وقد تم إنقاذ حكومة وسط اليمين، التي كانت على شفى الهاوية في يونيو الماضي، إثر انشقاق أغلب نواب حزب “الفنلنديون الحقيقيون” (20 من أصل 37)، بسبب انتخاب يوسي هالا -أهو، الذي يمثل الجناح الأكثر تشددا، على رأس هذا الحزب المشكك في الاتحاد الأوروبي.
وبدأ رئيس الوزراء يوها سيبيلا، وهو رجل أعمال سابق حقق نجاحات، دخوله السياسي بأقوى معدل نمو منذ سنة 2010، بتسجيل نسبة 1.2 في المائة، خلال الربع الأول من السنة الجارية.
وقد تحقق هذا الأداء الاقتصادي الجيد بفضل “ميثاق التنافسية” الذي يعد أحد أهم النقط التي دافع عنها خلال الحملة الانتخابية لسنة 2015.
وقد ساهم هذا الإجراء “غير الشعبي”، الذي أدى إلى زيادة ساعات العمل دون تعويض وتجميد الأجور إلى غاية نهاية سنة 2017، في وضع حد لسنوات الانكماش الاقتصادي.
وقال رئيس الحكومة، بلهجة مطمئنة، خلال لقاء مع الفريق البرلماني لحزبه قبل انطلاق الدورة البرلمانية، إن “السقوط الحر للاقتصاد الفنلندي قد انتهى”.
وأضاف “لقد اعتبر بعض الخبراء، قبل سنة، أن النمو الاقتصادي بنسبة 2 في المائة خلال السنة الجارية مجرد حلم. إلا أننا نقترب من تحقيق ذلك الآن”.
ومع ذلك، يحتاج رئيس الوزراء إلى إظهار المزيد من مهاراته الإدارية والتفاوضية، خاصة أنه يواجه انتقادات من وسط معسكره حول الإجراءات الجديدة المتعلقة على الخصوص بإصلاح الجهات والخدمات الاجتماعية والمجال الصحي.
وقد تضخمت الخلافات بين حزب الوسط وحليفه الائتلاف الوطني (حزب ليبرالي) حول الاعتمادات المالية المخصصة للإصلاحات المبرمجة، برسم ميزانية 2018.
ووفقا لصحيفة (هلسنكن سانومات)، فإن الخلاف يتعلق بشكل أساسي بمبلغ يصل إلى أكثر من 100 مليون أورو.
ويعتقد العديد من أعضاء البرلمان الأوروبي من حزب الوسط أنه ينبغي الرفع من الاعتمادات المخصصة لإصلاح الجهات وتخفيض الاعتمادات المخصصة لمشاريع الخدمات الصحية.
وستنقل هذه الاستحقاقات التي تقدمها حاليا البلديات الفنلندية البالغ عددها 313 بلدية إلى 18 جهة مستقلة (جهات اجتماعية وصحية)، سيتم إحداثها خلال سنة 2019.
وفي ما يتعلق بالمجال الاجتماعي، فلا يزال خلق فرص الشغل وتخفيض معدل البطالة (8.6 خلال يوليوز الماضي) من المشاكل الكبرى التي يواجهها الائتلاف الحكومي المؤيد لسياسة التقشف.
وفي هذا الصدد، تعتزم السلطة التنفيذية تعديل قواعد استحقاقات البطالة، واقتراح نموذجين جديدين خلال المفاوضات المتعلقة بمشروع الميزانية العامة التي ستبدأ خلال الأسبوع الجاري.
ويحق للعاطل عن العمل، بموجب التغييرات المرتقب اقتراحها، أن يصبح رجل أعمال لمدة أربعة أشهر دون أن يفقد مساعدات البطالة، خاصة أن السلطة التنفيذية تريد أيضا تعزيز إمكانية استكمال العاطلين دراساتهم.
وتتوقع وزارة المالية الفنلندية أن تصل نسبة التشغيل إلى أكثر من 70 في المائة بحلول سنة 2019، وهي نسبة لا تزال أقل من هدف 72 في المائة الذي حددته الحكومة الحالية.
وثمة أولوية أخرى تتمثل في اعتماد قانون للمخابرات، يمنح السلطات مزيدا من الحرية في مراقبة شبكة الإنترنت بطريقة أكثر فعالية، والحد من اعتماد فنلندا على البلدان الأجنبية من أجل جمع المعلومات الاستخباراتية ومحاربة الإرهاب.
وبحسب تقرير صدر خلال السنة الجارية، فإن مشروع قانون المخابرات المدنية والعسكرية سيمنح المزيد من الصلاحيات للأمن العام وللقوات المسلحة لمراقبة، على الخصوص، البريد الإلكتروني والرسائل النصية القصيرة للمواطنين.
وقال يوها سيبيلا إن “الحق في الحياة أكثر أهمية من احترام الخصوصية”، داعيا إلى الوحدة الوطنية للمصادقة السريعة على هذا النص التشريعي.
ويأتي هذا المقترح في الوقت الذي تعد فيه فنلندا من بين البلدان القليلة التي لا تتوفر على تشريعات تتعلق بالاستخبارات المدنية والعسكرية.
التعليقات مغلقة.