أظهر تحليل وسائل إعلام لصور أقمار صناعية (نشرتها شركة تدعى ماكسار) لموقع على الحدود المصرية مع غزة بدء السلطات المصرية بإنشاء جدار أمني على طول كيلومتر واحد، يبدأ جزؤه الشمالي عند نقطة قريبة من الطريق المؤدي إلى معبر رفح، ويتجه نحو الجنوب في خط مواز للحدود مع القطاع. كما تم رصد أعمال بناء جدار في موقع مقابل معبر كرم أبو سالم يبعد عن موقع الجدار السابق 1,2 كيلومتر، وعند اكتمال بناء الجدارين سينتصب جدار عازل بطول 2,3 كيلومتر، وتبلغ طول المنطقة التي تسوّى تربتها 3 كيلومترات، وقد تمت خلال هذه العملية إزالة أنقاض عشرات المنازل التي دمرتها السلطات المصرية سابقا خلال ما سمي «الحرب على الإرهاب».
نشرت «مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان» ما قالت إنها معلومات تفيد بأن أعمال البناء الجارية تتم تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة هدفها إنشاء منطقة أمنية معزولة بهدف استقبال لاجئين من القطاع في حال حدوث عملية نزوح جماعي. قامت وكالة الأنباء رويترز بتأكيد، من أربعة مصادر، بأن مصر تمهد منطقة على الحدود يمكن استخدامها لإيواء لاجئين فلسطينيين، واصفة هذا الإجراء بأنه «تحرّك طارئ من جانب القاهرة».
نفى الجانب المصري هذه الاستنتاجات، فقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، إنه «لا يوجد استعداد لهذا الاحتمال» فيما عزا محافظ شمال سيناء، محمد شوشة، هدف الأشغال إلى «حصر المنازل المهدمة خلال الحرب على الإرهاب لتقديم تعويضات مناسبة لأصحاب هذه البيوت».
النفي الرسمي المصري غير مقنع، وعلى الأغلب أنه سيُحرج مردّديه، فما الذي دفع هذين المسؤولين المصريين إلى الإنكار البلاغي على طريقة رشوان، أو التفسير الركيك، على طريقة شوشة؟
تتحدث المصادر عن منطقة أمنية بحدود لا تتجاوز 13 كيلومترا مربعا، وهذه يعني أن حجمها لا يمكن أن يتسع لعدد محدود من البشر (لا يتجاوز 100 ألف شخص) وهذا يتناسب مع التحليلات التي تعتبر ما يجري «خطة طوارئ» وليس قبولا لفكرة تهجير الفلسطينيين، التي عبّرت القاهرة، أكثر من مرة، عن معارضتها الشديدة لها.
التصريحات الأممية، على شاكلة ما قاله المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، تؤشر إلى مخاوف واقعية بإمكانية دفع إسرائيل سكان غزة المتجمعين في جنوب القطاع إلى مصر، واصفا ذلك بـ«حكم بالإعدام» على عملية السلام، وبأنه سيكون كارثيا بالنسبة للفلسطينيين، ولمصر، على كل المستويات.
آخر التصريحات الدولية الكثيرة التي أطلقت بهذا الخصوص كان ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، عن أن شن هجوم إسرائيلي على رفح «لن يؤدي إلا إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة» واصفا إياه بأنه «نقطة تحوّل في الصراع».
ما يلفت بين كل هذه التصريحات، هو قول وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمس الجمعة، إن إسرائيل ستنسق مع مصر بشأن اللاجئين الفلسطينيين «وستجد طريقة لعدم الإضرار بمصالح القاهرة» مؤكدا، في الوقت نفسه، على قرار الحكومة الإسرائيلية باجتياح رفح «لأنه لا يمكنها ترك حماس هناك»!
الأكيد، حتى الآن، أن إسرائيل ماضية في عمليتها لاجتياح رفح، وأن بناء مصر لهذه المنطقة الأمنية المسوّرة هو نوع من الإشارة التي يمكن أن تفسّرها تل أبيب باعتبارها قبولا مصريا بتهجير الفلسطينيين، ولن تنشغل حكومة الإرهاب الإسرائيلية، ضمن هذا السياق، بما إن كانت «الهيئة الهندسية للقوات المسلحة» المصرية قد تحضّرت لاستقبال 100 ألف أم مليون ونصف المليون فلسطيني.
التعليقات مغلقة.