بدر شاشا
في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المغرب، باتت عقود العمل المؤقتة ظاهرة شائعة في سوق الشغل، خاصة في القطاع الخاص. وبينما تمثل هذه العقود حلاً مرحلياً لتقليص نسب البطالة، إلا أنها خلقت تحديات كبيرة للشباب المغربي، الذي يحلم بتحقيق الاستقرار المهني والاجتماعي.
عقود العمل المؤقتة تؤدي إلى غياب الأمان الوظيفي، حيث تكون غالباً قصيرة المدى مما يجعل الشباب في حالة دائمة من القلق حول مستقبلهم المهني. هذه العقود عادة ما تفتقر إلى الحوافز الاجتماعية الأساسية مثل التغطية الصحية والتقاعد والتعويضات، مما يزيد من هشاشة الوضعية الاجتماعية للشباب. بالإضافة إلى ذلك، تحد هذه العقود من فرص الترقية المهنية والتطور الوظيفي، حيث يُنظر إلى الموظفين المؤقتين غالباً على أنهم موارد قابلة للاستبدال وليست جزءاً من استراتيجية طويلة المدى للمقاولة.
تؤثر هذه الوضعية بشكل مباشر على حياة الشباب خارج إطار العمل، حيث يصبح من الصعب عليهم التخطيط لمستقبلهم، سواء من حيث تأسيس أسرة أو الاستثمار في مشاريع شخصية. يؤدي هذا إلى شعور بالإحباط واليأس، ما يساهم في زيادة نسب الهجرة، سواء الداخلية نحو المدن الكبرى أو الخارجية نحو بلدان توفر فرصاً أفضل.
الحلول الممكنة لهذه الإشكالية تبدأ من تعزيز السياسات العمومية التي تشجع المقاولات على تقديم عقود عمل طويلة الأمد وتحفيزها على توفير بيئة عمل مستقرة للشباب. كما ينبغي تعزيز دور النقابات والمجتمع المدني في الدفاع عن حقوق الموظفين المؤقتين وضمان حصولهم على الحد الأدنى من الحقوق الاجتماعية. من الضروري أيضاً أن يكون هناك التزام من طرف الدولة بوضع سياسات تحفز الاستثمار في القطاعات التي توفر فرص شغل دائمة وتحد من العمل المؤقت.
تحقيق الاستقرار المهني للشباب المغربي يتطلب إصلاحاً شاملاً لمنظومة التشغيل، ليس فقط على مستوى القوانين، ولكن أيضاً على مستوى الرؤية العامة التي تربط بين سوق الشغل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
التعليقات مغلقة.