كيف نستعيد الحياة بعد جائحة كرونا كوفيد 19, عنوان ندوه فطور الصباح العلمية للنادي الشعبي للعائلات بستراسبورغ.
في أخر سبت من كل شهر يحتضن مقر النادي الشعبي للعائلات ندوته الشهرية العلمية في نشاطه الإعتيادي فطور الصباح، نشاط دوري يستقبل أعضاء الجمعية ضيوف النادي المدعوين من أهل الإختصاص من نفسانيين، أطباء، خبراء. أخصائيين إجتماعين، رفقة عددا من المسنين والكهول و الأسر لعديد الجاليات دون إسثتناء المقيمة بستراسبورغ و ضواحيها، أو المتنقلة من خارج المدينة بدعوة من الأهل أو الأصدقاء لمشاركتهم جلستهم العائلية على مائدة ما لذا وطاب من أجود ما قدمته أيادي الحرائر حفظهن الله.
يحتضن النادي ندوته الشهرية في سنته الواحدة والعشرون 21 من الوجود في شكل جلسة عائلية (مائدة مستديرة) يجتمع حولها الجميع تختص بمعالجة القضايا الإنسانية والشعوب المتضررة التي تعاني في صمت بتقديم المساعدات اللازمة لها مادية معنوية, و الإجتماعية الصحية النفسية و السوسيولوجيا والتي تهدف أساسا في التوعية والنصح و الإرشاد و التوجيه لحياة أفضل هادئة في ظل بيئة سليمة نفسية خالية من كل الشوائب و نوائب الدهر. والحرص على نبذ العنف و الكراهية و التشجيع على حسن الجوار والتعايش السلمي بكل معانيه و معاييره, هذا من جهة ومن أخرة نسج جسور الترابط و التواصل بين الأسر و الأجيال بمختلف الثقافات .
نوع النشاط المقترح لندوة هذا الشهر:
أختير موضوع علم النفس لنشاط هذا الشهر نظرا للحالات النفسية المتعرض لها من جائحة كرونا كوفيد 19 والتي عشعشت في أذهان الكثير وتغلغلت إلى أوساط البيوت والمساكن وأستوطنت في عقول الكثير شيوخ وكهول نساء و رجال شباب و فتية.
تـمـهـيــــــــد:
خلفت جائحة كرورنا كثير من القلق المستمر الملازم للفرد والذي بات يطفو على حياة الناس في الأفق بشكل ملفت بخصوص ما يتعلق بالفترة القادمة، لا سيما مع أنماط السلوكيات الصارمة والحذرة التي بدأت العائلات عموما دونما فرق بين الرجال ولا النساء يتخوفن منها وطرح عديد التساؤلات, ما هي الطريقة التي يجب عليهم أن يتكيفن معها لمواجهة هاجسها المسيطر على الجميع و الإستعداد للخروج منه بشتى الطرق. وهذا الأمر سيكون له الأثر العميق على الحياة الإجتماعية وكيفية التفاعل معها نفسيا جسديا صحيا مع الآخرين.
كما أن العودة إلى الحياة أصلا ليست بالأمر السهل، وتغيير المعايير الطبيعية للحياة بعد أزمة كورونا يتطلب إستعداد نفسي لأنه سيظل عائقاً يؤرق الكثير من الناس، خصوصا أن الكثير أضطر للبقاء في المنزل طيلة فترة الحجر الصحي. بينما إضطر البعض لمزاولة العمل عن بعد، وإلتزم أخرون مواصلة العمل من مقرات عملهم بحكم طبيعة مهنهم التي تتطلب عدم توقفها للضرورة الملحة وللمصلحة العامة، في حين خسر أخرون وظائفهم ومناصبهم مما تسبب في كثير من المشاكل العائلية، الإجتماعية, المادية والإقتصادية والتي جرت كثيرا من الخسائر لا تعدد ولا تحصى و التي يصعب إسترجاعها و إستدراكها.
مرحلة الإستعداد للعودة للحياة :
أمام هاجس الكرونا والإنتكاسة التي عرفتها خاصة الحجر الصحي و حظر التجول المفروض وما خلفه من أضرار. إذ أنه يجب ألا يأمل الناس كثيرا بمسألة العودة السريعة بين عشية و ضحاها، بل يتطلب ذلك متسعا من الوقت، فالعودة ستكون تدريجية مع شروط الإلتزام الدائم بالإجراءات الصحية الوقائية، مع توخي الحذر المطلوب و المرافق الدائم.
القلق والخوف , الترقب و الحذر لن يختفيا سريعا:
إن عودة ممارسة الحياة الطبيعية عامة. العائلية ,الإجتماعية, الإقتصادية وغيرها, تتطلب وقتا كبيرا، إذ إن الأزمة التي مر بها الجميع هي أزمة وجودية معشعشة في الأذهان، وهي من أكثر السمات الوجودية للإنسان.
كون أن القلق والخوف سيظلان حاضرين للغاية بعد بدء إعادة الحياة إلى مجراها الطبيعي، خاصة في ظل القلق الإقتصادي وفقدان الثقة بالناس التي عجزت عن إيجاد بدائل للعديد من الفئات. وبالتالي، فإن الفرد بحاجة إلى وقت كبير لإستيعاب وتفهم الطرق التي سيلجأ إليها لكي ينظم حياته التي توقفت منذ عدة شهور.
لأن قلق العودة جسد الخوف من المجهول ومن فقدان الأمان التي خلقها الحجر الإلزامي داخل المنازل بداية والعزل الكلي مع غلق كل المؤسسات والمراكز إلخ. وهذا الغلق خلق إحساسا مصطنعا بالفشل والإحباط، ويجب ألا ننسى أن القلق يحدث عندما يشعر الفرد بالخوف من تهديد محتمل للصحة والسلامة الشخصية، ويترسخ الشعور بالقلق عندما يكون مصحوبا بالغموض والتوتر وحدوث التغيير الغير المنتظر والغير متوقع.
لذا وبينما يسير العالم في إتجاه نحو مستقبل غامض لا يمكن التكهن به ولا التنبؤ بمصيره، فمن الطبيعي جدا أن يشعر الفرد بالقلق حيال ذلك، لكن الحل يكمن في كيفية التحكم بهذا الشعور والسيطرة عليه والخروج منه بإعادة إستعادة الحياة وحدتها بين الداخل و الخارج و من تم تتبع الخطوات الأتية بمحاورة النفس و مناقشتها تارة و مغازلتها و إرضائها أخرى.
وبتناول الفطور وتبادل الحديث والأخبار بين الحضور و المعلومات من مستجدات , وبقاعة المحاضرات للنادي وبإفتتاح الندوة بكلمة ترحيبيبة للأستاذ سيدي محمد طاهيري مدير النادي بالضيوف المدعوين و الأخصائيتين و نوع الندوة ,إنطلقت الأشغال من طرف المختصة النفسية) Hedda Jansenهيدا جونسن ) من ألمانيا رفقة مرافقتها ( بترا مارلان Petra Marlène ) بعنوانها المختار كيف نستعيد الحياة بعد جائحة كرونا وبتقديمها للحضور والتعريف بمهمتها و نشاطها, بدأت بجديد مستجدات علم النفس عموما و الأسري خصوصا في ظل جائحة كرونا وما سببت من أضرار ومشاكل للأسر خلال فترة ظهورها و تفشيها, لاسيما للأسر التي فقدت أحد أفرادها و أقاربها أو وضيفتها أو منصبها ألخ
وقد دارت محاور هذه الندوة العلميّة حول النقاط التالية:
حيث قسمت المحاضرة إلى ثلاثة محاور وكل محور إلى ثلاثة مراحل وكل مرحة إلى ثلاثة أقسام وكل قسم إلى ثلاثة أسئلة ومنها إلى صنفين داخلي وخارجي، وبإجابة معينة ومحددة بنعم أو لا.
وعلى مدار ساعتين من الزمن و شرح كافة مراحل المحاضرة و تفاضليها فتح باب المناقشة للحضور للتفاعل وإعطاء الرأي وإبداء الملاحظات وسرد مختصر تجربة كل فرد مع الحالة وتقديم مقترحه و رؤيته وتصوره للخروج من المشكلة و ما خلفته فكانت المشاركة واسعة لكل المشاركين بتفاعل إيجابي زاد من حماس الندوة و توسعت المقترحات و الأراء الغير متوقعة خاصة بعد تحرر الكثير من هاجس الخوف و بعث روح الأمل في نفسهم بالإستعادة الفعلية الحقيقية للحياة دون خوف ولا شيء.
وبرسم خريطة الإستعادة وتصنيف المقترحات وعرض الحلول والإجابة الثلاثية وهي هل أريد، هل أستطيع ومتى. والخروج من الهواجس الثلاثة الخوف الحزن والغضب، ومنه التغير الخارج يأتي بعد التغيير الداخلي. وذلك بالهدوء والطبيعة، التمركز والتموقع. المساعدة والمؤازرة و التضامن، الإسترخاء النفسي و البدني، البداية الإختبيار وتجنب المخاطر.
وبمراجعة شاملة وغربلة وتأكيد لكل العناصر تم عرض تجربة عينات من الحضور مع التغلب على كرونا والخروج من أزمتها فكانت البداية مع عميد الجالية و أيقونة محبي النادي العم علي عكوش السبعيني صاحب الخبرة الموسوعة العلمية بحكم تجربته كخبير رسام تقني و مختص مربي مرافق الواجب للشباب و الأخت فاطمة و تجاربها و رؤيتها للحالة إضافة إلى عروض باقي الحضور سيدات و سادة حفظهم الله.
وبختام الندوة والتطرق لشؤون مختلفة, عرج السيد المدير بالتعريف بأهم النشاطات التي قام بها النادي على سبيل الذكر لا الحصر لقاء المختصين من كوتش وسوسيولجيين، مهني الصحة بمختلف أنواعها وتخصصاتها، وعن أنواع نشاط الندوات التي أقيمت سابقا منها خصوصا موضوع التبرع بالأعضاء وشرح أهميته وخصوصياته الذي نشطه مختصين في المجال الطبي القانوني الديني, أطره الأستاذ لطاهي سيدي محمد (المرشد المرافق الديني بالمستشفيات) و الذي لقي تجاوبا و إستحسانا من طرف الجميع.
وبنهايتها تم إعلام الجميع بموعد ساعة التجمع لإنطلاق رحلة النزهة المقررة بالهواء الطلق والتي أختبرت وجهتها هذا الشهر منطقة الضفتين بميناء الراين نحو غابات ومناظر ألمانيا الحدودية والتي تستغرق يوما كاملا من النشاط والفرح والمرح والذي كان يوما رائعا و مميزا أستمتع به الجميع بإجماع عن حسن التنظيم و الإشراف و التأطير على أمل العودة و تجديد الخرجات.
التعليقات مغلقة.