أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

عيد الأضحى في المغرب: من سنة نبوية إلى طقس اجتماعي شبه إلزامي

منال رجاء في الله/ صحافية مغربية 

ونحن على مشارف حلول عيد الأضحى المبارك أو “العيد الكبير” كما يصطلح عليه في الثقافة الشعبية المغربية، يتجدد النقاش حول شراء أضحية العيد من قبل من لهم الاستطاعة، وجواز ترك هذه الشريعة بالنسبة للمساكين والفقراء، خاصة وأن العيد هذه السنة يأتي في وقت انهارت فيه القدرة الشرائية للمواطن المغربي، وبشكل خاص الفئات التي تعاني الهشاشة والفقر، في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة.

إلا أن ذلك ككل سنة، لن يثن المغاربة الذين يضعون هذه السُنة النبوية في مرتبة الفرض، مقدسينها إلى درجة الهوس، ضاربين عرض الحائط مفهوم السنة في الفقه الإسلامي إذ ممارستها تعتبر عملا مأجورا عند الله عز وجل، لكن شريطة توفر القدرة المادية على توفير ثمن الأضحية من سلك كل الطرق المشروعة وغير المشروعة للظفر ب”الحولي بقرونه”.

فيتسابق المساكين قبل المتمكنين مادياً، هروباً من الإقصاء الإجتماعي والوصم بالعار الذي سيلاحقهم، بحثا عن تأمين خروف العيد سواء عبر اللجوء إلى الإقتراض بقصد الحصول على ثمن هذا الأخير؛ إذ تتفنن الأبناك في الكشف عن عروضها المغرية، كما تقدم بعض الشركات قروضا بدون فوائد لعمالها بمناسبة العيد.

أما الرافضون لهذه الصيغة التي يتفق كل علماء الدين على تحريمها، فيلجؤون إلى بيع شيء من ممتلكاتهم ويأتي في مقدمة اللائحة جهاز التلفاز.

في حين تفضل فئات أخرى، التشارك في أضحية واحدة بين عدد من الأقارب، كأن يشارك رب الأسرة الخروف مع أحد إخوانه على سبيل المثال لا الحصر.

بالإضافة إلى اعتماد دغدغة العواطف كحل أخير انطلاقا من مبدأ التكافل سواء الذي يتمثل في المحسنين أو المنظم تحت لواء جمعيات خيرية تعنى بتوفير أضاحي لذوي الحاجة، والتي تنشط بشكل مكثف في هذه الفترة من كل سنة.

ناهيك عن من هو في أتم الاستعداد لأن يصير لصا، حتى يشتري خروفا، في صورة واضحة للرضوخ التام للأعراف الاجتماعية التي باتت تطغى على المناسبة الدينية.

 

وهنا يجدر التذكير بالسرقة الجماعية للأضاحي، التي شهدها سوق “أزماط ” وسط الحي الحسني بالدار البيضاء قبل ثلاث سنوات، حيث تم تداول على نطاق واسع مقاطع فيديو لمواطنين مغاربة يسحبون خرفانا من شاحنة، بعد أن هجموا عليها مع رشق أصحابها بالحجارة.

فكيف يعقل أن يرتضي هؤلاء لأنفسهم أن يطبقوا السنة ذات البعد التعبدي بأضاحي مسروقة؟

إنه حقا التخلف والجهل بمقاصد الشرع!

ولا ننسى أن نسلط الضوء على اتساع أرضية التباهي بالأضاحي بين المغاربة، الذين ينخرطون في سباق التفاخر بحجم الخروف وقرونه، ليضطر الكثيرون منهم إلى إلى تأجيل تسديد الفواتير و شراء ضروريات الحياة الكريمة، وفي بعض الأحيان المخاطرة بحالتهم الصحية وذلك باقتناء كبش العيد بدلا من إجراء عملية جراحية لأن الحالة المادية لا تسمح بالقيام بالأمرين في نفس الوقت، وينتج عن هذا الضغط المجتمعي الرهيب حالات هروب من بيت الزوجية، طلاق، عنف أسري، وصولاً إلى الإنتحار، لتعج منصات التواصل الاجتماعي، بعد النحر، بصور الكثير من مستخدميها وهم يقومون بعملية ذبح وسلخ الخروف على أسطح البيوت، مع عبارات من قبيل “خروفنا أحسن من خروفكم”..!

وفي الختام لا يسعني إلا أن أذكر بأن احتفالنا بالعيد الأضحى المبارك وجب أن يكون نموذجاً للدعوة إلى الله، بإبراز سماحة الإسلام والتكافل الاجتماعي بين المسلمين، و تبادل التهاني والزيارات مع نشر البهجة والسرور في كل مكان ليس إلا.

التعليقات مغلقة.