أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

كورونا تعمق أزمة الغذاء العالمية ، فهل وصفات الفاو قادرة على توقيف الأزمة ؟

محمد حميمداني 

 يعيش عالمنا المعاصر أزمة غير مسبوقة في مجال الغذاء و التي تهدد 130 مليون شخص بالمجاعة ، الأمين العام للأمم المتحدة يدق ناقوس الخطر الغذائي ، و برنامج التغذية العالمي يحاول المساعدة على التصدي للوضع المأزوم من خلال وصفات علاجية لحد من آثار هاته الأزمة الكارثية .

برنامج التغذية العالمي ، التابع للأمم المتحدة ، في تقرير له تحدث عن خسائر الأغذية و عن ظروفها و التي أضافت بعدا آخر لانعدام الأمن الغذائي الذي لا يستطيع المزارعون تحمله.

و على الرغم من تقديم البرنامج وصفات للتصدي للوضع الكارثي بشكل مباشر في الكثير من البلدان ، عبر التدريبات على التعامل مع المحاصيل بعد الحصاد و توفير تقنيات الحد من خسائر ما بعد الحصاد .

لكن هل هاته الوصفات و التدخلات ساهمت و ستساهم في الحد من خطورة الوضع ؟

الأكيد لا ، فالوضع الغذائي كارثي ، و كورونا زادت المشهد قثامة ، و الدول الفقيرة و الغنية على حد سواء أصبحت مهددة بخطر المجاعة .

انهيار عمليات معالجة الأغذية و نقلها ، و مخاوف الأسواق ، يصيبان الدول ذات الاقتصاديات الهشة في مقتل ، و يتسببان في ظهور أزمة غذاء رغم وفرته .

الكاتبان “ياروسلاف تروفيموف” و “لوسي كرايمر” قالا “إن جائحة فيروس كورونا ضربت العالم في فترة شهدت وفرة في الحصاد و الاحتياطيات الغذائية”

قيود السياسة الحمائية و معالجة الأغذية قادت إلى انهيار الإمدادات الغذائية العالمية ، وضع هدد خاصة الدول الأكثر فقرا ، و هاته الأوضاع السلبية زادت استفحالا مع الاضطرابات التجارية و إجراءات الإغلاق بسبب فيروس كوفيد – 19 ، مما عطل نقل المنتجات الفلاحية ، و النتيجة شح في الأسواق رغم وفرة المنتوج ، و تعفن بعض المحاصيل .

و ما زاد الوضع قثامة و سوادا الانكماش اقتصادي الذي عاشته جميع الاقتصاديات الدولية ، بآثاره السلبية على المستوى الاجتماعي ، من تقلص لدخل المواطنين ، و تهاو  لقيمة العملة في الدول النامية ، المرتكزة أصلا في انطلاقتها الاقتصادية على السياحة ، مما نتج عنه تفاقم هذه المشاكل ، و جعل الغذاء أكثر تكلفة باعتماد هاته الدول على الغذاء المستورد

الخبير الاقتصادي في برنامج الغذاء العالمي “عارف حسين” قال إن “الأزمات التي كان يواجهها العالم في السابق كانت تتعلق أساسا إما بالطلب أو العرض ، إلا أن هذه أزمة مزدوجة – أي أزمة عرض و طلب في نفس الوقت – لم يسبق لها مثيل على الصعيد العالمي” . 

برنامج الغذاء العالمي ، دق ناقوس الخطر مما هو قادم ، و أكد أن العديد من الدول قد تواجه المجاعات بحلول نهاية العام .

اقتصاديون رأوا أن أكبر خطر يهدد المستقبل الغذائي هو الاضطرابات الناجمة عن الوباء ، فهي لن تؤثر فقط على المخزونات الغذائية الموجودة ، و إنما أيضا على الزراعة و الحصاد في الأشهر القادمة ، و سيتفاقم الوضع مع أسراب الجراد التي تهدد الموسم الفلاحي في كل إفريقيا و آسيا

وضع فلاحي كإرثي زاده الإغلاق معاناة ، لأن القيود المفروضة على التنقل جعلت نقل المنتجات إلى الأسواق المحلية أمرا صعبا ، إن لم يكن مستحيلا  .

الأمين العام للأمم المتحدة ، أنطونيو غوتيريش ، قال إن نحو 130 مليون شخص قد يُدفعون إلى حافة المجاعة بحلول نهاية هذا العام ، يضاف إلى ذلك أن 690 مليون شخص يفتقرون أصلا إلى الطعام الكافي ، في الوقت ذاته ، لا يستطيع أكثر من 3 بلايين شخص تحمل تكاليف اتباع نظام غذائي صحي .

إحصائيات أممية تبرز مدى الانهيار الذي أصاب و يصيب النظام الغذائي و الذي أخل بالتوازنات في هذا المجال ، و ينذر بأوخم العواقب على البشرية مستقبلا .

من جهة أخرى قال الأمين العام للأمم المتحدة ، أن جائحة كوفيد – 19 يمكن أن تدفع نحو 50 مليون شخص إضافي نحو الفقر المدقع ، موصيا الدول بضرورة التحرك الفوري لدعم الأمن الغذائي العالمي ، ضمانا لحماية وصول الجميع إلى الغذاء و التغذية الكافية في الوقت الحالي و في المستقبل ، حيث قال ما لم يتم اتخاذ إجراءات فورية ، فمن الواضح بشكل متزايد أن هناك حالة طوارئ غذائية عالمية وشيكة يمكن أن يكون لها آثار طويلة المدى على مئات الملايين من الأطفال و البالغين” .

و لعل منح جائزة نوبل للسلام هذا العام لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة هو أكبر اعتراف بحق جميع الناس في الغذاء ، و بالسعي المشترك إلى القضاء على الجوع ، كما قال الأمين العام للأمم المتحدة ، ففي عالم من الوفرة ، يعد إهانة خطيرة أن يذهب مئات الملايين من الناس إلى الفراش جائعين كل ليلة” ، مضيفا أنه يتعين علينا أن نضمن نظما غذائية مستدامة وصحية للجميع ، و أن نقلل إلى أدنى حد من هذر الأغذية . فنحن بحاجة إلى نظم أغذية توفر سبل العيش اللائقة و الآمنة للجميع . و لدينا الدراية و القدرة لإيجاد عالم أكثر إنصافا و استدامة و قدرة على الصمود” .

فالوضع الغذائي العالمي كارثي ، و قد زادته كورونا صعوبة ، و الأخطر أن الأمر يدور في زمن الوفرة ، بسبب التباينات التي تحيط بالخريطة الغذائية العالمية ، و غياب إستراتيجية إنسانية غذائية تضمن العدالة في تقسيم الغذاء على الصعيد العالمي .   

التعليقات مغلقة.