الحبيب عكي
يحكى أن ثلاثة إخوة أشقاء، وبعدما مات أبوهم وتعكر بينهم وبين زوجاتهم وأبنائهم صفو العيش وقل رغده، أرادوا اقتسام ما تبقى لهم من ميراث أبيهم، لكن ما عثروا عليه في قرطاس وصيته لهم لم يفهموه، فتوافقوا على فكرة صائبة تقضي بأن يذهبوا جميعا ككل الناس إلى الفقيه القاضي لعله يفك لهم لغزها، ويعطي لكل واحد منهم نصيبه وما أوصي له به كاملا غير منقوص، حزم الإخوة حقائبهم وجهزوا أنفسهم وركبوا على دوابهم وأخذوا طريقهم إلى الفقيه القاضي وكان يسكن بعيدا عنهم في بلاد أخرى، وبينما هم في طريقهم إليه إذ رأوا مرائي غريبة زادت من حيرتهم وشدت بتفكيرهم خلال أيام وليالي السفر أكثر من قضية ميراثهم الغامضة؟.
كان أول ما رأوا في طريقهم حصانا ضعيفا هزيلا وكأنه هيكل عظمي في مرعى أخضر فاره الخصب والعشب، مقابل حصان آخر سمين قوي نضر في مرعى قاحل جاف لا ماء فيه ولا كلأ إلا ما نذر؟.
وبينما هم يستأنفون طريقهم وهم يستغربون مما رأوا ويحاولون فهمه وفك لغزه دون جدوى، إذ يقفون على واد ضخم على مشارفه يسمعون نقيق الضفادع ضخما وعاليا وخرير مياه رقراقة متدفقة وكأنه وادي عظيم المياه مفعم بالخصب والحياة، لكن ما أن طلوا عليه حتى وجدوه واديا جافا فارغا لا ضفادع فيه ولا مياه ولا أي مظهر من مظاهر الحياة النهرية أصلا؟. زاد استغرابهم كاستغراب قافلة في الصحراء من شدة جوعها وعطشها تتخيل كل شيء؟.
التعليقات مغلقة.