إن السبب في أنك لا ترى ثورة تحدث في “موسكو” ليس أن الناس لا يهتمون بما يحدث في اوكرانيا، على العكس من ذلك، فإن خلاصتي على وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بمشاركات من الروس يعارضون الحرب، ماذا يحدث ؟ يقولون،كيف وصلنا الى هذا ؟ هذا جنون !
يقول الناس إنهم يشعرون بالذنب لكونهم روسيين، الناس يحرقون جوازات سفرهم امام الكاميرا،لكن هناك عدد أقل بكثير من الناس الذين خرجوا للاحتجاج،عليك ان تفهم أن الناس العاديين في روسيا خائفون من عقولهم. في اليوم الأول من الصراع، سجن ما يقرب من” ألف” متظاهر في أنحاء روسيا لأنهم خرجوا ومعهم قطعة صغيرة من الورق كتب عليها: ” لا اريد الحرب”، واعتقال أكثر من خمسة ألف ومائتين شخص في الأيام الأربعة الأولى من الحرب.
قضى صديقي بعض الوقت في السجن لأنه سار في نفس الشارع الذي كان فيه المحتجون،القي القبض على استاذ علم الاجتماع،” غريغوري يودين”،في وسط “موسكو” وتعرض للضرب في الجزء الخلفي من “اوتوزاك” (حافلة الشرطة).
يوجد الآن فرق شرطة أكثر مما يمكنني احصاؤه – باسماء القوة العسكرية الداخلية الجديدة مثل “روسك فرديا” وهم لا يرحمون،تم إنشاء هذه القوات منذ عدة – (لروسيا سنوات خصيصا للتجول في شوارع “موسكو” والمدن الاخرى) ومنع حدوث أي شيء مريب.
لايهم ما إذا كنت تبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً أو امرأة حامل في منتصف العمر، سوف يضربونك ويضعونك في عربة “ك.ج. ب” ويأخذونك للاستجواب، عندما يكون لديك وكيل سابق مسؤول،يكون لديك بلد يعمل كسجن هائل.
من الواضح بشكل مؤلم لنا أن هذه الحرب لاطائل من ورائها على الإطلاق، يستخدم”بوتين” دروس التاريخ الزائفة، ويأسف لسقوط الاتحاد السوفيتي، ويطلق مزاعم حول تقدم الناتو لقواته لمجرد تبرير جنونه،اعتقد أن الإجابة الصحيحة على السؤال الذي يطرحه الناس على وسائل التواصل الاجتماعي – ” كيف وصلنا الى هذا؟” – هل أن”بوتين” مجنون ؟ ، لااعرف متى او لماذا حدث هذا؟ ربما يكون عمره،ربما تسببت عزلته أثناء “الوباء”في التشكيك في ارثه.
هناك انقسام كبير في الآراء بين” الروس الجدد” – جيلي، الأشخاص الذين ولدوا في التسعينيات، والذين لم يعيشوا في العهد السوفياتي – والجيل الاكبر سنا،لا أحد من اصدقائي في هذا الوطن يعتقد ان”بوتين” لم يكن يخطط لهذه الحرب لبعض الوقت،يتم تغذية الروس الأكبر سنا بالاكاذيب عن طريق التلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى لاقناعهم بأن ما يفعله “بوتين” له ما يبرره.
المشكلة الكبرى هي أنه لا توجد ايديولوجية متماسكة في روسيا،لا توجد طريقة مشتركة لتفسير العالم. بدلا من ذلك، فإن الفكرة التبسيطية التي اصبحت سائدة هي قصة “نحن ضدهم”.
يقول إن أوكرانيا هي عدو تاريخيا جزء من روسيا لكنه باع نفسه لحلف شمال الأطلسي، او أن كل شخص في العالم هو دمية للولايات المتحدة.
هذه الأفكار معدية للغاية،عندما تحاول التفكير مع شخص عادي في روسيا،فقد يقولون شيئاً مثل:”التلفزيون على صواب وأنت مخطىء،ايضا ربما تكون “عميلا لوكالة المخابرات المركزية”، يعيش الكثير من الناس في خوف دائم ويسهل عليهم تصديق ما قيل لهم،قد يكلفك الوقوف خارج الحشد.
“بوتين”، الحريص جدا على التاريخ،يحفر قبره عن غير ومواجهة عقوبات من ” سوفت” قصد،مع عزل روسيا من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يستغرق الامر بضع سنوات فقط قبل أن تمر باوقات عصيبة للغاية،وعندما يحدث ذلك،لن يخاف الناس بعد الآن.
إذا كان التاريخ يعلمنا أي شيء،فهو أن الناس – حتى أولئك الذين يتسمون بالعناد والصبر مثل الروس – ان يتحملوا نقص الطعام،عندما تنفذ الأموال، ستنطبق كذلك ساعة”بوتين”.
التعليقات مغلقة.