عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ !؟:
ظهر التميز هذا العام أكثر والعالم المسيحي يحتفل بعيد ميلاد يسوع المسيح “عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ” ذلك أنه عندما التقى العيد والحرب والجسد الفلسطيني الواحد المسيحي والمسلم في الدفاع عن أرضه كان لزاما أن يبرق التهاني بما يعزز ذلك الصمود الأسطوري فعبر رشقات من الصواريخ ظهر هلال العيد هذا العام في فلسطين هذه الصواريخ أطلقت من غزة وفي السماء سارت جنبا لجنب وتقاربت حتى شكّلت الهلال الذي تعذر رؤيته بالعين المجردة ورآه الفلسطينيون عبر صواريخ المقاومة وهي تدك المدن والمستوطنات، هذه الصور أغرقت وسائل التواصل الإجتماعي وسرعان ما حولها أحرار العالم المتضامنين مع الفلسطينيين الداعمين للمقاومة لرشقات للتهنئة وبطاقات معايدة بينهم بعد أن ذيلوها بكلمات ودعوات النصر للمقاومة وتحرير المسجد الأقصى وتوحيد الفلسطينيين بكل مناطقهم وهذه التهاني ظاهرة طبيعية لم يخرج بها الفلسطينيون عن المألوف بل هي تنم عن مدى اتصالهم بقضاياهم الوطنية ولهذا يلاحظ أن المناسبات الوطنية والإجتماعية تواكب دوما الأحداث الجارية على أرض الواقع.
خلال الحرب الإسرائيلية على غزة المتواصلة منذ 7 أكتوبر والتي قتل وأصيب فيها مئات الألاف من الفلسطينيين بينهم عدد من المسيحيين في القطاع بفعل الغارات الجوية الإسرائيلية وعمليات إطلاق النار المباشرة من الجيش الإسرائيلي ومع اقتراب عيد ميلاد المسيح فقلوب مسيحيي غزة وسائر الفلسطينيين هي أبعد ما تكون عن أجواء العيد حتى لو توقف القصف، ولقد قرر رؤساء الكنائس المسيحية في القدس إلغاء المظاهر الإحتفالية بعيد الميلاد بما في ذلك المهرجانات والإحتفالات وتزيين وإضاءة شجرة عيد الميلاد مع الحفاظ على الأبعاد الدينية للعيد ففي ظل الحرب الجارية وفي قرار استثنائي لن تتم مراسيم الإحتفال بل سيتم الإقتصار على الصلاة فقط من أجل نهاية الحرب ومن أجل السلام حتى يتمكن الناس من العودة إلى ديارهم، ويهدف هذا القرار حسب بيان للكنائس إلى نقل رسالة تضامن قوية إلى جميع الكنائس المسيحية في العالم داعيا إلى الصلاة من أجل فلسطين في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها.
إن القهر والظلم والحقد الذي يحيط بالشعب الفلسطيني المرابط في غزة رمز العزة المتمثل في حصد أرواح الآلاف من أبناء شعب فلسطين على يد آلة الحرب الإسرائيلية فلا غرابة أن نرى في فلسطين الدموع وقد امتزجت بالزغاريد ولا عجب أن نلمس أن الشعور بالكبرياء قد استعلى على الإحساس بالمرارة والألم فمن يرى الفرحة التي تعم الشارع الفلسطيني لا يمكن أن يخطر بباله أنه الشعب الذي يشيع الشهداء في كل يوم ولا يمكن أن يصدق أن في كل بيت من البيوت مأساة تأخذ بتلابيب القلوب فلا يكاد يخلو بيت فلسطيني من تغييب فرد من الأسرة عن الوجود أو معتقل أمضى حياته خلف القضبان أو مشلولا ناهيك عن آلاف الأسر التي تبيت في العراء لا تجد ما تسكن به عضة الجوع، كل هذا لم يحُل دون أن مرح و لهو أبناء الشهداء ولم ينجح في سرقة الإبتسامة من شفاههم ولم يكن ذلك لأنهم يعشقون الموت بل هم عاشقون للحياة رافضين العيش في حياة منغمسة في الذل فنفوس الأحرار في فلسطين ترفض أن تعيش مسلوبة الكرامة في ظل الإحتلال الصهيوني للشعب و للوطن.
هكذا هو الحال في فلسطين في كل بيت مأساة وفي كل زاوية كارثة أو مصيبة هذا ما فعله الإجرام الصهيوني الذين يحاول تهجير الشعب الفلسطيني من وطنه بقوة السلاح والجوع وما هو إلا شعبا أعزلا لا يملك ما يدفع به الأذى عن نفسه أو يحمي به الوطن إلا تشبثه بمقاومته الباسلة، لقد ارتكب الإرهاب الصهيوني أبشع المجازر بحق الشعب الفلسطيني والتي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ وأدت إلى تشريد الآلاف من أصحاب الأرض الشرعيين من وطنهم وأرضهم ليعيشوا المرارة و الحرمان والتهجير على مدى ثلاثة أشهر، هذه هي معالم عيد ميلاد يسوع المسيح “عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ” في فلسطين فكل التحية والتقدير للشعب الفلسطيني المرابط والرحمة لأرواح الشهداء والحرية للمعتقلين وللمصابين الصبر على الجراح وأعظم شارة نصر للمقاومة الفلسطينية، فكل عيد و أنتم صامدين.
عبد الإله شفيشو/فاس
التعليقات مغلقة.