كفاح الشعوب: الدروس المستفادة من المسيرة الخضراء
بقلم الأستاذ محمد عيدني
تظل بعض المحطات التاريخية مفصلية في حياة الشعوب، حيث تعكس تطلعاتهم ورغباتهم في تحقيق العدالة والحرية.
تعد المسيرة الخضراء واحدة من أبرز تلك المحطات في المغرب، حيث تمكنت من إعادة صياغة مفهوم النضال وتعزيز التنسيق الاجتماعي والسياسي في سبيل استرجاع الأقاليم الجنوبية.
هذا الحدث التاريخي يمثل تجربة غنية تعكس القدرة على تحويل التحديات إلى فرص.
تجسدت فكرة المسيرة الخضراء كمشروع وطني في عام 1975، حين قررت المملكة المغربية مواجهة الاستعمار الإسباني في الصحراء المغربية من خلال تنظيم مسيرة سلمية.
انطلقت هذه المسيرة بمشاركة آلاف المواطنين، مما يعكس التلاحم بين الشعب والقيادة.
كانت الرسالة واضحة:
المطالبة بالحقوق بطريقة سلمية ومتحضرة تعكس قوة الإرادة المغربية.
يميز المسيرة الخضراء الأساليب غير التقليدية التي استخدمتها، حيث جمعت بين الفعل الجماهيري والوعي الوطني.
تميزت بحضور قوي للمجتمع المدني، وزيادة الوعي بالأهمية السياسية للقضية الصحراوية. هذه النقطة تبرز تغيرًا في النهج التقليدي للنضال، حيث أدى العمل المشترك إلى تحقيق نتائج ملموسة.
لم تقتصر آثار المسيرة الخضراء على المستوى المحلي فحسب، بل امتدت أيضًا إلى المشهد الدولي. شكلت المسيرة نقطة تحول في العلاقات بين المغرب ودول العالم، مما ساعد على تسليط الضوء على قضايا الاستعمار وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
كما أثرت على النقاش العام حول الاستقرار في المنطقة، حيث تم التعامل مع المسألة من منظور حقوق الإنسان.
تقدم المسيرة الخضراء دروسًا قيمة للدول الأخرى الساعية لتحقيق حقوقها. إذ تُظهر أهمية التنوع في أساليب النضال، وتسلط الضوء على أن القوة تكمن في الوحدة والإبداع. الأهم من ذلك هو التركيز على الحلول السلمية والتواصل الفعّال مع المجتمع الدولي.
تمثل المسيرة الخضراء تجربة نضالية فريدة تمتاز بالإبداع والإنسانية. إنها ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي رمز لاستمرار البحث عن العدالة والحرية.
تعتبر هذه التجربة نموذجًا يحتذى به للبلدان التي تواجه تحديات مشابهة، مما يجعل منها قيمة مضافة على الساحة الدولية في مجال حقوق الشعوب.
فإن السلمية والوعي والكفاح جميعها تتلاقى في رسالة واحدة: الحق سيحتمي بالوحدة والفعل الإيجابي.
التعليقات مغلقة.