بعد غرناطة
سنة1492، تم طرد المسلمين مع باقي الديانات و من كان معهم من باقي الاتنياث من إسبانيا، لكي تسطر لحظة تاريخية لا تنسى من تواجد حكم المسلمين لشبه الجزيرة الإيبيرية. بعدها ستنشأ ما يسمى ثقافة الحنين لأرض كانت تحت إمرة المسلين لمدة غير قصيرة من الزمان.
اليوم، و بعد ذلك التاريخ، يعتبره الجميع و صمة عار من انهزام الحكام المسلمين في جنوب أوربا، لا زال هناك من يعدد الأسباب التي دعت الحكام المسلمين، أو ما يسمى تاريخيا، حكام الطوائف، أن يصلوا للحد الذي يتخلون مكرهين عن أرض عمروها لمآت السنين، و أن يفقدوا حينها حس توقع النكبة التي ستلحق بهم و تطاردهم تاريخيا و ثقافيا.
و المتتبع لتواجد المسلمين حينذاك، كقوة حاكمة، منذ تواجد عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الأموي القرشي، في ما سمي بالغرب الإسلامي، ووصول الخلافة الإسلامية لأوج العظمة على جميع المستويات، لا يسعه إلا أن يقف متعجبا من التهافت السريع نحو السقوط، و أفول دولة المسلمين لدرجة وصول الملوك الفرنجة لطردهم بترك الطريقة التي قرأناها في كتب التاريخ، و استهداف من بقي منهم ليرتدوا عن معتقدهم في ما عرف بمحاكم التفتيش.
بعد كل تلك السنوات، و انسياب التاريخ بطريقته المعهودة، غير آبه بالإنسان أيا ما كان مكانه أو معتقده، نعود لزيارة المدن الاسبانية، و خصوصا منها الأماكن و المدن الأكثر إشارية لتواجد المسلمين لكي نكتشف، أن التمثيل الأثري لمرور المسلمين يضل صارخا بكل تجلياته، و كأن البارحة عاد بقوة و لو عن طريق الإرث العمراني.
المثير، و رغم أنه يحلوا لنا أن نتغنى بحضارتنا، و قوتنا و أوجنا حينها فلربما ، ونحن في قرن آخر، لا أعتقد أننا كنا سنكون سعداء لو أتيحت لنا الفرصة لنجاورهم. فالهوة التي كانت حينها بين الحاكمين و المحكومين، كانت شاسعة، و الفروقات الإجتماعية و تأثيرها على النفس البشرية كان لها دور في انخفاض منسوب الوطنية و الوطن رغم تجذره في النفوس.
لكن، مهما كان، فالتاريخ سيبقى شاهدا على تواجد الحكام المسلمين في شبه الجزيرة الإيبرية، و ستبقى معه الأحداث بكل تناقضاتها، عنوانا لابد من إعادة قرائته و صياغته من جديد.
د. العمراني عثمان
التعليقات مغلقة.