خطا المغرب خطوات هامة في مجال تكريس الحقوق والحريات والتي كرسها وعمقها دستور 2011، إلا أن بعض العقليات أبت إلا أن تفسد الأعراس الوطنية وتقدم صورا يستثمرها أعداء الوحدة الترابية في تشويه سمعة المغرب، أو تضرب في العمق القيمة الحضارية التي حملها قانون الصحافة عبر سياسة المنع والتضييق على الممارسة على هذا الحق من خلال سياسة المنع والتضييق، وصولا إلى الاعتداء الجسدي، وهو ما ينقل صورة سوداوية عن هاته الممارسة من خلال هاته الزمر المعرقلة لممارستها، كما وقع في افتتاح النسخة 15 من المعرض الدولي للفلاحة المنظم ما بين 02 ماي الحالي وإلى غاية 07 منه، بمدينة مكناس، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، من مشهد تنظيمي أسقط سمو الحدث ومرغ الدورة في الحضيض من خلال منع وسائل الإعلام من تغطية هذا الحدث الدولي الهام.
حفل الافتتاح ترأسه “عزيز أخنوش” و”محمد الصديقي”، بعد انقطاع لثلاث سنوات بسبب تداعيات الجائحة، ضمن نسخة اختارت “الجيل الأخضر لأجل سيادة غذائية مستدامة” شعارا لها.
وهي الدورة التي تعرف مشاركة أزيد من ألف عارض وأزيد من ستين دولة.
إلا أن هذا العرس الوطني الكبير، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أبى إلا ان يحتفي باليوم العالمي للصحافة وحرية الصحافة الذي يتزامن مع الثالث من إيار – مايو من كل سنة بإهانة صاحبة الجلالة والتضييق على سمو ممارستها في ملتقى دولي كبير كان من المفروض أن يتم استثماره إعلاميا لتأكيد موقع المغرب الريادي في مجالات الحقوق والحريات، وتقديم النموذج الذي يدحض ادعاءات الأعداء، وليشكل الإعلام الدبلوماسية الفعلية الناقلة لهاته الصور الجميلة، التي مرغها منظمو معرض مكناس الدولي للفلاحة، المنعقد في دورته 15، في التراب، عبر منع ممثلي وسائل الإعلام من تغطية هذا الحدث الدولي الهام.
الأكيد أن هاته الانواع من العقليات هي التي تعطي لأعداء الوحدة الترابية إمكانية التطاول على قيم الحرية والحقوق المغروسة دستوريا في بلادنا، فلا غرابة إذن إن رأت منظمات إعلامية عالمية ك “مراسلون بلا حدود”، الصورة من موقع النكوص والتراجع، لأن هذا النمط لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينقل قيم الجمال وأن يتحلى بالمسؤولية الدستورية قبل القانونية، وينهم من الروح الوطنية التي أبان عنها المسؤولون الأمنيون، في مقابل شركة منظمة لم تر في الحدث سوى ما يدره من أرباح باعتمادها حراسا لا علاقة لهم لا بالدستور ولا حتى بالروح الوطنية.
إن مصادرة حق الإعلاميين في تغطية حدث وطني وعالمي كبير لهو وصمة عار في جبين المنظمين البعيدين كل البعد عن خلق التنمية والتنمية المستدامة، ولا الدود عن الصور الجميلة التي كرسها المغرب في مساره الدستوري، وزكى جماليتها حضور المنتخب المغربي بكأس العالم الأخيرة، والتي جعلت منه وجهة محببة، وهو ما تعكسه الأرقام الرسمية.
لكن قيم الموت التي تتحرك في مكناس قتلت العشق المستقبل، وأبنت المغرب في سنوات اعتقدنا جميعا أنها ولت بلا رجعة لتطل بأعناقها التي أينعت من بوابة المعرض الدولي للفلاحة بمكناس.
وما يجب أن يعلمه المنظمون، وعلى السلطات الرسمية أن تقطع دبر من يعتدي عليه، هو أن الدستور يعتبر أسمى قانون في البلاد، وأن الشرعية لا تمنحها شركات التنظيم والبحث عن الربح والحصول على صفقات التنظيم، لا تهم الوسيلة المهم الغلة.
لكن وكما يقول المثل المغربي “يأكل الغلة ويلعن الملة” هو حال منظمي المعرض، الذين داسوا على حرية الممارسة الصحافية بسلوكهم الأرعن هذا، وبالتالي على الدستور كأسمى قانون في الدولة الشريفة.
فليس من قبيل الصدفة أن تتساوق هاته الممارسات الشاذة مع ما تغديه تقارير تتحدث عن كون وسائل الإعلام المغربية لا تزال تتعرض لمتاعب.
ما يجب أن تفهمه شركات تركيم الأموال، وأن تأخذه السلطات المختصة بعين الاعتبار، وتفتح فيه بحثا هو أن هذا الفعل يشكل دبلوماسية هذامة لصورة المغرب، تساهم بوعي أو لا وعي في خدمة أعداء الوحدة الترابية وداعميهم.
إن دستور 2011 المصادق عليه شعبيا، أعطى مساحة كبرى للحريات بشكل عام، وحرية الصحافة بشكل خاص؛ خاصة الفصل 28 منه الذي شكل مدخلاً لعدد من التشريعات الوطنية التي وسعت مجال الصحافة والإعلام.
أن يأتي فريق إعلامي يمثل عدة منابر إعلامية ورقية وإلكترونية من العاصمة الرباط لتغطية حدث وطني ودولي كبير، ليواجه بصغار يسند لهم أمر إدارة فعل هو أكبر من جعبتهم المتهالكة.
وتجسيدا لثقافة الاعتراف التي ما أحوجنا إليها لبناء وطن نقي يسع كل أبنائه الشرفاء، لا أشباه الرجال، وعلى عكس هاته الحثالة المتحركة، لاقينا تعاملا مهنيا وإنسانيا كبيرا من قبل رجال الأمن منذ الوهلة الأولى لدخولنا المدينة، والكارثة أن المشكلة صادفناها أثناء دخولنا للمعرض حيث قام رجال الامن الخاص، المتكون من قاصرين وقاصرات، في أول ملاحظة يمكن تسجيلها ضدا على قانون الشغل الذي يمنع استغلالهم في أي فعل، وهو ما تم الدوس عليه من قبل هاته الشركة التي تمارس اغتصاب الطفولة كما اغتصبت الدستور، فعلى الجهات المسؤولة الضرب على يد هاته الشركة بيد من قانون، ومنعها من اغتصاب هاته الطفولة في واضحة النهار.
كل السلوك الصادر من قبل هاته الشركة لا يشرف المشرفين على تنظيم ملتقى دولي، ولا يحيل إلا على سلوك الرعاع من القوم، فما بالك إن كان مكلفا بخدمة ضيوف المملكة المغربية، ماذا سيعكس بفاه الذي لا يقذف إلا المزابل.
نفس السلوك النثن العفن لاقاه الفريق الإعلامي ممن أسميت خطأ مسؤولة عن التواصل “نبيلة مسبح” التي تعتقد أن التدبير الإداري هو الجلوس تحت المكيف على الرغم من مناداتها لأكثر من مرة لحل الإشكال العالق الماس بحرية صاحبة الجلالة التي كتب عليها منظمو معرض مكناس الدولي للفلاحة أن تهان في يومها العالمي.
تلك “المسؤولة” التي لا تحمل من المسؤولية سوى السم المقذوف من فم لا يحمل إلا المزابل، والتي بدلا أن تكون في مستوى الحدث الوطني الكبير انبرت إلى التفوه بعبارات حاطة بالإعلام والإعلاميين.
الحقيقة أن المعرض الدولي للفلاحة بمكناس أشر على حضور يعكس من الباب الأول مستوى الهشاشة التي يحملها، اعتبارا لدوسه على كل المعايير المطلوب توفرها كشرط للنجاح، ضمنها احترام الحق في المعلومة والوصول إليها كحق من الحقوق والحريات الأساسية التي نص عليها الدستور الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 29 يوليوز 2011، ولاسيما الفصل 27 منه، والتزاما بمقتضيات المادة 19 من الإعـلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وكذا المادة 10 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي ألزمت الإدارات العمومية بضرورة تمكين المواطنين من الحصول على المعلومات واتخاذ التدابير الكفيلة لممارستهم لهذا الحق، تعزيزا للشفافية وترسيخا لثقافة الحكامة الجيدة.
الأكيد أن الشركة المسؤولة لا تفقه شيئا في هذا العلم، لأن همها هو الحصول على الصفقات، وتحقيق الأرباح لا يهم لا دستور ولا حقوق ولا حريات ولا مواثيق دولية، ولا حتى احترام القانون المنظم للشغل الذي يمنعها من تسخير قاصرين في العمل، لتبقى المسؤولية ملقاة على الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون، وحماية الدستور وقانون الشعل، وإلا ستصبح شريكة في إهانة أسس الدولة المغربية الحديثة كما ارتآها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده.
فلتعلم هاته الخفافيش التي قذف بها الظلام، بأن الصحافة عصية على المصادرة ولا التطويع مهما علت قوى الظلام وحاولت قتل الحرية وصوت الحقيقة، وأن الانتماء للوطن لا يكون بحمل بطاقة التعريف بل بتجسيد تلك الروح الوطنية على أرض الواقع، أي من خلال عكس صورة جميلة عن هذا الوطن الجميل التي يصادرها مثل هؤلاء في خدمة مجانية لأعداء الوحدة الترابية، علما أن الفصل 28 من الدستور المغربي تنص على أن حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية، وأن للجميع الحق في التعبير ، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة.
التعليقات مغلقة.