فرنسا تحت لهيب ساخن وثورة نائل على الأبواب والجزائر تصف الواقعة بالجريمة الوحشية
محمد حميمداني
يبدو أن ثورة نائل أصبحت على أبواب بلاد الثورة الفرنسية، فالشارع الفرنسي مشتعل، وثلاثة أيام من اللهيب التي اندلعت في فرنسا كانت بمثابة ناقوس خطر استوعبته الرآسة الفرنسية، فهل اعتذار ماكرون كاف لإسكات ما صنعته القنابل التحريضية اليمينية على المزيد من العنصرية وكره الآخر؟ وهل اعتذار الشرطي سيعيد الحياة لنائل ويقضي على العنصرية المقيثة التي سكنت الشارع الفرنسي؟، والجزائر التي ينتمي دم نائل لتفاصيلها غاضبة وتصف المشهد بالوحشي، والعالم يندد بعنصرية الشرطة الفرنسية.
الجزائر التي ينتمي إلى تربتها نائل ضحية العنصرية خرجت عن صمتها ووصفت الجريمة ب”الصدمة” و”القتل الوحشي”، حيث جاء في بيان الخارجية الجزائرية “علمت وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج بصدمة واستياء بوفاة الشاب نائل بشكل وحشي ومأساوي والظروف المثيرة للقلق بشكل لافت التي أحاطت بحادثة الوفاة”.
مقتل نائل المرزوقي يفجر الغضب في فرنسا
خارج لغة البيانات والشجب الذي لقيه هذا الفعل العنصري لفتى محبوب في المحيط الذي يعيش فيه، اجتماعي كما قال مدربه في فريق الريكبي، لا سوابق إجرامية له كما نقل محاميه، ولا يتناول مخدرات ولا أي شيء سالب للعقل، فلم تم سلبه حقه في الحياة؟، يعيش في حضن رضى والدة قبلها وقال لها أحبك ماما، لتقتل وحشية عنصري كل هذا الحب وتشحن الأجواء وتفجر نقمة على قيم الحرية التي نسجتها فرنسا خلال تاريخها، والتي أصابها خطاب الكراهية والعنصرية المغدى سياسيا بالانفجار.
فهل عملية تدقيق مروري تقتضي إشهار السلاح وإطلاق الرصاص، لهو السقوط الإنساني في أقبح مشاهده وصوره، وكيف ستواجه فرنسا ذاتها وتاريخها والأجيال اللاحقة؟ وما المبررات التي ستقدمها تبريرا لجنون ساستها المغدي لقيم القتل بدل قيم الحياة.
هل قدر لموليير ومونتسكيو …، أن يروا ما غرسه التحديث والنهضة شلال دم يسكب وتروى به شوارع نانتير، يومه الثلاثاء الأسود، ومن مسافة قريبة.

الشرطة والادعاء العام كاذبان
الشرطة الفرنسية كاذبة، والمدعي العام الفرنسي كاذب، والقضاء الفرنسي في نقطة مفصلية من تاريخه، دفاعا عن العدالة والحق في الحياة، وحتى وإن سرنا في اتجاه تصديق تفاهاتهم، فهل السياقة بسرعة وعدم الوقوف أمام الإشارة الحمراء تقتضي إطلاق النار وقتل أرواح بريئة؟ إنها قيم التفاهة التي أصبحت تعيش تحت وطأتها فرنسا الحرية والأنوار.
المؤكد أن النيابة العامة قد وحهت، الخميس، تهمة القتل العمد للشرطي الذي أطلق النار مع وضعه قيد التوقيف الاحتياطي، معتبرة أن “الشروط القانونية لاستخدام السلاح لم تتحقق”، لكن المشكل أعمق من ذلك، إنه يكمن في بنية عنصرية زرعها ونماها اليمين وخلق الأرضية اللازمة لانتعاشها وتحطيمها لكل قيم الجمال والحياة.
هل يكفي تعبير الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الأربعاء، عن “تأثره” بما وقع أن يضمد جراحا فتحت وبوحشية اتجاه الأجانب، فأصابت شابا بريئا مفعما بالحيوية والحياة بمقتل، ومرغت كل القيم التي تدعي فرنسا تصديرها وتعليمها لباقي دول المعمور.
الحكومة الفرنسية لم تجد من مخرج لهاته الورطة العنصرية المغذاة سياسيا، سوى الدعوة “للهدوء”، والرئيس الفرنسي دعا،الجمعة، إلى اجتماع جديد لخلية الأزمة الوزارية، في أحلك أيام دامية عاشتها باريس والعديد من المدن الفرنسية.
لكن الرئيس الفرنسي لم ير من الحل سوى إنزال العديد من التعزيزات الأمنية من شرطة ودرك إلى مختلف المدن في محاولة للسيطرة على العنف، لكنه تناسى العنف الممارس من قبل الشرطة والذي أدى إلى الحريق الذي تعرفه باريس وأنحاء مختلفة من فرنسا.

أجهزة الاستخبارات تخشى توسع الاحتجاجات
أجهزة الاستخبارات الفرنسية تخشى من توسع رقعة ثورة نائل لتشمل مدنا عديدة خلال الليالي المقبلة، وباريس تعترف بتوقيف 667 شخصا، ليلة الخميس الجمعة، وهو الرقم الذي أعلن عنه وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، مضيفا أن أعمار الموقوفين تتراوح ما بين 14 و18 عاما.
بشاعة الجريمة أخرجت غاضبين من مختلف المدن الفرنسية ، في سين-سان-دوني، شمال شرق العاصمة، تفجرت اعمال شغب سريعة استهدفت عدة مبان عامة مثل بلدية كليشي-سو-بوا، وفق مصدر بالشرطة.
وفي باريس، تعرضت بعض المتاجر في حي “لي آل” وشارع ريفولي الذي يؤدي إلى متحف اللوفر إلى “التخريب” و”النهب وحتى الحرق”، وفق مسؤول رفيع المستوى في الشرطة الوطنية.
وقررت ثلاث مدن على الأقل قريبة من العاصمة باريس فرض حظر تجول، بعضها لعدة أيام، في كل أو بعض الأحياء، وعلى الجميع أو على القاصرين فقط.
في منطقة باريس، شلت الحركة، حيث توقفت الحافلات والترامواي عن العمل اعتبارا من الساعة التاسعة من مساء الخميس (19,00 بتوقيت غرينتش).
في مرسيليا، ثاني مدن فرنسا، تضررت واجهة مكتبة البلدية، وفق البلدية.

التعليقات مغلقة.