أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

فرنسا:  التلاعب بالنظام الانتخابي وعدم الثقة في وسائل الإعلام التعددية والحد من المعارضة..!!!   

 مراكش: السعيد الزوزي

  

سيكره محافظو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المقارنة، لكن هناك أوجه تشابه غير ملائمة بين اجندتهم المحلية والرسول المنتخب حديثاً في المجر والمعترف به ذاتيا والمتمثل في عدم الليبرالية الديمقراطية، “فيكتور اوربان”، القومية الفرنسية المتطرفة والمناهض للهجرة ” مارين لوبان” والقانون والعدالة البولندي الغامض حفلة.

كلهم يصرخون على القومية المتفاخرة ويتجاهلون القانون الدولي، وكلهم يهدفون إلى خلق مناخ معاد للمهاجرين، ويعتقدون جميعاً أنه يجب التلاعب بالنظام الانتخابي لمصلحتهم، وجميعهم لا يثقون في وسائل الإعلام التعددية، ويريدون جميعاً الحد من المعارضة، وتوسيع سلطات الشرطة الموجزة، تميل الى وجهات النظر التقليدية حول الجنس والأسرة، وبدرجات متفاوتة، جميع من ينكرون تغير المناخ، كلهم عادة يذوبون بل و يكذبون.

بالنسبة لتيار الوسط واليسار الليبرالي، فإن التهديد يتمثل في أن الناخبين، بعيداً عن الاهتمام بهذا التراجع عن الانفتاح والديمقراطية إلى الاغلاق القومي المناهض للديمقراطية، يتواطأون معه بسعادة، بل ويصوتون لصالحه.
فاز ” اوربان” بشكل قاطع بثلثي الأصوات في المجر، يوم الاحد الماضي، مع اندلاع الحرب في اوكرانيا، حتى لو تم دعمها وتحريضها من قبل وسائل الإعلام ونظام التصويت المزور، وبالمثل، فإن الناخبين الفرنسيين، بعد أن احتشدوا لفترة وجيزة أمام الرئيس “ايمانويل ماكرون” كقائد حرب، يميلون الآن إلى ” لوبان”، التي من المتوقع أن تخوضه في المركز الثاني في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، في جولة الإعادة الأخيرة في 24 ابريل، قال منظمو الاستطلاعات إن النتيجة قريبة جداً من التكهن – حتى لو كان “ماكرون” لا يزال يعتبر متقدما.

لكن التداعيات السياسية لا تظهر بشكل تقليدي، كما تظهر الانتخابات الفرنسية، قد يرغب الناخبون في التنفيس عن غضبهم على الظلم، ولكن بدلاً من النظر الى اليسار المجزأ من أجل الإصلاح وتأكيد التضامن الاجتماعي، فإنهم يغريهم التفسيرات التي تلقي باللوم على توغلات الاجانب في فضاءهم الوطني ويعتقد الكثيرون أن غير ليبرالية وشبه – تقدم الوطنية العنصرية أفضل رد – “لوبان” هي الاس الرائع.

فرنسا تعرف عداءها العريق للمهاجرين وخاصة المسلمين، لكنها عبرت (فرنسا) في حملتها الرئاسية، وشددت  على أن سياساتها الاقتصادية “الوطنية” التي تفضل الاعمال التجارية الصغيرة والمنتجين المحليين، ستعني الإستقلال عن الاجانب، والمزيد من الوظائف وانخفاض الأسعار.

لقد تخلت عن الحديث عن مغادرة فرنسا للاتحاد الاوروبي – فالطبيعة المدمرة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي واضحة حتى بالنسبة لها- الأمر الذي ساعد على محاكمتها الناخبين في التيار العام، بمساعدة من وجود مرشح مناهض للهجرة أكثر اسرافا، “ايريك زمور”، على يمينها مضيفة لمعقولتها الجديدة الظاهرة، لكنها لاتزال سامة. إنها “عضوية”، وترى المجتمع الفرنسي على أنه “كائن حي يهدده اجساد أجنبية”.

مشروعها هو تجديد المجتمع الفرنسي العضوي من خلال منح الامتيازات للمواطنين الفرنسيين البحتين، وسيشمل هذا انقلابا دستوريا -إعادة كتابة الدستور بجذوره في ثورة 1789-، وتعليق الكثير من قوانين الاتحاد الأوروبي والانسحاب من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وهي تقول إن “السياسة تأتي قبل القانون”، علاوة على ذلك، فإن برنامجها الاقتصادي غير عملي، انتخابها من شأنه أن يقسم فرنسا، ويوقف نهوضها الاقتصادي في مساراتها، ويطلق العنان لشياطين العنصرية، ويصيب الاتحاد الأوروبي بالذهول.

اضطر اليسار الفرنسي، مثل بريطانيا، إلى القيام بعمل صعب متداخل، احتاجت إلى ابقاء خطوطها مفتوحة للمركز المضطرب مع مخاوف بشأن الجريمة والهجرة، مع تحدي أسوأ ميول الرأسمالية، وكذلك تأكيد التزامها بالدعم الاجتماعي القوي، وفوق كل شيء تأكيد ايمانها بأفضل قيم التنوير، لقد فشلت فشلا ذريعا، ويرجع ذلك جزئيا إلى انقساماتها المستوطنة، وجزئيا لأن” ماكرون” قدم عرضا أفضل في الوسط، لكن “ماكرون” يكتشف، كما فعل”توني بلير” في بريطانيا، أنه لا يمكنك أن تحكم كوسطي.

تتكون الائتلافات الحاكمة الدائمة من الوسط ويسار الوسط، أو الوسط ويمين الوسط، وإلا فلن تكون هناك فلسفة سياسية منظمة او ثقل انتخابي كاف، يواجه “ماكرون” صعوبة لأنه تخلى عن الكثير من اليسار.

ومع ذلك، فإن موقف أوكرانيا المذهل ضد الحرب الإجرامية “لفلاديمير بوتين” – ونداءات الرئيس “فولوديمير زيلينسكي” البليغة لأفضل ما يجب أن تمثله اوروبا والغرب  – هو عامل تغيير لقواعد اللعبة، لم يقتصر الأمر على نزع الشرعية عن الاتحاد الاوروبي وجمعه معا فحسب، بل إنه نداء قوي لجميع الناخبين الغربيين حول المكان الذي تؤدي إليه النزعة غير الليبرالية والقومية المتطرفة والقمع.

إن إلقاء اللوم على الأجانب، ومناشدة التصور الصوفي لبلدك ومحاولة تحويلك أنت وحزبك إلى أسياد الدولة بلا منازع، يؤدي إلى ما يحدث في اوكرانيا، يجب على الوسط واليسار -في بريطانيا وفرنسا وفي كل مكان في أوروبا- إثبات هذه القضية، جنبا إلى جنب مع البرامج المجدية اذا كانت عدوانية تجعل الرأسمالية تعمل من أجل الصالح العام، ويقع على عاتق “ماكرون” خلال الأسبوعين المقبلين العثور على الكلمات والطاقة وجذوره المعتدلة من يسار الوسط والشجاعة للقيام بذلك، إنها معركة أوروبية مشتركة، أوقات ملحمية.

التعليقات مغلقة.