“فضيحة الشيك الانتخابي بفاس: حين يصبح الفساد أداة للهيمنة”
بقلم الأستاذ محمد عيدني
أصوات من الرباط
شكّلت فضيحة حزب التجمع الوطني للأحرار بفاس زلزالًا قويًا في المشهد السياسي، حيث أثيرت اتهامات فساد انتخابي تتعلق بإحدى الصفقات الأخلاقية المثيرة للجدل. هذه القضية، التي ظهرت للعلن مؤخرًا، تكشف العوائق التي تعترض شفافيات العملية الانتخابية، كما تطرح تساؤلات عميقة حول طبيعة العلاقات بين الأعضاء ورؤساء المجالس.
انطلقت الأحداث خلال الدورة العادية لشهر مايو الجاري، حين قام مستشار من الحزب بالكشف عن عملية فساد انتخابي تتعلق بتوزيع شيكات على بعض الأعضاء. لم يكن هذا الفضح مجرد اعتراف عابر، بل أصبح بمثابة جرس إنذار يستدعي الضمائر النائمة في الساحة السياسية إلى إعادة التفكير في كيفية ممارسة العمل السياسي.
تشير التحقيقات التي باشرتها الفرقة الجهوية للدرك الملكي، والتي أمرت بها النيابة العامة، إلى أن هذه الفضيحة قد تكون علامة على وجود ممارسات غير قانونية تمارس في الخفاء. فالشيكات التي تحمل توقيع الرئيس قد تبدو الوسيلة التي تضمن ولاء الأعضاء، لكنها في العمق تكشف النقاب عن سلوكيات غير مسبوقة في تاريخ السياسة المحلية.
هل أصبح الشيك وسيلة لضمان ولاء الأعضاء للرئيس؟
يمكن القول إن الزمن الذي كان سياسيونا يعتمدون فيه على المصداقية والبرنامج الانتخابي يبدو أنه قد ولى، ليحل محله نظام يعتمد على تحويل الأموال كوسيلة لتعزيز السلطة والنفوذ. هذه الديناميكية تشير إلى خطر متنامٍ يُهدد جوهر الديمقراطية، حيث أصبح المال هو المحدد الرئيسي للولاء.
أما عن ظهور الشيكات في هذا التوقيت بالذات، فإنه يثير تساؤلات عدة حول الظروف المحيطة بالانتخابات المحلية والتغيرات التي شهدتها الفترة الأخيرة. مع اقتراب مواعيد الانتخابات، قد تكون محاولات شراء الذمم عبر الشيكات تعبيرًا عن عدم الثقة في البرامج الانتخابية وقدرة الأحزاب على إقناع الناخبين. اليأس والحاجة إلى السيطرة المجتمعية قد يدفعان المسؤولين إلى استغلال الموارد المالية بطرق غير مشروعة.
في خضم هذه الأحداث، يبرز بند عريض يستدعي التأمل فيه: “ما خفي كان أعظم.” فالتحقيقات الحالية قد تفتح الأبواب على ملفات أخرى ذات صلة بممارسات الفساد، مما يستدعي ضرورة المراجعة الشاملة لنظام صناعة القرار السياسي ومحدداته في المغرب. قد نكون على أعتاب كشف حقائق صادمة تكشف عن طريقة تسيير الشأن العام التي تحتاج إلى الإصلاح الجذري.
الصوت الشعبي والإعلام لهما دور كبير في معالجة هذه القضايا، وقد يكون لهما تأثير أكبر في التأثير على مواقف القرارات السياسية المستقبلية. إن لم يكن هناك رغبة حقيقية في التطوير والإصلاح، سنظل نواجه ذات التحديات ونعود لنشهد المزيد من الفساد والممارسات غير المقبولة.
في النهاية، تعد قضية الشيك الانتخابي بفاس موضوعًا يستدعي متابعة دقيقة وتفكيرًا عميقًا، حيث يتجلى فيه تحول قيمي ورمزي خطير في الساحة السياسية المغربية. السبيل للخروج من هذه الأزمة يكمن في وضع حد لممارسات الفساد والتأكيد على سيادة القانون والشفافية، ليعود الثقة في المؤسسات ويستعيد المواطن زمام المبادرة في تشكيل مستقبله.
التعليقات مغلقة.