أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

قرار مجلس الأمن الدولي 2654 ونهاية خريف بطريك البوليساريو ونظام كابرانات الجزائر

أنهى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2654 الصادر عن مجلس الأمن بالأغلبية المطلقة مع تسجيل امتناع عضوين اثنين عن التصويت أحلام كابرانات الجزائر، ونفقات عائدات النفط والغاز التي صرفها لتحقيق مشروعه وطموحه في الحصول على موطئ قدم على ضفة المحيط الأطلسي، لتذهب أموال الشعب الجزائري الذي يعاني الأزمة والفاقة والقمع أدراج الرياح بلا عائدات لا نفطية ولا توسعية، ولتتقزم أحلام الكابرانات ودمية “تندوف” المتهالكة في مشهد ذرامي يشهد فصول خريف بطريك الكابرانات وصنيعاتهم، فلا يجدون أمامهم إلا مواجهة الرأي العام العالمي، وهو ما لن يجرؤ عليه نظام الكابرانات لتبعاته السياسية الخطيرة على وجوده، فكان لا بد لكراكيز هذا النظام القمعي أن تتعلق في مشهد مضحك لتهديد بعثة الأمم المتحدة وهو موقف يسجل في التاريخ ليكشف بما لا يدع مجالا للشك الطابع الإرهابي لهذا النظام وخفافيش ظلامه المتآكلة، في موقف يذكرنا بنمور الورق التي عكسها الفكر السياسي في مرحلة سياسية هامة من التاريخ الإنساني.

لقد أسقط القرار الأممي 2654 كل أوهام الجزائر، وأحصى عدد زقزقاتها المتهالكة، والتي تشهد على احتضار أطروحاتها دوليا، وانكشاف تباكيها “الدنكيشوطي” في عالم متحول ومتحرك لا مجال فيه إلا للواقعية السياسية التي تراعي قواعد السلم وخدمة الإنسان بدل قيم الذمار التي يحملها الفكر العسكري الجزائري، والتي حبست وجود أركانها في شدرات موزعة بين جمعيات أو برلمانيين وزمر علب آخر الليل، لينهي القرار الجديد كل الأوهام ويعري ورقة التوت التي تغطي عورة النظام الجزائري وأزلامه، ولترجعه إلى  حجمه الحقيقي، ولتؤكد لهؤلاء السماسرة أن المناورة بالغاز والنفط من أجل شراء الذمم خرقة بالية أكدت وقائع التصويت على القرار الأممي بطلانها، ليبقى الشعب الجزائري هو في الأول والأخير ضحية هاته السياسة الرعناء، لأنها تقتطع من خبزه وسعادته وتنميته التي هو في حاجة إليها.

لقد أثبت الاقتراح المغربي القاضي بالحكم الذاتي في ظل السيادة المغربية فعاليته وفرض نفسه كأساس وحيد للحل، ولخبط كل تراجيديا التباكي على “تقرير المصير” المغيب بالقمع من قبل كابرانات الجزائر في منطقة “القبايل”.

لقد أكدت الأحداث انمحاء العقيدة البومدينية التي غرسها كأساس لعمل كابرانات الجزائر التوسعية، مؤسسا بذلك لركائز عقيدة العسكر السياسية من خلال استخدام ميليشيا البوليساريو الانفصالية كأداة لتحقيق هاته الأحلام/الأطماع التي تبخرت مع حالة الإجماع الدولي على إدانة البوليساريو والجزائر، وانكشاف كل الأكاذيب التي طالما روجت لها الجزائر لتصبح ليس جزءا من الحل لهذا النزاع المفتعل بل جزءا من المشكلة القائمة، بل أنها هي جوهر المشكل القائم، وهو ما أكد عليه مجلس الأمن الدولي، وما تكشفه الوقائع على الأرض من احتضان دولة لمجموعات إرهابية على أراضيها لاستهداف سيادة دولة ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة.

 

الأكيد أن الرد المغربي كان في مستوى الهجمة لأنه عرى كل المناورات الاستعمارية التي تستهدف وحدته الترابية، سواء على الأرض في الميدان، أو على المستوى السياسي، وهو ما أعطى الموقف المغربي صلابة عززتها سياسة تحجيم كل الخصوم المباشرين أو غير المباشرين بتأكيد أن لا وجود بعد اليوم للون الرمادي في علاقات المغرب مع الأصدقاء كما الأعداء، فالسيادة المغربية على كامل التراب الوطني غير قابلة للتفاوض أو للمناورة، وسياسة المحاباة في العلاقات مع المغرب ولت، وأن مفهوم الصفاء السياسي أصبح هو قاعدة التعامل مع كل الدول بدون استثناء، وهي القاعدة التي رسخها عاهل البلاد وأنزل فلسفتها على الأرض في علاقات المغرب الخارجية.

سياسة أخرى أكدت نجاعتها على الأرض أيضا، الردع العسكري من جهة وفق قواعد الشرعية الدولية، وإطلاق مشروع تنموي شامل يتحدى الواقع على الأرض ويبني مستقبل الوطن وكل أبنائه، وهو ما أحبط كل المؤامرات، فليس صدفة أن يتم افتتاح 30 قنصلية من مختلف دول العالم في مدن الداخلة والعيون، و عدم اعتراف أكثر من 84٪ من دول المعمور بجمهورية الوهم بتندوف، بل هو نتاج هاته السياسة التي يدها على الزناد وعلى المعول لبناء المستقبل.

لقد عرى القرار الأخير عورة الجزائر وجعلها طرفا أساسيا في الصراع المفتعل وحملها مسؤولية تهديد الأمن الإقليمي، وأيضا المسؤولية السياسية في ضمان الأمن والسلم الإقليميين، وحمل رسائل هامة لكابرانات الجزائر أن أي تصعيد على الأرض سيواجه ليس برد مغربي قاس يدك أركان كل المؤامرات ويتجاوز الجدار العازل، بما يؤمن أراضيه مهما كلفه الأمر من ثمن.

الكرة الآن في الملعب الجزائري بالرضوخ لقرارات الحكمة الأممية والبحث عن مخرج سلمي للأزمة المفتعلة باعتبارها هي المسؤولة ميدانيا عن إدامة الصراع، وإلا ستجد نفسها ليس في مواجهة المغرب وجيشه فحسب، بل في مواجهة تحدي الشرعية الدولية، كما وقع في إطلاق كراكيز الجزائر تهديدهم ضد “المينورسو”، ليكشفوا للعالم طابعهم الإرهابي.

الجزائر المصدومة من القرار الأممي تلقفت الرسالة وهو ما حمله القرار الرئاسي الأخير في الجزائر بإقالة المسمى “عمر بلاني”، المسؤول السياسي الأول عن ملف الصحراء المغربية بالخارجية الجزائرية والذي كان يشغل صفة “المبعوث الجزائري الخاص بقضية الصحراء وبلدان المغرب العربي”، في محاولة للهروب من تبعات هذا القرار على الديبلوماسية الجزائرية المتهالكة، وهو موقف على أهميته لا يمكن أن يغطي وجه كابرانات الجزائر المتسخ بل يفرض عليهم موقفا واقعيا يتماشى مع الإرادة الدولية لحل مشكل الصحراء المغربية المفتعل.

القرار الأممي شكل نصرا سياسيا كبيرا للمغرب، وهزيمة بالضربة القاضية لنظام الكابرانات وصنيعتهم البوليساريو ومشروعهم الاستعماري، وحرر المغرب لممارسة سيادته الوطنية على كامل ترابه الوطني وبكافة الوسائل الممكنة مدعوما بالإرادة الدولية، غير القابلة للتأويل.

والخروج من عنق الزجاجة بالنسبة لكابرانات الجزائر هو الرجوع إلى الشرعية الدولية والعودة إلى مسار الموائد المستديرة لفتح حوار جدي ومسؤول للبحث على حل سياسي واقعي وعادل ومستدام متوافق عليه اعتمادا على مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل وحيد ونهائي للنزاع، ارتباطا بروح قرار مجلس الأمن رقم 1754-2007.

التعليقات مغلقة.