذكر أن ما أقدمت عليه كان استعباطا خلف تأثيرا قويا على حياتها تعترف أنه ” كان خطأ فادحا ارتكبته.. كان موضوع حلقة البرنامج هو : كيف فقدت عذريتي؟.. وقلت أثناء الحلقة بأنني فقدت عذريتي في ظروف خاصة بعد تجربة غرامية وعلاقة رضائية استمرت ثلاث سنوات وبعد زواجي بمدة قصيرة كان طلاقي… كان هذا مضمون الحلقة لأفاجأ في اليوتوب بحمل المقطع الذي تحدثت فيه وتحويره بشكل كامل واتهامي بأنني عاهرة وبسب وشتم وتعابير صادمة ومشاهدات وصلت الملايين.. لم أعد أستطيع أن أفتح اليوتوب حتى لا تطلع صورتي بوجه مكشوف.. لم يعد لي الوجه الذي أنظر به إلى جيراني وعائلتي .. اختبأت عن العالم وسمحت في عملي وأصبحت أعاني من اكتئاب حاد كثيرا ما فكرت معه في وضع نهاية لحياتي.. مصيبتي هي بكارتي.. ما كان علي التحدث لم أكن أذكر أن المجتمع قاس لهذا الدرجة ، ولكن بعد ما مر عام على هذه الواقعة.. تأملت المشهد من جميع جوانبه.. قلت بأنني كنت صادقة وأن ما قمت به كان هو الصواب.. خرجت للعالم وأصبحت أواجه وأعلل موقفي أمام صمت الآخرين الذين يتهامسون.. حقيقة ذاك هو دور الصحافة وأنا كنت واعية بأنني أعبر عن ذاتي ولكن هناك من يحورون الكلام عن مقاصده بدواعي أخلاقية بغية إخراس الأصوات التي تعبر عن ذاتها وما يعج به المجتمع من تناقضات…أعتقد أن البرامج كان واضحا في تصوره و لكن مرتزقة اليوتوب والصحافة الصفراء والباحثون عن نقرات إضافية لا يفكرون في حجم الضرر التي أصبت به وعائلتي ونظرة الجيران وأبي… هم لا يفكرون في كل هذا.. يفكرون في تصريح مثير فيه الكثير من الإثارة ولاشيء أهم بعد ذلك ، ” تضيف ” : أخطر شيء هو صحافة التشهير و التدمير ونشر حقائق زائفة وقلبها بعيدة عن المهنية وعن رسالة قيم الصحافة بوجهها المشرق..”…

شؤم الصحافة يطاردني

يحكي رجل التعليم حسن .. عن الصدمة التي عاشها جراء نشر إحدى الصحف الوطنية.. صورة له مع صديق له تعرض لحالة اغتصاب تحت تأثير حبات منومة..

” كنت في لحظة مرح رفقة أصدقائي وزملائي الطلبة وكنا نتلقى زيارة أحد الأشخاص عند نهاية الأسبوع ، ولأنه كان يعد لنا وجبات العشاء.. فقد وضع لنا حبات من منوم في الأكل ومارس علينا الجنس وقام بتصويرنا ونشر الصور عبر وسائل التواصل الاجتماعي مرفوقة بأرقام هواتفنا.. وأصبحنا داعرين بمعنى الكلمة.. لا يتوقف هاتفي عن المتصلين الراغبين في ممارسة الجنس معي.. بل هناك من يريد أن يستضيفني ويستلطفني من قبيل ماذا يروقني في ممارسة الجنس.. صدمت فيما غادر أخي ولم يعد للمدينة منذ ذاك الوقت.. متحاشيا الحديث مع الناس.. أما أنا فقط أطلقت لحيتي وبعدما كنت أكثر انفتاحا صرت أكثر تشددا ودخلت إلى إحدى الأحزاب والحركات ذات التوجهات الإسلامية المتطرفة بل وأصبحت أكثر غلوا وتطرفا بسبب ذاك التشهير.. و بعد زواجي اكتشفت زوجتي الحكاية وصارت تعيرني بال “زااا.. “… أتحاشى الجلوس في المقاهي.. أتحاشى تلامذي الذين كتبوا بغينا ناكلوا الحلوة.. لذلك قررت الانتقال إلى مدينة بعيدة.. عساني أتخلص من هذا الشؤم الذي يطاردني.. ومن هذا الكابوس الثقيل الذي يخنقني.. جربت الأقراص المنومة.. جربت وصفات الأطباء النفسانيين.. لكن ما يقتلني هو نظرة زوجتي التي تصفني بمانح مؤخرته.. ما يضاعف مرارتي مع صحافة التشهير وكيف خربت حياتي.. أشعر بالفراغ من داخلي وأريد الابتعاد والإنزواء.. أما صديقي فقد غادر المدينة ولم يعد لها قط وغير كل شيء حتى لا يتعرف عليه أحد. يعيش عزلة قاتلة وحيدا بلا زواج ولا يستطيع التحدث عن هذه التجربة القاسية والمريرة “..

لا أستطيع أن أذكر إسمي بالكامل

مليكة من مدينة الدار البيضاء ، موظفة ومطلقة بطفل يبلغ الآن عشر سنوات تعيش بمراكش.. تحكي عن معاناتها مع التشهير على هذا النحو ” كان أخي مسؤولا كبيرا ومهما في مدينة كبيرة.. كنت فرحة.. تزوجت من أحد الموظفين الذي ظل يصر على ذلك.. على اعتبار أنني من عائلة ثرية وأخي مسؤولا كبيرا ولكن الكارثة حينما تم إلقاء القبض على أخي وحوكم ودخل السجن انفض الأصدقاء من حولنا وأصبح مادة إخبارية في الصحف كل يوم.. سجن رفقة آخرين في إحدى الحملات التي قامت بها الدولة فوجدت إسم عائلاتنا وصورنا تنشر في الجرائد بلا حسيب ورقيب حتى قبل المحاكمة.. في العمل أصبح الكل يتجنبني.. حتى زوجي بعد عراكات طويلة واتهامات تم الطلاق لينتقل إلى مدينة أخرى.. لم يتحمل وقع الصدمة والوسم الذي أضحى الكل مقتنع به.. فماذا فعلت وما الذي قمت به؟.. أنا حاصلة على الإجازة في الانجليزية وكفاءتي هي التي أدخلتني إلى منصبي.. ورغم ذلك الكل يصفنا بأننا عائلة من ” الشفارة ” ومصاصي الدماء والمفسدين.. وما يقتلني هو تهامس الذين يؤلفون القصص عنا.. والآن بعد مضي أكثر من عشر سنوات لا تزال قصص مرويات عنا في غوغل.. فقط أن تضع إسم أخي المسؤول الذي كان الكل يخافه ويرتعب منه حتى تنقشع الفضيحة من جديد..لا أريد أن أحكي لك عن فداحة الخسائر النفسية التي لحقت بنا.. إحدى الصحف المأجورة الباهتة التي باعت ضميرها المهني بمتاجرتها في الأعراض وسمتنا بالعار..وكتبت عن ثروتنا التي لا تعد ولا تحصى وعن الأحكام القاسية وعن حالة التشفي بل تمادت وخصصت أكثر من ملف عنا…من الصعب أن نتخلص من هذه المعاناة النفسية التي لازمتني منذ أكثر من عشر سنوات وكيف دمرت حياتي ، لذلك لا أستطيع ذكر اسمي بالكامل.. حتى في الفيسبوك أتكلم باسم مستعار.. والدي وأمي وإخوتي عاشوا كارثة نفسية لمجرد أننا نحمل ذات اللقب… ماذا فعلنا لنعيش هذه المأساة بكل فصولها؟؟؟

الصدمة والموت المعنوي

حياة طالبة جامعية مراكشية عاشت تجربة مريرة بشواطئ الجديدة بقضائها شهرا مع عائلتها بالجديدة بعد حصولها على البكالوريا ولقائها بالصدفة بصديق تحول معه الصداقة إلى علاقة رضائية تحكي تفاصيلها المؤلمة لـ ” مغارب نيوز ” قائلة ” بعد ارتباطي في أقل من شهر كنت أذهب مع صاحبي إلى شواطئ الجديدة ونعيش بعضا من القبل والعناق.. وفجأت وجدت صوري في غوغل وفيديوهات في اليوتوب بصورتي وممارستي الحقيقية .. أسرتي صدمت وفقدوا كل الثقة في أفعالي وأقوالي.. بل تمادى الأمر أن الكثير من الطلبة صنفوني مباشرة على أني عاهرة ومستباحة وباستطاعتي أن أفعل أي شيء.. وتناقلوا وتقاسموا صوري المليئة بالقبلات والعناق وفيديوهاتي.. بل هناك من استخرج صوري ووضعها على مكتب أستاذي.. بكيت بمرارة.. هل أنا الوحيدة التي عشت تجربة عاطفية كانت نتائجها وخيمة وسط 40 مليون من المغاربة؟ ما ذنبي أن أجرب الحب؟ في مجتمع محافظ ومنافق يمارس كل شيء بالتستر ووراء الأبواب الموصدة.. حينما أكون مع البعض يشجبون هذا الفعل الدنئ وحينما يكونون مع بعضهم يتهامسون ها هي العاهرة قادمة.. تحولت في مدة بسيطة إلى عاهرة.. صوري تملئ غوغل.. واليوتوب وهناك مواقع تكتب عني قصصا وتضع صورتي دون معرفة الملابسات الحقيقية.. أحكام مسبقة قاتلة وتشهير بالضحايا ، أتعايش مع الصدمة والقتل البطء..مجروحة نفسيا خاسرة للكثير من الأشياء بفاعل ظل مجهولا عنونني ب بنتك مشات تقرا… اليوم بكامل شجاعتي أقول.. لن أخضع لهذه الإبتزازات وهذا العنف وهذه العقليات المريضة…”..كان شهرا كافيا ليقلب حياة رأسا على عقب.. ويدخلها في دوامة وتبريرات وشروحات هي في غنى عنها بفعل مجهول التقط صورا وفيديو وقام بنشرهما.. ورماه اليوتوب كما يرمي الصياد طريدته سواء أصابها أوهربت أو قتلها في ذات اللحظة.. هناك قتل رمزي ومعنوي وخدش لصورة طالبة في بداية حياتها المهنية…

قادروت تحتاج للمكنسة

“رشيد ليس هو اسمي بل هو اسم مستعار “.. عاش تجربة مريرة مع إحدى الصحف… التي نشرت صورته على أنه ” آكل رمضان ” وخلف صدمة كبيرة لعائلتي.. يحكي رشيد تجربته المريرة ل” مغارب نيوز ” قائلا ” استيقظت على كم هائل من المكالمات والرسائل القصيرة .. شوف جريدة… راك في الصفحة الأولى.. حينما اقتنيت الجريدة وجدت نفسي في صدر الصفحة الأولى وكال رمضان.. لا يهمني نفسي أو ما كتب عني.. لا يهمني نظرة الآخرين الذي يتفوهون بها وبأقاويلهم و بترهاتهم على اعتبار أن ما قمت به يدخل في باب حريتي ومعتقداتي الشخصية.. أتساءل بعد هذه المدة الطويلة وما خلفته من تأثير كبير على أسرتي.. أيستحق هذا خبرا صغيرا كهذا وأن توضع معه صورتي المكبرة في الصفحة الأولى قصد تشويهي.. لماذا يتم إلى اللجوء إلى هذه الأساليب الدنيئة والضحلة بخلط مواقفنا السياسية بحياتنا الإجتماعية والانتقام منا بهذا الشكل البشع؟..

هذه هي صفات صحافة لا تراعي تعاستنا.. وشعور عائلة في مجتمع يؤمن بما يكتب في الجريدة كأنه أمر مقدس.. بل هناك من اشترى أعدادا من الجريدة ووزعها على سكان الحي “..

ينتهي فعل النشر ويدوم فعله في مجمع يتذكر أن القائم بهذا الفعل لا يثاق فيه ولا يمكن مسامحته..

التعليقات مغلقة.