أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

في حوار حصري مع عضو المجلس الجهوي للسياحة بجهة درعة – تافيلالت  “المطلوب تجاوز لغة صم الآذان من قبل المسؤولين” 

محمد حميمداني

 في لقاء خاص مع الجريدة لمناقشة الوضع التنموي المتعلق بالإمكانات السياحية التي يوفرها الفضاء الجنوبي الشرقي من المملكة المغربية ، و كيفية استثمار و استغلال هاته الإمكانيات المتاحة محليا و إقليميا و جهويا و وطنيا ، في أفق تحقيق التنمية و التنمية المستدامة ، و كذا الوقوف على المعيقات التي تحول دون تطور الاستثمار في هذا المجال الاستراتيجي ، أكد عضو المجلس الجهوي للسياحة بجهة درعة – تافيلالت “سفيان بشر” أن الجهة تزخر بمميزات سياحية هامة ، و أن المطلوب هو تجاوز لغة صم الآذان المنتهجة من قبل المسؤولين لتحقيق إقلاع فعلي في المجال ، و تتبع المؤسسات السياحية و المراقبة المستمرة لخدماتها و تصنيفها ، و تجاوز المنطق القائم على الأرض ، لأن هناك مؤسسات فندقية لم يتم تحيين تصنيفها لمدد تصل إلى 10 أو 20 سنة .

 ففي سؤال حول الوضع السياحي بالمنطقة الجنوبية الشرقية من المغرب ؟ أشار “سفيان بشر” ، عضو المجلس الجهوي للسياحة بجهة درعة – تافيلالت ، و عضو المجلس الإقليمي للسياحة بالراشيدية ، أن الوضع السياحي في المنطقة شهد تطورا هاما خاصة خلال الموسم السياحي 2018 – 2019 ، معتبرا أن أكبر مشكل يعترض النمو هو الطابع الموسمي لهذا النشاط و هو ما يعوق هاته الطفرة السياحية .

 و في مضمار رده على استفسار الجريدة المتعلق بالإكراهات التي تعوق نمو القطاع و المأمول رسميا من أجل تجاوز هاته الإكراهات ؟ أثار “سفيان بشر” المنعش العقاري و صاحب الوحدة الفندقية “قصر الصحراء” بأرفود ، و التي تعد من بين أهم الوحدات الفندقية المتواجدة بالمنطقة ، و خاصة بحاضرة الصحراء أرفود ، فإن أكبر مشكل يعاني منه القطاع هو المواكبة من جهة الدولة للمراحل الصعبة التي يمر منها الوضع السياحي ، و كيفية التعامل مع هاته الظروف ، و العمل في تنسيق دائم بين جميع المتدخلين بدءا من الدور الترويجي للنشاط السياحي الذي يقوم به المكتب المغربي للسياحة ، و استثمار الإمكانات المتاحة و التي تبقى هامة لكنها ليست مستغلة بالشكل المطلوب ، فعلى الرغم من توفر الجهة على ثلاث مطارات هامة (الراشيدية ، زاكورة ، ورزازات) ، و بمواصفات دولية ، إلا أنها ليست مشغلة بالطريقة الجيدة المطلوبة ، فالمطلوب هو تقديم إغراءات من أجل تحقيق التنمية ، خاصة و أن 80 في المائة من الدخل السياحي يتشكل من مداخيل الصحراء و الواحات .

و فيما يتعلق بالسياحة التقليدية و حضور المغرب ضمن هذا التقسيم السياحي التقليدي أمام المنافسة الشرسة التي يشهدها هذا المجال ؟ أبرز عضو المجلس الإقليمي للسياحة بالراشيدية ، أن السياحة التقليدية المرتبطة بالبحر تشهد منافسة عالمية شرسة من دول لها مؤهلات و إمكانات ضخمة في هذا المجال ، مضيفا أن المستقبل عائد لسياحة الصحراء و الواحات و السياحة البيئية ، و أن الجهة تتوفر على إمكانات هامة في هذا الباب ، و المطلوب هو تكاتف الجهود ، و الكشف عن هوية هذا المنتوج السياحي الذي ظل لفترة طويلة غائبا ، أو يخضع لترويج سياحي بدائي .

 و فيما يخص الدعم المقدم من قبل الدولة لتحقيق التنمية في هذا المجال ؟ أوضح “سفيان بشر” أنه قد تم منح المجلس مبلغ 5 ملايين درهم من أجل خلق نقلة نوعية في تطور المجال داخل الأقاليم التي تشكل الجهة و التي تضم كلا من ميدلت ، ورزازات ، الراشيدية ، تنغير و زاكورة ، و أنه قد تم وضع تصور عملي طموح للترويج لهذا النشاط السياحي ، سواء من خلال خلق موقع الكتروني خاص بالترويج للإمكانات السياحية المتوفرة ، و عرضها بطرق أكثر علمية ، أو عرض الصور المرتبطة بهذا الفضاء الشاسع و الهام ، أي عرض المنتوج السياحي الذي تتوفر عليه المنطقة ، و إبراز مميزات كل إقليم على حدة و المآثر التاريخية التي تزخر بها المنطقة ، عبر عرض بيبليوغرافي كامل و شامل لجميع الإمكانات المتوفرة من خلال دليل سياحي يعرض لهاته المميزات و الإمكانات .

 و ارتباطا بالواقع الذي يعيشه المجال ، و اعتباره مجرد نقطة عبور أمام المراكز السياحية الكبرى في المغرب ، و كيفية الخروج من هاته الوضعية ؟ أوضح عضو المجلس الجهوي للسياحة بجهة درعة – تافيلالت ، أن هذا الوضع هو ضمن التحديات الكبرى التي تواجه الفاعلين في المجال ، فالمطلوب هو تحويل هاته النظرة القائمة على اعتبار هاته المناطق وجهات عبور فقط ، و ليس استقرار سياحي ، إلى نظرة جديدة ، و المدخل للعلاج هو تحبيب هذا الفضاء و خلق نوع من العلاقة العاطفية بين الزوار و المكان ، أي إعطاء السائح كل ما هو مطلوب لربطه بالفضاء ، من خلال خلق أنشطة موازية ، و العمل على وضع و إنجاز برنامج لإظهار المعالم التاريخية التي تزخر بها المنطقة ، خاصة القصور من أجل وضع برنامج لترميمها ، و عرضها كإحدى الفضاءات الهامة التي يجب المحافظة عليها باعتبارها تراثا إنسانيا و عالميا ، و قد تم التواصل مع وزارة الثقافة في الموضوع لكن دون رد أو متابعة تذكر ، فالمشكل الكبير هو في التواصل و الاستماع لوجهات نظر الفاعلين في الميدان لتغيير نظرة التعامل مع الوضع في أفق خلق الاستمرارية و الاستدامة ، فالمطلوب هو تجاوز لغة صم الآذان من قبل المسؤولين ، نحن لا ننكر عمل السلطات ، لكن هناك نمط من العقليات الخشبية لا زال مستمرا و سائدا ، و يجب القطع مع هاته الطريقة في مقاربة الوضع .

 و عن الاقتراحات التي يراها الفاعلون ضرورية لضمان الاستمرارية و الاستدامة ؟ رأى عضو المجلس الإقليمي للسياحة بالراشيدية أن هناك عدة اقتراحات قدمت لكنها كانت تلقى ردا باردا بمبررات غير مقنعة إطلاقا ، فقد اقترحنا العمل على نشر رياضة ركوب “المناطيد” في هاته المناطق و استغلال هاته الإمكانيات الهامة التي توفرها المنطقة لإحقاق رقي و طفرة في هذا الباب ، إسوة بدول أخرى حققت صيتا في هذا المجال ، لكن الاقتراح عطل بدعاوى أمنية و قرب المنطقة من الحدود الجزائرية ، و ما قلناه هنا يمكن أن نقوله عن الصناعة السينمائية ، حيث العراقيل عديدة في تصوير لقطات بأماكن معينة على الرغم من التوفر على تراخيص رسمية ، إن المطلوب هو التوفر على الروح الوطنية العالية من أجل البناء خدمة للوطن و للمواطنين ، و المدخل هو التوفر على هاته الإرادة الوطنية الصادقة ، فلا تنمية من الممكن أن تتحقق بدون تحديد الأهداف و حصر المعالم و الإمكانات المتاحة و الممكنة للرفع من عدد الرحلات و الدفع من أجل تمديدها .

 و عن المواسم و المهرجانات التي تزخر بها الجهة و كيفية استثمارها لخلق تنمية سياحية مستدامة ؟ أوضح “سفيان بشر” المنعش السياحي و صاحب فندق “قصر الصحراء” أن الجهة بالفعل تعج بمجموعة من الأنشطة و المواسم الثقافية و المهرجانات و التي يجب توظيفها في صالح خدمة السياحة بالجهة و الترويج لهذا المنتوج ، إلا أن ما يميزها و يجعلها غير فعالة هو سيادة العشوائية في البرمجة ، فتواريخ هاته المواسم (الثمر بأرفود ، الزواج بإملشين ، الورود بقلعة مكونة ، الموسيقى بمرزوكة …) غير مضبوطة ، و رالي الرمال هو نفسه خاضع لهاته اللخبطة في البرمجة مما يخلق مشاكل كبرى في تدبير هاته المحطات و يحرم المنطقة من إمكانيات هامة تضيع نتيجة هاته العشوائية في البرمجة و التدبير ، و هو ما حاولنا التصدي له من خلال اللقاء التنسيقي الذي جمع الفاعلين المهنيين بوالي الجهة .

 و عن معيقات تسويق المنتوج و إعطاء صورة مشرقة له عالميا ؟ أشار عضو المجلس الجهوي و الإقليمي للسياحة أن هناك مشاكل تعطي صورة سلبية للمنتوج السياحي تتحمل الوزارة الوصية مسؤوليتها مباشر ، فهناك مؤسسات فندقية لم يتم تحيين تصنيفها لمدد تصل إلى 10 أو 20 سنة ، و هو ما يسوق صورة مشوهة عن المغرب و عن الإمكانيات السياحية المتوفرة و المعروضة كخدمة بين المسوق و الموجود واقعيا على أرض الواقع ، و يضرب بمقتل التطور و التقدم في هذا الباب في ظل المنافسة الشرسة التي يتعرض لها تسويق المنتوج السياحي عالميا ، فالمطلوب إذن هو تحيين الفئات بالنسبة للمؤسسات الفندقية القائمة ، و توخي الضبط في عملية منح التراخيص ، و توسيع رحلات النقل الجوي إلى مختلف مطارات الجهة و تنويعها بدل الاقتصار على رحلة واحدة من الدار البيضاء ، و محاربة منطق اللوبيات في وصول الرحلات الدولية إلى الجهة ، لأن الأمر يتعلق بخدمة السياحة في المغرب و ليس في المنطقة فحسب ، و تأسيس علاقة ملائمة المجال مع متطلبات التنمية و أنسنة العلاقات بجعلها صديقة للبيئة .

 و عن الآفاق المستقبلية للسياحة في مرحلة ما بعد كورونا ؟ أشار “سفيان بشر” إلى أن المبتغى من التنمية السياحية هو تحقيق التنمية المستدامة بالإقليم و الجهة ، و الرفع من العائدات التي تعود إيجابا على الاقتصاد الوطني ، مشددا على ضرورة الاهتمام بالبنية التحتية و توحد المهنيين من اجل تحقيق هاته التنمية ، و أداء الدولة لمهامها في دعم و تشجيع القطاع بما يخفف من الآثار السلبية التي انعكست على القطاع و العاملين فيه مع تفشي كورونا و نهج الدولة لسياسة الإغلاق ، فالمطلوب هو وضع استراتيجية و مخطط لما بعد كورونا ، لأن السؤال المطروح هو ، هل سنستطيع بعد انتهاء الجائحة أن نحافظ على حصتنا في السياحة الدولية ، خاصة ضمن الأسواق الكلاسيكية .      

التعليقات مغلقة.