سعيد بنيس
من الأسباب الموضوعية والمادية لفعل المقاطعة تلاشي المستوى المعيشي للطبقة المتوسطة التي اصبحت تعيش وضعية اقتصادية تتشابه مع وضعية الطبقة الهشة والفقيرة لا سيما إذا أخذ بعين الاعتبار أن المواد موضوع المقاطعة هي مواد تدخل في النسق الاستهلاكي للطبقة المتوسطة.
كما أن من الأسباب الرمزية والذاتية للمقاطعة رغبة الأفراد في تجاوز جميع البنيات السياسية والمدنية والنقابية والمؤسساتية التي أبانت على عدم فاعليتها مما دفع بالفرد إلى الانتقال من مواطنة واقعية إلى مواطنة افتراضية شجعت على تبني موقف المقاطعة دون مواجهات مباشرة مع السلطة بالارتكاز على ثقافة “بارطجي” كأداة للإقناع والتوافق والانخراط الجماعي. ففعل المقاطعة الافتراضي بالنسبة للفرد والمجموعات صار هو الضامن لاستمرارية المقاطعة الواقعية كآلية للممانعة والتعبئة وبالتالي الضغط والتأثير، ما مكن الحراك الرقمي من إعادة تصويب الوعي الاجتماعي والتفكير في غزو فضاءات أخرى من خلال سلاح المقاطعة مثل الفضاء السياسي والفني وغيرهما.
– أما على المستوى الترابي فالسبب الأساسي والمباشر للمقاطعة هو شعور الإحباط المجالي حيث أن من المنخرطين في المقاطعة من يعيشون في مجالات ترابية وجهات بحسب خريطة الفقر المنجزة من طرف المندوبية السامية للفقر تنعدم فيها الشروط الأساسية للعيش مما يجعل من فعل المقاطعة متنفسا اجتماعيا للتعبير عن وضعيتهم الاقتصادية وفرصة للإفصاح عن موقفهم من فشل النموذج التنموي ورسالة للمركز بأن السبب الرئيس في المقاطعة هو الوعي المتنامي لساكنة الهامش بحقوقهم المادية والرمزية.
التعليقات مغلقة.