أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

كتابات في زمن كورونا Corona من وراء القضبان، أمة ( إقــرأ ) لا تقـرأ 

عبد الإله شفيشو / السجن المحلي شفشاون

 

أ – ما هو الباب الذي تفتحه القراءة لأمة (إقرأ)، باب الأمل أم باب الوجع ؟

ب – للقراءة مآزقها و كمائنها فهل تستطيع أمة (إقرأ) النجاة من هذه المآزق إن هي عادت للقراءة؟

يقود هذا المقال إلى سفر شيق يهب خصوصيته للمتلقي بوصفه شهادة حسن نية في مصاحبة القراءة ولأسرارها الخبيئة في طرح قضايا جمالية و تخيلية لتأسس شروط و جودها في الكون بصفة عامة و في أمة (اقرأ) بصفة خاصة التي لم تعد تقرأ ـ للأسف ـ، مقال يتجسس بعمق على المناطق الخفية للقراءة، فهو لا يقدم أسئلة بقدر ما يثير أسئلة في وجود أمة (إقرأ) لا تقرأ، هي مقدمة لا تريد توجيها مسبقا أو انتقادا لأمة (إقرأ) بقدر ما هي تحريض العين على القراءة بضوء العقل، فهذا الأخير دليل الإنسان بقوة بصره وبصيرته في ارتياد المجهول، واكتشاف الألغاز والأسرار لعالم آهل بالعجائب والغرائب.

 

أستغرب جدا من أمة (إقرأ) لا تقرأ حتى من بقي منهم يقرأ يقرأون متى شاءوا كأنهم يأكلون أو يشربون، والنتيجة معروفة لدى هؤلاء، فهم يتماشون مع الذوق التقليدي للمتلقين، و لا يطورون في القراءة شيئا رغم أنها من وظيفة القارئ، فالقراءة لا تبحث عن الاستفادة من الأشياء كي تكون قراءة، إنما هي تحكي الشيء بلغتها كما تراه هي في زمنها، أليس الكون بدون قراءة/قراء خراب و دمار؟.

إنه سؤال في غاية الصواب والأهمية خاصة بالنسبة لأمة (إقرأ)، فالقراءة ضرورية إنسانية تضفي على الحياة بكل مكوناتها ومكنوناتها عبقا من لذيذ الضوء على عتمتها المؤلمة، كما أن القراءة تصبغ العالم بألوان الحب، وبكل مفردات معجم الجمال، فكل وقت من أوقات القراءة هي لحظات شرسة تنهش في القارئ كل شيء، إنها تحمله إلى أراضي جديدة و مناخ مغاير لكل لحظة، و هي لا تشبع كذلك من إنهاك قارئها كلما مارسها و هي أيضا وقت/أوقات حب بينها وبين قارئها حين يوافقهما اللقاء ويختلفان فيه على بعضهما حتى الامتزاج الذي لا يمكنه أن ينجح في عبور القراءة، لأن صهوتها تعلو وتهبط ، تتسع وتضيق بين لحظة وأخرى، تكتم الأنفاس وتزيد من إيقاع ضربات القلب كأنها الدخول في رحم الموت لاستخراج شهادة ولادة خاصة في ظل التطور الحاصل في المجتمعات.

لقد أصبحت القراءة بالنسبة لأمة (إقرأ) هي الفرصة الوحيدة لتنصت إلى عزلتها وأحلامها، وآلامها، نعم هي فرصة لكي تنصت إلى باطنها “المدغول” بخصوصيته وخصائصه وصراخه المشحون بزخم الرغبة إلى إثبات أسئلة الحلم/الوجود.

أمة (إقرأ) تخاف الحقيقة العارية غير المغطاة بألف قشرة وقشرة، وأنه من قراءتها ستكشف عن حال لها لا يقبله المجتمع المريض بالانفصام، و بالتالي هو ما يصيب مكانتها الاجتماعية والاعتبارية، وهي في جميع مراحلها تخاف من كشف حقيقتها قولا وكتابة، فتشعر أن انكشاف هذه الحقيقة هتك لسترها.

مما لا شك فيه، أن غياب القراءة وسط أمة (إقرأ) قاس جدا، ويبقى الأثر الذي لا يمحى وفي هذا عزاء لهذه الأمة، فلم يرى أي اهتمام حتى لدى المثقفين المهتمين ربما بسبب ضيق قنوات الاتصال أو لغياب الساحات الثقافية حد الفجيعة، وهذا جزء كبير من الإحباط الشخصي، لكل قارئ مرجعياته التخيلية والجمالية لبناء عالمه والتي لا يمكن حصرها لأنها قراءة للحياة بكل مكوناتها التي تتراكم لحظة إثر لحظة لتشكل المصادر والمراجع الفكرية والجمالية، فالقراءة تجديد دائم، و هي حلقات متشابكة يضيف كل قارئ حلقته إليها، صحيح أن قطع الحبل السري ضرورة حياتية لكن هذا لا يعني القطع مع الموروثات الجينية للقراءة الأمر الذي سقطت فيه أمة (إقرأ).

عموما، شخصيا فكم أتمنى أن تغدو القراءة وجبة حب يومية للإنسان، فهي فعل تجدد به العلاقة بين الكلمات والواقع، وفي نفس الوقت تمنيت وأنا أقرأ وأكتب ما أقرأه أن تكون للقراءة بالذات لغة واحدة حتى تجعلها كونية، فالكائنات البشرية خلقت لكي تفكر، والقراءة شرط لاستمرار الحياة، وأظن أن مستقبلنا يعتمد على مدى معرفتنا وقرائتنا للكون بما هو موجود، وما وجد، وما سيوجد من هذه المعادلة.

وعليه، أليس من واجب أمة (إقرأ) التي لم تعد تقرأ أن تنظر في مرآتها الخاصة، ثم في مرايا الآخرين لعلها تنبعث من رمادها؟ هل تمثل القراءة ضمير أمة (إقرأ)؟ إذا كان الأمر كذلك من حقنا أن نسأل وبإلحاح: هل تستطيع أمة تحيا هذه المفارقة القاسية أن تحرز نصرا أو أن تصون قضية؟.

التعليقات مغلقة.