الحبيب عكي
عندما يهجم الصهاينة هجوما بلطجيا همجيا مسلحا على المرابطين المعتكفين في رمضان في المسجد الأقصى، ويفسدون عليهم صلاتهم وقيامهم وصيامهم بإطلاق النار وقذف الحجارة، وما نتج عن ذلك من إسالة الدماء والاعتقال التعسفي وتدنيس المقدسات وتدميرها بشكل عشوائي همجي متعمد، فذلك هو سلام الشجعان كما يسميه أبطاله، يترك كنيس اليهود في سلام ليفسد على المسلمين في مسجدهم الصيام والقيام وسكينة الاعتكاف وروعة الشعائر وجهاد المرابطة وحراسة القدس؟.
وعندما يمنع الحجاج غير المقدسيين من الوصول إلى المسجد الأقصى وهم القادمون إليه من غزة والضفة وأراضي 48 وغيرها، ليحرموا من راحة الصلاة في بهوه ومتعة الإفطار في ساحته وحلاوة التبضع في القدس وصلة الأرحام بين الأهالي، فذاك سلام حقوق الانسان وحق التنقل وممارسة الشعائر التي ترصد لمنعها الكلاب الضالة والأسلاك الكهربائية والكاميرات الإلكترونية والحواجز العنصرية والتأشيرات الأمنية..، والتي بقدر ما تكون يقظة وصارمة ضد الفلسطينيين بقدر ما تعمى ويعطل مفعولها ضد الصهاينة واقتحاماتهم العدوانية وحفرياتهم التخريبية في المسجد الأقصى؟.
وعندما يجد الفلسطيني صاحب الأرض وهو الأعزل، يجد نفسه محاطا بالعشرات من المستوطنات الإسمنتية من كل جانب، وبالحواجز الأمنية في كل اتجاه، والكلاب الضالة المسعورة والمدججة بالسلاح، فلا يستطيع الوصول إلى عمله، ولا إلى حقله ولا حتى العودة منهم إلى منزله إلا بعدما هي وما لونها من الإجراءات التعسفية المستفزة المذلة الفظيعة، فذلك سلام “إسرائيل” يحرص سورها العنصري، يلف البلاد طولا وعرضا كالأفعى، يكتم أنفاسها، ويفرغ فيها سمها فتموت الضحية بين كماشتها على مهلها؟.
وعندما يتم تهويد القدس معالم وأزقة ومقدسات، واتخاذها عاصمة لبني صهيون واعتراف العراب الأمريكي المجنون وحده بذلك ونقل سفارته إليها، بعد كل ما بشروا به من سلام مقابل الأرض، والذي أصبح السلام مقابل السلام تحول فيه كل شيء إلى أوهام السلام مقابل لا شيء، تهويد القدس على قدم وساق.. تغيير أسمائها بأسماء الرموز الصهيونية المجرمة والأحداث العدوانية الفظيعة، رفع وتيرة بناء المستوطنات ضدا على كل القرارات الأممية التي ترفض شرعيتها، استقدام يهود العالم مقابل رفض حق العودة للفلسطينيين اللاجئين، إنه سلام اللصوص والمقامرة والمغامرة.. انحياز واضخ للمعتدي.. إغراء بالصفقة الصفعة للمعتدى عليه.. خلط بين ملفات القضية والملفات القومية للآخرين بشكل يقيد ويقوض جهودهم في الدعم والنصرة؟.
وعندما تسير المنطقة بقانون الصهاينة الظالم، والذي بموجبه يمنحون لأنفسهم حق مصادرة الأراضي.. بناء المستوطنات.. هدم منازل الفلسطينيين وتشريدهم من حقولهم.. تعكير صفو حياتهم باستمرار الهجومات العدوانية عليهم.. خيانة كل القرارات والمعاهدات معهم.. وأمام كل العالم الذي يكيل زعماؤه بألف مكيال ومكيال.. ويستخدمون ضد القضية في مجلس الأمن “فيتو” وراء آخر، وفي “قممهم” العربية خيانة وراء أخرى، وتطبيع وراء آخر، بل يقطعون المساعدات (أمريكا) ويغلقون المعابر (مصر)، ولا يخجلون حتى من قرصنة بواخر الحرية التي تحاول رفع بعض الحصار والتخفيف من الإعصار؟.
فوراء أي سلام تهرولون أيها المطبعون العرب؟، ولماذا لم يأتي هذا السلام لا في “كامب ديفيد” ولا في “وادي عربة” ولا في حل الدولتين.. ولا في “المنامة” ولا في “الخرطوم” ولا في “الرباط” ولا في.. ولا في..؟. سلام الاقتحامات والمداهمات.. سلام عربدة المقدسات ومصادرة الممتلكات وبناء المستوطنات.. أم سلام.. و سلام.. يا سلام على السلام..؟، لا أعتقد أي سلام يرضيكم ويفسر صمتكم الصارخ.. ولا أعتقد أي سلام ترفضونه وتندد ضده بيانات إدانتكم الباردة ومداد “نقبكم” و”منامتكم” و”رباطكم” لم يجف بعد؟.. فعلى ما تهرولون أيها المطبعون، إنهم الصهاينة، على الميدان، لا يعتبرونكم لا في العير ولا في النفير، ولن يمنحوكم لا من الأرض ولا من السلام حتى القطمير، وهكذا يريد الصهاينة السلام فأي سلامهم تختارون أيها المطبعون المهرولون المهزومون، قال تعالى: “كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ” التوبة/8؟.
التعليقات مغلقة.