من الثابت أن المصادقة على تعديل المادة 316 من مدونة الحقوق العينية في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب يوم الثلاثاء 30 يناير الماضي سيبسط المسطرة دون أدنى شك، على اعتبار أن هذا التعديل سيجعل التقييد الاحتياطي يستمر إلى حين صدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي به، علما أنه لا تقبل دعوى القسمة إلا إذا وجهت ضد جميع الشركاء وتم تقييدها تقييدا احتياطيا لما يتعلق الأمر بعقار محفظ طبعا.
وإذا كان هذا المقترح هو أول مقترح قانون تتم المصادقة عليه داخل اللجان، فإنه بات لزاما أن تتم برمجة والمصادقة على مقترح تعديل المادة الثانية من الحقوق العينية لما تشكله على حالتها من مساس بحق الملكية.
وتعتبر المادة الثانية من القانون رقم 39.08 المتعلق بالحقوق العينية من الثغرات القانونية التي ينبغي التصدي لها تشريعيا لاعتبارها سيفا مسلطا على رقاب الملاك، خصوصا الغائبين أو الساكنين خارج أرض الوطن، أو القاطنين بأرض الوطن لكن يتهاونون في مراقبة سلامة رسمهم العقاري لمدة أربع سنوات، فتصبح أملاكهم في مهب الريح في زمن تفننت فيه مافيا العقار في سلوك عمليات نصب واحتيال خطيرة ومعقدة من أجل السطو على أملاك الغير وتحقيق الأرباح الفاحشة بدون وجه حق وضدا على القانون والدستور الذي يضمن حق الملكية.
وذلك يهدد ثقة المالك في نظام التحفيظ العقاري؛ ذلك أن التنصيص على سقوط حق التقاضي بالنسبة للمتضرر، أي صاحب الحق الأصلي، بعد انصرام أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد، أمر غير منطقي لأن بمقتضاه تمت التضحية بحق المتضرر الذي هو أجدر بالحماية لأنه المالك الأصلي حسن النية الذي وقع ضحية تزوير أو تدليس في اللجوء إلى القضاء بعد مرور الأجل، أي أربع سنوات؛ الشيء الذي نستنتج معه أنه على كل مالك أن يراقب سلامة رسمه العقاري باستمرار وأنه مهدد بفقدان ملكيته بشكل نهائي إذا وقع أي تقييد في هذا الرسم بدون علمه زورا أو تدليسا بعد مرور أربع سنوات على ذلك التقييد، وهو أمر خطير يصعب تداركه.
لذلك اقترحت بعض الفرق البرلمانية خلال الولاية السابقة تعديل الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون 30.08 بحذف المقتضى الذي ينص على تحديد أجل أربع سنوات للجوء إلى القضاء، حتى يبقى المجال مفتوحا للمالك الأصلي الذي وقع ضحية زور أو تدليس ولم يعلم بذلك ليلجأ إلى القضاء متى تمكن من اكتشاف ضياع حقه من دون تحديد لأي أجل، تماشيا مع مقتضيات الدستور الذي يضمن حق الملكية في فصله 35.
واذا استمر تفعيل المادة المذكورة واستمر التقاعس عن مناقشتها وتعديلها بما يتماشى مع الدستور وطابع الحرمة والقدسية التي أضفاها على حق الملكية، فإن الأمن العقاري سيُصبِح مهددا وتنتفي العدالة الجيدة في مجال العقار وكل ما تعلق به من منازعات، خصوصا وأن المحاكم تزخر بالقضايا الضخمة المتعلقة بالتزوير والنصب والاحتيال والتدليس من طرف شبكات مختصة في هذا المجال، وأن هناك من يتصيد الفرص لمراقبة كل من غاب عن الوطن أو تهاون عن مراقبة سلامة رسمه العقاري لمدة أربع سنوات ليعمد إلى السطو على العقار بواسطة التدليس أو تزوير العقود والوكالات.
التعليقات مغلقة.