أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

في الذاكرة 19 يناير 1984… انتفاضة الخبز والكرامة!!!

بقلم عثمان الدعكاري 

 

جاءت انتفاضة 1984 نتيجة تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب بسبب انخفاض أسعار الفوسفاط في السوق الدولية، والإنفاق الضخم على التسليح بسبب حرب الصحراء الذي كان يكلف ميزانية الدولة حوالي مليون دولار يوميا، مما حذا بالحكومة المغربية إلى الاستدانة من البنوك الدولية من أجل تغطية كل هذه المصاريف لتصل ديونه الخارجية آنذاك 7.000 مليون دولار، وبذلك ستعيش البلاد أزمة اقتصادية لم يسبق لها مثيل اضطرت معها الدولة أن ترضخ لسياسة التقويم الهيكلي الذي فرضه عليها البنك الدولي لتفادي “السكتة القلبية”، على حد تعبير المغفور له بإذن الله الملك الراحل الحسن الثاني التي تهدد الاقتصاد الوطني.

 

ومن أجل إعادة التوازن إلى الاقتصاد الوطني، عملت الدولة على الرفع من أسعار المواد الغذائية الأساسية حيث بلغت لأول مرة في تاريخ المغرب زيادة 18% بالنسبة للسكر و67% بالنسبة للزبدة، أما بالنسبة للغاز والوقود فقد ارتفعت أثمنتهما بنسبة 20%.

 

أما فيما يتعلق بالمجال الاجتماعي فقد أضيفت رسوم جديدة للاستفادة من مختلف الخدمات الاجتماعية، وخصوصا الولوج إلى المرافق الصحية والتعليمية، فقطاع التعليم مثلا، تم ولأول مرة فرض رسوم للتسجيل، تمثلت في دفع 50 درهما بالنسبة للتلاميذ الراغبين في التسجيل بالبكالوريا، و100 درهم بالنسبة للطلبة الجامعيين …

 

لقد كانت الحركة الاحتجاجية في منطقة الريف محصورة وسط التلاميذ داخل أسوار الاعداديات والثانويات، إلا أن السلطة اتخذت قرار اقتحامها وإرهاب التلاميذ وقمعهم مما جعلهم يفرون ويخرجون إلى الشوارع لينخرط الجميع وبشكل عفوي في مظاهرات واسعة عمت مدن الناظور والحسيمة وتطوان والعرائش والقصر الكبير وغيرها من المدن، مطالبة من خلالها بتحسين الاوضاع الاقتصادية ودعم المواد الاساسية ومجانية الخدمات الاجتماعية، وكان رد فعل النظام قويا، فبدل نهج اسلوب الحوار وتحقيق المطالب لمنطقة عانت من التهميش والتفقير والاقصاء لأزيد من عشرين سنة، كان تدخل الجيش المغربي دمويا خصوصا في مدينة الناظور التي سقط فيها “عدد كبير من القتلى قدرته بعض الأوساط الحقوقية بالمئات، بالإضافة إلى الجرحى الذين عجت بهم جنبات المستشفى الحسني، وقد تلت تلك الاحداث حملة اعتقالات واسعة شملت اشخاصا لا علاقة لهم بالأحداث، تماما كما أن بعض القتلى سقطوا في اماكن بعيدة عن مسرح الاحداث”.

 

 بعد القمع الذي تعرضت له المنطقة فرضت السلطات حضرا للتجوال على المواطنين، حيث كان يصعب على أي مواطن الخروج من مقر سكناه، وإلا كان مصيره القتل، بقي الوضع على هذا الحال منذ انطلاق الانتفاضة إلى غاية 2 فبراير حيث قلت حدة الحضر إلى أن ارتفعت تدريجيا عن المنطقة.

 

وفيما بين هاتين المدتين، قامت السلطات باعتقالات واسعة في صفوف المواطنين تميزت بالعشوائية أحيانا، وبالانتقائية أحيانا أخرى، حيث كانت تقتاد هؤلاء إلى مراكز يمارس عليهم فيها مختلف أصناف التعذيب الجسدي والنفسي، ومنهم من تجاوزت مدة احتجازه في هذه المراكز عدة شهور قبل أن يلحقوا بالسجون بلا محاكمات أحيانا، أو بمحاكمات صورية أحيانا أخرى …..

التعليقات مغلقة.