خلال أسبوع كان لدي أول كابوس عن الحرب، في الحلم، استيقظت لأجد أن روسيا قد هاجمت مدينة “كييف”، لم يكن هناك اتصال بالأنترنت، ولا توجد طريقة لمعرفة ما حدث.
راودني هذا الحلم يوم الاربعاء، الليلة التي –وفقا للاستخبارات الغربية – من المرجح أن تبدأ روسيا هجومها على أوكرانيا، خلال الأشهر القليلة الماضية، درس الأوكرانيون سيناريوهات مختلفة وخطط طوارئ، لكنهم حافظوا بشكل أساسي على الهدوء، لكن عندما قامت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وعشرات الدول الأخرى، بإجلاء سفارتها من العاصمة، شعرت بالاختلاف.
وذكرت عناوين الاخبار هذا الأسبوع أن تقدم روسيا سيبدأ بالهجوم على”كييف”، منطقي، اذا أرادت “موسكو” السيطرة على هذا البلد، فسوف ترغب في كسر هدوء وتصميم النخبة السياسية والاعلامية والتجارية التي عاشت، على مدى السنوات القليلة الماضية، حياة أوروبية طبيعية تماماً دون الحاجة إلى التفكير كثيرا في الحرب على بعد أميال من الحدود في منطقة “دونباس”.
أعلن الرئيس “فولوديمير زيلنسكي” أن الأربعاء، وهو اليوم المفترض للهجوم – يجب ان يكون “يوما وطنيا للوحدة”.
عرضت القنوات التلفزيونية” المملوكة الى حد كبير لحكم القلة وخصوم الرئيس”برامج حية” تعرض وجوها مألوفة من جميع أنحاء الشبكات، سخر بعض الناس من الفكرة برمتها، لكنها نجحت في الأخير.
في الواقع، بدأ “اليوم العصيب” المتوقع لأوكرانيا كأنه عطلة، لكن هذا كان خادعا إلى حد كبير، تم بالفعل نشر مائة وخمسين ألف جندي روسي على الحدود، وتم بناء جسر عائم آخر للمركبات العسكرية في ” بيلاروسيا “، بالقرب من أوكرانيا، حيث تجري التدريبات العسكرية.
الخوف أمر لا مفر منه، لكن الذعر لا طائل منه، إن هذا الرفض لتغيير حياة الاوكرانيين لم يولد من العناد او الاهمال، أو القدرية، أو عدم الثقة بالمصادر الغربية، هم يعلمون أن ما سيأتي قد يكون طويل الامد، وهم بحاجة إلى الحفاظ على حياتهم الطبيعية وقواتهم. في أفضل سيناريو، يمكن نقل تنبيهات التهديد كل أسبوع، في أسوأ الأحوال، يمكن أن يحدث توغل عسكري واسع النطاق، وقد يستمر القتال لأشهر أو سنوات.
ويقول سبعة وخمسين في المائة من الاوكرانيين إنهم مستعدون “للمقاومة” وهذا العدد آخذ في الازدياد أيضا.
تخبرني تجربتي في الإبلاغ عن نزاع “دونباس”، في الجنوب الشرقي، أن الإستراتيجية الروسية باتهام أوكرانيا بارتكاب جرائم وهمية قد تستمر.
في بداية الأسبوع، دعا البرلمان الروسي “بوتين” إلى الاعتراف باستقلال جمهوريتي “دونيتسك” و ” لوهانسك” الشعبيتين، اللتين ينظر اليهما على نطاق واسع على أنهما محكومان من قبل وكلاء “الكرملين”، وهو ما كان حتى الآن مترددا في القيام به رسميا.
إذا مضت روسيا قدما، فسيكون لذلك عواقب وخيمة على “اتفاقيات مينسك”، اتفاقية السلام الموقعة في 2014-2015، سيركز العمل العسكري الشامل على نهر “دونباس”، لكن الفوضى ستشتعل في جميع أنحاء البلاد.
في بحر هذا الاسبوع، في الذكرى السابعة “لاتفاقات مينسك”، وبينما ناقش مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هذه القضية، تحدى وزير الخارجية الأمريكي، “انتوني بلينكين”، روسيا للإدلاء بتصريح لا لبس فيه بأنها لن تغزو أوكرانيا، ورد أن قذائف المدفعية اصابت” ثلاثين بلدة على الأقل”.
على الجانب الذي تسيطر عليه الحكومة الأوكرانية من “دونباس”، مما أدى إلى الحاق أضرار بحضانة وإصابة ثلاثة أشخاص. كما كان متوقعا، اتهم الروس في الأمم المتحدة أوكرانيا بالهجوم، وسارع الغرب الى وصف القصف بأنه “علم مزيف”، وأدان العملية التي بدت أنها محاولة لتوفير بعض الأسس الزائفة لهجوم روسي. لكن في المستقبل، نظرا لأن دولا مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قد سحبت بالفعل مراقبيها، سيكون هناك عدد أقل من العيون على الأرض.
إذن ماذا سيحدث الآن؟ لا يعتمد ذلك فقط على عملية صنع القرار التي يتخذها “بوتين” (ومن الجدير بالذكر أنه على الرغم من كونه تكتيكيا، إلا أنه ليس استراتيجيا لئيما)، بل يعتمد أيضا على الردع وحجم الاستجابة من أوكرانيا وبقية العالم.
الدرس الذي يمكن تعلمه من احتلال شبه جزيرة “القرم ودونباس” في عام 2014، هو أن تصور الضعف يزيد الامور سوءا.
لوقف روسيا، يجب على الأوكرانيين أن يظهروا، لأطول فترة ممكنة. قد لا تكون بداية حرب واسعة النطاق واضحة مثل هجوم بصري دراماتيكي على ” كييف”، أو تقدم الدبابات الروسية على طول الحدود. وبدلا من ذلك، وكما نشهد بالفعل مع عمليات الاجلاء الجماعي، فإن هؤلاء الملايين من الاوكرانيين المقيمين في “دونباس” هم الذين يعانون أولاً، ويعانون أكثر من غيرهم.
التعليقات مغلقة.