يعتبر برنار لوغان مؤرخا وعالم أنثروبولوجيا فرنسيا، هو المولود بمدينة مكناس مثل ابن بلده ميشيل جوبير. وهو من جيل المؤرخين المخضرمين لأنه من الذين كانوا يرسمون الخرائط يدويا ومن ثمة دقة معرفته بالتاريخ والجغرافية. ومن علماء التاريخ والأنثروبولوجيا الموضوعيين الذين يقدمون الدليل التاريخي والعلمي على مغربية الصحراء الغربية والشرقية معا.
كتب لوغان أخيرا كتابا يحمل عنوان “الصحراء في عشرة أسئلة” يعود إلى نشأة قضية الصحراء الغربية المغربية. ويميط هذا الكتاب اللثام عن النشْأة الأولى لأرض المملكة المغربية، بدءا من الإمبراطورية المرابطية، مرورا أيضا وقبل كل شيءٍ بفترة الحماية والاستعمارِ وما بعد الاستعمار ليصل في الأخير إلى الصحراء المغربية ويكشف عن الحقيقة التاريخية التي لا تنكرها إلا الجزائر، التي رأت النور سنة (1962)، بعد سنوات من طرح المملكة المغربية ملف إنهاء الاستعمار الإسباني في الصحراء على أنظار الأمم المتحدة.
ويبين لوغان أن الصحراء مفهوم جغرافي أراد البعض تحويله إلى قضية سياسية ومن ثمة الحديث زورا عن مفهوم “الشعب الصحراوي”!؟ كما يطرح في الكتاب مفهوم البيعة، وما يقوله القانون الدولي في المسألة، واعترافات الدول الأوروبية. ولأهمية الكتاب تعمد دور نشر إلى ترجمته إلى أكثر من لغة منها العربية، والإسبانية..
حيث يتطرق لوغان في كلمته “ها هي فرنسا تخرج من هذا الغموض وذلك لأن فرنسا أيدت، في الواقع، على الدوام الموقف المغربي ولكنها أيدته اليوم بطريقة غير مترددة نوعا ما وكما أشار إلى ذلك صاحب الجلالة، من الواضح جدا أن فرنسا تعترف بالسيادة المغربية على هذه الأقاليم الجنوبية. وبالنسبة للمؤرخ، وذلك لأنني مؤرخ، يمثل هذا الأمر مطلق الشعور بالرضا على مستويين اثنين: أولا كصديق للمغرب لأني أتحدر من مدينة مكناس [المغربية]، كصديق للمغرب، وكوطني فرنسي لأنني قد عانيت هذه السنوات الطويلة من هذا الشجار الاصطناعي والعابر بين بلدينا. وهذه هي النقطة الأولى.
أما النقطة الثانية فتتجلى في كوني مؤرخا، وبتلك الصفة فأنا مسرور بأن أرى أنه على المستوى الأعلى للدولة الفرنسية يتم الاعتراف بالحقيقة التاريخية التي لا جدال فيها وهي أن المغرب دولة عريقة جدا، وهذه الدولة التي يمتد عمرها آلاف السنين كان لها دائما تأثير مزدوج في اتجاه الشمال والجنوب. وقد قال جلالة الحسن الثاني إن المغرب مثل شجرة تمتدُ جذورُها المُغذِّية امتدادا عميقا في التراب الإفريقي نحو جنوب السنغال، نحو نهر السنغال، وتتنفَّسُ بفضلِ أغصانِها التي يُقوِّيها النسيمُ الأوروبيُّ.
وتتمدد أوراقها على امتداد البحر الأبيض المتوسط، ولهذا فللمغرب تقليد يعود إلى آلاف السنين، تقليد يتمثل في توجهه نحو الجنوب، لكن عمليات التقسيم والبتر التي اقترفها الاستعمار في حق المغرب جعلته يفقد جزءا من أراضيه، وها نحن نشهد اليوم الاعتراف بمغربية الصحراء التي يقال عنها [الصحراء] الغربية. إن الرئيس ماكرون يعترف ببعض، الأخطاء التي اقترفت في فترة الاستعمار.
ولكن ما دمنا في المغرب ولسنا في الجزائر، أقول إن قوة المغرب تكمن في أنه لا يمارس سياسة قائمة على الاتهامات المضادة، بينما الجار الجزائري ينتهج سياسة تقوم فقط على الاستياء والاتهامات المضادة تجاه فرنسا؛ وتقوم بالتأكيد على الغيرة من المغرب”.
التعليقات مغلقة.