أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

قطاعاتنا.. هل تكره من يطالب بإصلاحها ؟

د / نورة بنيحيى

إذا رأيته ظننته مسكنا مهجورا تخلى عنه صاحبه, فهو لا يشبه بأي حال من الأحوال ما يمكن أن يطلق عليه مركزا صحيا حضريا, و رغم موقعه الذي يسيل له لعاب المقاولين المتعطشين للربح , و احتلاله المرتبة الثالثة حاليا, و الثانية سبقا قبل هدم البيوت الصفيحية في لائحة المراكز الصحية على صعيد مندوبية عين السبع الحي المحمدي, إلا أن ذلك لم يشفع له لدى السيدة المندوبة و رئيس المؤسسات الصحية إيلاء الإهتمام اللازم له , في بعض الأحيان أراه كأم عازبة تخلت عنها أسرتها و رمتها للمجهول دون أدنى رحمة أو شفقة, فهو من كثرة الإهمال أصبح قبلة للصوص و للراغبين في وصفات الأدوية التي تستعمل من طرف المدمنين, لأنه كما الآخرين يعلمون أنه يمكن الاعتداء على الموظفين مرات و مرات دون الخوف من العقاب, لازلت أتذكر تلك الممرضة الشابة التي كانت مفعمة بالحياة, و التي  تعرضت للاعتداء داخل المركز الصحي و سرقت و هددت بالاغتصاب مرتين على التوالي دون أن تحرك الإدارة ساكنا, فاضطرت المسكينة لترك الوظيفة خوفا على حياتها, و لم يبق من الجسم التمريضي سوى ممرضة واحدة تعاني الويلات يوميا, رغم أننا نحاول جميعا التخفيف عنها إلا أنها أصبحت في الآونة الأخيرة تهدد بالتقاعد النسبي, الطبيبة الرئيسة هي الأخرى لم تسلم من الاعتداء, و إثر هجوم أحد المرضى عليها كسرت نظاراتها, و ككل مرة فضلت الإدارة أن تصم آذانها, كأنها في واد آخر و كأنها عينت لشئ آخر غير تدبير هذه المؤسسات الصحية.

 

في الأشهر الأخيرة دخل لص في الساعات الأولى من الصباح و قام بسرقة قرص الكاميرا و الشاشة, اللذان كلفا المندوبية مبلغا هاما من المال العام , و لا واحد من المسؤولين تكبد العناء لزيارة المركز, لزمنا الصمت و رغم مراسلات الطبيبة لا شئ تغير سوى تدهور نفسية العاملين, الذين رضعوا من ثدي الخوف, قلت مع نفسي لألزم الصمت أنا الأخرى فهذا الوطن يكره من يطالب بالإصلاح, لكن اليوم و بعد الإعتداء على امرأة مصابة بالسكري يفوق سنها السبعون السنة كانت تنتظر خروج المريض من مكتبي كي تدخل, من طرف شخص قام بسرقة هاتفها الخلوي داخل المؤسسة, التي من المفروض أن الدولة توفر الحماية لموظفيها و مرتفقيها, و محفظة مريضة أخرى تنتظر أن تنهي الطبيبة الرئيسة الفحص بالصدى , جعلني أشعر بالاشمئزاز من نفسي, هل أصبحت أخاف أنا الأخرى, أيمكن أن أرى سيدة في أرذل العمر يعتدى عليها دون أن أفعل شيئا, فقط خوفا مما سيقال عني و هم الذين ينادونني بالطبيبة المشاغبة, في الأخير اتصلت بعميد الشرطة, الذي أرسل الدراجين على وجه السرعة و ألححت على الطبيبة الرئيسة من أجل المطالبة بحقنا الدستوري في ممارسة عملنا في أمن و أمان, المسكينة من كثرة ما تعرضت له من طرفهم من عرض على اللجنة التمهيدية في خرق سافر للقانون و تكوين لجان للضغط عليها من أجل التوقيع على وصولات تتعلق بصفقات الصيانة, لم تستطع أن تقبل طلبي إلا بعد توسلي إليها, و بعد ذهابنا لرؤية المسؤولة, أخبرونا أنها تستفيد من إجازتها السنوية,و بعد الحاحي استقبلنا رئيس المؤسسات الصحية الذي لجهله بالقوانين أجابنا بأن الميزانية لا تكفي و أنه علينا ألا ننتظر منه شيئا, المثير للضحك هو أنني بحكم تقلدي للمسؤولية فيما مضى أنا متيقنة أنه لا يعرف عن الميزانية شيئا, لأن أغلب المناديب إن لم أقل كلهم يجعلون من هذا الموضوع مسالة سرية جدا, حزنت أكثر لأن المسؤولية تسند لغير أهلها, لذلك قررت أن أطرق جميع الأبواب لإعادة الاعتبار لهذا المركز الصحي الذي اخترته بعد اعفائي من مهامي لكوني قد سبق لي أن تمرنت به في السنة السابعة, و لن أخاف شيئا لأنني أومن بأن الخوف من الله عز و جل و ليس من أحد غيره.

التعليقات مغلقة.