من المقرف جدا أن يُبتلى المرء بعدو غبي يقوده تهوره إلى ارتكاب حماقات مقرفة.. ومن سوء الحظ أن يكون العدو ساذجا إلى درجة أنه يؤذي نفسه، ويقدم على خطوات لا تخدم أبدا مصالحه.. فيقف المرء مُحبطا من أن عدوه لا يرقى إلى مستوى عدواته.
البوليساريو وصنيعتها لا ترقيان إلى المستوى المطلوب لعداوة المغرب، ويقتلون مشروعهم البئيس بأيديهم، والحمد لله على ذلك.. فلم أدري أهو من حسن حظ المملكة الشريفة؟ أم من غباء أعدائها الانفصاليين؟
أن تهاجم رئيس حكومة زار المغرب بعد ثلاثة أشهر من تنصيبه، باحثا عن الشراكة رابح-رابح، مع حليف استراتيجي مهم في المنطقة، وقوة صناعية واقتصادية صاعدة، فهو السفه والحماقة.. أن تبدأ ولايته بعداوته بدل البحث عن الشراكة والتعاون والتكامل.
بدل أن يبحث الانفصاليون عن تقارب مع الحكومة الجديدة الإسبانية، وبدل بحث الجزائر عن علاقات متقدمة مع الحكومة الإسبانية، يجتهد هؤلاء في صناعة عداوات إقليمية، لا قِبل لهم بها، تغرقهم في أوحال التهميش وتفقير الشعوب.. بدل البحث عن الشراكات الإقليمية، يُجيش الانفصال أتباعه لمهاجمة الشراكات الناجحة.. وعلى الأقل مهاجمة كل ما يتعلق بالمغرب أو التنمية.
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها، هي أن شمال إفريقيا لا غنى لها عن إسبانيا لمد جسور التعاون والشراكة مع أوروبا، لأنها الباب والحجاب.. وإسبانيا لا غنى لها عن شمال إفريقيا، لأنها أيضا الباب والحجاب.. فوجدت المغرب بابا محترما وقريبا جغرافيا، بحكم موقعه الاستراتيجي.. باب من الرخام العتيق والزليج المغربي الأصيل والخشب المنقوش.. طرقته باحترام، فدخلت ضيفا عزيزا.
والحقيقة الأهم التي لا يمكن إنكارها، هي أن المغرب، بفضل الرؤية الملكية المستنيرة، أصبح قبلة للاستثمار والشراكة الجادة، جالبا لرؤوس أموال من شتى أنحاء العالم، من مشارق الأرض ومغاربها.. الحقيقة البادية للعيان أن مغرب 2024 ليس هو مغرب 2014، ولم يكن كذلك في 2004، إنه قطار يسير بدون توقف.. قطار سريع.
وإسبانيا 2024 ليست إسبانيا ستينات القرن الماضي.. إنها فرصة لتصحيح المسار وبناء عهد جديد من الشراكة الجادة المثمرة.. إنه عهد رابح- رابح.
لقد ولى زمن الزعامات والقومجيات والإيديولوجيات، إنه زمن الاقتصاد والصناعة والتنمية، زمن ضمان العيش الكريم والحماية الاجتماعية والذكاء الاصطناعي.. ولكم في جنوب شرق أسيا دروسا لا يدركها إلا ذو حظ عظيم.
ومن الحقائق التي يجب استحضارها أيضا كلما ذكرنا هذا النزاع المفتعل، هو أن شيوخ قبائل الصحراء المغربية، أكدوا جميعا مغربيتهم، ويجددون البيعة والولاء لجلالة الملك، منخرطين في بناء الدولة الحديثة، ولهم مكانة رفعة وشرف، ومن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون.. أقولها وأنا ابن دفين السمارة، ابن المخلصين الشرفاء الأبرار، الذين تشبثوا بوطنيتهم..
أولئك آبائي فجئني بمثلهم .. إذا جمعتنا يا جرير المجامع.
التعليقات مغلقة.