أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

لماذا غيبت “شرين” عن النشرة!؟

الحبيب عكي

 

وغابت “شرين” عن النشرة؟، قالها المذيع وفجر فينا صدمة السؤال تلو السؤال، وفي كل سؤال جزء من الإجابة التي غيبتها وغيبتنا أو تكاد عن المشهد ككل وليس عن النشرة وحدها، هل غابت “شرين” عن النشرة أو غيبت؟، لماذا يصر البعض بتسميتها صحافية الجزيرة بدل صحافية القضية؟، ولماذا يطلقون عليها صحافية أمريكية بدل فلسطينية؟، ولماذا بعض المنابر تقول عنها صحافية مقتولة بدل شهيدة مغتالة؟، بل وتتحدث غواية الإعلام أيضا عن نيران صديقة أصابتها بدل قناصة صهاينة غدروا بها وأردوها؟، ويقولون حدث صادم.. مروع.. مفجع.. بدل إرهاب صهيوني مدمر؟، اضطراب في اضطراب.. يعمق ظلم العدو وظلمات المتاهة؟.

 

ومن ظلم العدو وظلمات المتاهة أن الإرهاب الصهيوني الغادر يطالب بالمشاركة في التحقيق، وكأنه يرى في اغتيال الصحافيين واغتيال المقاومين، وكل مهاجمة جنين، وحصار القدس، واستوطان الضفة، وحواجز المعابر في 48..؟، حقا مستباحا، بل يريد أن يفرض نهجه الملعون في التحقيق وقلب الحقائق فيها من رواية إلى أخرى، يخلقها ويصدقها حتى إذا ما صدقها غيره من كثرة الدعاية، كذبها وفبرك غيرها؟، أعطونا الرصاص القاتل.. أعطونا أكياس الدماء.. أعطونا اللباس.. أعطونا المراسلة ذاتها لنرى هل هي مقتولة أو متقاتلة؟، ألا لعنة الله على المجرمين المتغطرسين الذين لم يجدوا من يوقف غطرستهم وجنونهم وجنون المتواطئين؟.

 

وكيف سيوقفها مفاوضو السلام “الاستسلام”؟، أو المطبعون العرب؟، أو لجن التحقيق الدولية والنظام الجديد وحقوق الإنسان؟، وهم من يشعلونها ويشجعون عليها ويحمون مجرميها بما ألفوه من الدعم المالي والإعلامي لهم، واستعمال حق “الفيتو” غير ما مرة  في مجلس الأمن والكيل بمكيالين، كما حدث في “شارلي إيبدو” و”مرفأ لبنان” و”الحريري” و”خاشقجي” و”البوسنة” و”أوكرانيا”..؟. الشهيدة “شرين” وأخواتها في الالتزام والنضال والصدع بالحقيقة، والقضية ككل لن ينصفها اتحاد الصحافيين الدوليين على علو كعبهم الإعلامي، ولا المقاولون العرب على ثرائهم، لن ينصفها غير ردود ميادين المقاومة وساحات النصرة فمن يخلي سبيلها؟.

 

“شرين” صوت الحقيقة تتنفس القضية، وكما شاهد الجميع شريط حياتها على كل القنوات والفضائيات، كانت تراسل في كل الأخبار العاجلة إلى أن كانت هي الخبر العاجل؟، كانت تكون في كل الأماكن الساخنة إلى أن كان مكان استشهادها هو الساخن، كل بيوت الشهداء والأسرى تعرفها.. وكل بيوت السجناء واللاجئين.. والمشردين والمهجرين.. وكل ضحايا المستوطنين من ديارهم و أراضيهم.. كل المحاصرين من المرور إلى القدس والصلاة في الأقصى والخروج أو العودة إلى غزة وأراضي 48، وهذه جرائم الاستيطان الصهيوني، وكل الفلسطينيين يحكونها كما تحكيها “شرين” كلهم في الهوى والحكاية “شرين”، كم اغتال العدو الصهيوني من صحافي في الانتفاضة الأولى والثانية والحصار الأول والثاني والثالث… بالعشرات وبالمئات، بل لقد هدم البرج الإعلامي في غزة عن آخره إبان عدوانه عليها، فهل توقف الاعلام الغزي أم انتعش أكثر، “إنه شعب الجبارين” فطوبى لهم؟.

 

 لذا فإن اغتيال الشهيدة المجيدة “شرين أبو عاقلة” وإعدامها الميداني رميا بالرصاص في ميدان مفتوح وبسترة الصحافة وصدريتها، لن يعدم الحقيقة، ولن يدفن القضية التي كانت تناضل من أجلها، لأنها القضية الحق والعدل والوطن والإنسان، ولكنها أكدت لنا رسائل في مسارنا النضالي ضد العدو الصهيوني المتغطرس والكيان الغاصب، لعل من بينها أن النضال ميداني و”الغائبون في الجغرافيا غائبون في التاريخ”؟، ومن بينها أن مواكب الشهداء والمقاومين والمرابطين قوافل بعدها قوافل في مسار لا ينتهي في ثورة لا تنتهي إلا بالنصرة والتحرير أو القضاء والشهادة؟.

ولعل من بينها أن شدة المقاومة قد عرت العدو على حقيقته وأفقدته أعصابه فلم يعد يعتبر لا المفاوضين.. ولا المطبعين.. ولا زبانية صفقة القرن ولا.. ولا..؟، بل مر هذا العدوان الصهيوني الغاشم من العدوان على النساء المدنيات والأطفال الأبرياء والشيوخ العزل إلى النخبة المقاومة من المثقفين والإعلاميين والعلماء العاملين، الذين يحييون ويناصرون القضية ويرابطون على ثغورها المتجددة، لكن هيهات هيهات، ليست “شرين” الشهيدة المجيدة – رحمة الله عليها – هي المغتالة بل الكيان اللقيط المرعوب من يتلقى بإرهابه حتفه ويجتث جدره، ومن يلطم وجهه بيديه ويخطو إلى الجحيم برجليه، فلا عزاء له؟.

التعليقات مغلقة.