أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

ماقالوه عن الراحل عزيز الوديع

كتبها وجمعها :عبد الرزاق كارون
صلاح الوديع، عبدالحميد جماهري، عبدالقادر الشاوي، منير الشرقي ومليكة طيطان يكتبون عن رحيل الكاتب والصحفي والمناضل الحقوقي عزيز الوديع الذي غادرنا صباح هذا اليوم:
—————————–
1″القلب ٱخر ما توقف،صلاح الوديع”

ليس غريبا أن يكون قلبك الرائع هو آخر ما توقف في كيانك الحبيب.
لم تطلب شيئا في حياتك بل تركت كل شيء وراءك وذهبت.
كل شبر في جسدك حمل وشما من الأوشام. أربع عمليات خلال ثلاثة شهور، كبراها على قلبك المفتوح، قاومتها بكل عنفوانك.
تضاف إلى وشم السنوات السود التي لقنتها من صمودك أساطير الصبر والتحمل، وأنت ابن السابعة عشرة لا غير…
لكن الجسد انهد في آخر المطاف. فما كان لقلبك الكبير إلا أن يذعن.
كنت أقول لك قيد حياتك: “أنت بطل حياتي”، وكنت تبتسم في تواضع وترفع.
وكنت أؤكد على ذلك وأقول لك: لا تتواضع كثيرا، أنت بطل حياتي وأنا أعني ما أقول. دعني اقولها حتى لا تخنقني الكلماتُ لو غبتَ يوما قبلي…
وداعا أخي، وداعا رفيقي اللايعوض
نم في سكينة الأرواح الصافية الودودة…
عليك الرحمة إلى أبد الآبدين.
2″عزيز علي …وديع في الماوراء،عبد الحميد جماهري ”

يجب ان اصدق انه قابل للموت …لكي افسح القلب للحزن
يجب الا يموت لكي أتدرب على غيابه
عزيز الوديع الذي عاش بتلقائية من جاور الموت حتى كدنا نراه الدليل المستعصي على النهايات…
عزيز الذي خرج من متاهات الرصاص بمصنف عن الضحك
أصغر قلب كان على جلادي سنوات الرصاص ان يكسروه ليكسروا عائلة خرجت من صلب الخلود..في آخر مرة مازحني وانا اغادر مصحة القلب وقد جاء متزامنا مع مغادرة سرير الوجع …هاأنت ترى لقد جئت بألمي لكي أدفعك الى الحياة ….خجلت من مرضي وهو يزورني ويقترف /يسرق ضحكا امام غرفة العيادة
عزيز الوديع يجب ان تكون الحياة بلامعنى حقا حتى تسمح لنفسها أن تودعك…ياشقيق العالم،دم صديقي وحدث الخالدين عني…عن قلب تركته في طبيعة ميتة.
3″العزيز الآخر الذي لا يودعنا،عبد القادر الشاوي”

لن أصدق أي شيء، ولو أنني أصدق، كما لو كنت أكذب على نفسي، أن عزيز قد ذهب إلى غير رجعة. أضع المصيبة التي حلت بالطائفة المتبقية في السؤال التالي: كيف يموت عزيز أصغرنا ونبقى نحن آخر المتبقين وقد بلغ الكبر ببعضنا مبلغا؟. إذا كان القدَر فهو أحمق كما قال الشاعر وَتَبِعَه المُغَني، إذْ مَالَكَ أيها القذِر لا تقيم وزنا للأمل؟ وإذا كان سَكَنُ الوجود في الكون لمدة معلومة فلماذا لا يُعلِمُ الموت بأي تاريخ للغياب؟.
لعله بالكاد أقفل هذه الأيام سنواته الستين، ولعله تصدى للمرض بيأس يسمونه الصبر، ولعله رأى صدره وهم يشقونه فلم يرتعب في هدوء تام ولم يَحْم دمه أبدا. كان هذا المناضل ربيب معاناة فلم يدخل في صراع ولم يَرْم غيره بالحجارة، ولعله أيضا مات على إيمانه القديم بأن العالم لا يستحق إلا السخرية… وَمَنْ وجد منكم بعد اليوم غير هذا فليُخبر فصيلتَه… ولكنني ما زلت إلى يومنا هذا، وقد تغيرت الجغرافيات وسقط التاريخ على الضحايا، أبْصِرُ ممشاه في تلك الساحة وهو على هدوئه المعهود كالبركان، يهمس بالأشياء الكثيرة التي كانت، على الدوام، مخبأة في صدره وتُساكن ضلوعه لا لِعَقْله عليها قيودا أو موانع. ولما أقفلَ شاربَه شفتيْه أيقنتُ، ولو على بعد، أنه بقي على ممشاه في جميع الساحات لا يحيد عن المسافات إلى أخر التأوهات المكتومة.
كان عزيز يكتب وكنت أضع فوق كتاباته الشذرية الرامزة صورا مبتدعة على قدر الخيال المشترك الذي جمعنا في زنزانة… هو الكاتب الشذري كَمْ تعلق بالحكمة وَخَطّها في الدفتر الصغير الذي لم يكن يفارق سخريته، وكم كنتُ أحار في قدرته على قلب المعاني فله فيها آيات. وها أنا اليوم أضع على صدر موته تعزيتي فيه وفي عشيرته الأولى وفي نفسي المكلومة ولا أصدِّقُني ولا أصدق أي شيء.
المناسبة القاسية هي هذه: مات عزيز، الذي في مبنى كُنْيَتِه معاني الرقة والرأفة والوفاء، بعد أن لم يجدوا في قلبه يوم (الفتح) الأليم إلا الصمت والسخرية وبعض الحنين. أقصد أنه ترك وراءنا إلى يوم النسيان سلالة ملذوعة، وخديجة مكلومة وبثينة مألومة.
4″عصي علي أن أصدق أنك رحلت …منير الشرقي ”
اختار الموت مرة أخرى أن يختطف ورقة أخرى من شجرة آل الوديع .. بعد فترة قليلة على تقاعده المهني يرحل عزيز فجر هذا اليوم … كان الخبر مفجعا لأسرته الصغيرة و لعائلته الكبيرة ، جميع رفاقه من مختلف الأطياف السياسية و الحقوقية و النقابية تلقت الخبر بحسرة و بمرارة أيضا .. لم تسعف كل الأيادي الرحيمة في أن تعيد الخفقان إلى قلبه والحرارة إلى جسده المنهك العليل …
عزيز ، الذي ظل طوال حياته عنوانا للجلد و الصبر و الصمت البليغ ، انتقل إلى جوار ربه بعد أن أعطى “بكرم زائد” جزء من دمه و من حريته سنوات الرصاص ، ذاك الشاب اليافع الذي خرج إلى الحياة حالما بالغد الأفضل وجد نفسه و هو ابن 17 سنة من عمره بين زنازن المخافر و المعتقلات السرية سنة 1974 …ليقضي زهرة أيامه بين جدران سجن عين علي مومن و بعدها بالسجن المركزي بالقنيطرة بإدانة ثقيلة رفقة صلاح بلغت 22 سنة سجنا نافذا ….!! .
خاض عزيز صحبة رفاقه إضرابا بطوليا عن الطعام بالسجن من أجل الحق في الزيارة و الكتب و الجرائد …45 يوما كان كافية لتنهار قواه و ينقل إلى غرفة الإنعاش عسى أن يستعيد الحياة و هو أجدر بالحياة …
عزيز استعان على مقاومة محنة السجن بالكتابة الساخرة .. كان إصداره الأول ” سرقنا ضحكا ” صنف جديد من أدب السجون الذي يستعيد بالكثير من التفاصيل المؤلمة داخل الجدران الباردة ليحولها إلى لحظات انتشاء ضاحكة بأسلوبه المرح الذي يشبه قلبه الكبير… كما صدر له كتاب ” تأملات فلسفية ” ترجم من خلال عزيز رؤيته إلى الكون و الحياة ..
عزيز الوديع …كان استثنائيا في صمته و في ألمه …كان عصيا على لحظات الضعف أو الهون مهما كبر ….طاقة نادرة من التحمل كان …أو هكذا اختار أن يكون
عاش عزيز بين أحضان الآسفي و ثريا ببيت كان قبلة لكل رموز النضال الوطني ، حيث صنعت قرارات كبرى في تاريخ البلد لحظتها ، من ذاك البيت مر المهدي بنبركة ، عبد الله ابراهيم ، عبد الرحيم بوعبيد ، عبد الرحمان اليوسفي ، سعيد بونعيلات ،ابن سعيد آيت إيدر ، الحاج عمر الساحلي ، و مولاي العربي العلوي ، عمر بن جلون ، محمد اليازغي ، نوبير الأموي …و اللائحة طويلة …
فتح عزيز عينيه على أحداث مؤلمة و محطات تاريخية كان لها أثرها الكبير على المغرب المعاصر ، لذلك اختار أن يكون في صف القوى الحية المنتصرة للديمقراطية و حقوق الإنسان من أجل مغرب جدير بأبنائه …
كان لعزيز أيضا تجربة مهنية بصحافة الاتحاد …فبعد اشتغاله إلى جانب والده بجريدة فلسطين التي صودرت بداية السبعينات ، انتقل ، بعد خروجه من السجن ، إلى تعزيز الطاقم الصحفي لجريدة ليبراسيون الناطقة بالفرنسية …
خفيفا كظله كان… عزيزا على قلوب الجميع …لذلك سيظل جديرا بحرقتنا وبدمعنا و بحبنا الكبير ..
لك صادق العزاء بثينة ابنته الوحيدة …و لأحبتي : صلاح ، أسماء ، توفيق ، خالد ، جمال ، وفاء و يوسف الصبر الجميل …
وداعا أيها البطل
5″ذاكرة النضال مليكة طيطان ”
حفاظا على الذاكرة من النسيان الجيل الذهبي للنضال بدأ يتقلص …لكي لا تسخر منا الأجيال هذا جيل رسم مسافة النضال زج به في غياهب السجون السرية والعلنية لا ينتبهون فالأمر يتعلق بيافع …عزيز الوديع الذي غادرنا هذا الصباح ما زلت استحضر كيف تعامل و تعاملت معه والدته الراحلة المناضلة ثريا السقاط ونحن في زيارة الاستثنائيين بالسجن المركزي القنيطرة بالضبط صيف 1980 قلت مع نفسي أن الأمر يتعلق بالكاد يخرج مرحلة طفل في أمس الحاجة إلى أمه تقضي أغراضه بما فيها ترتيب ملابسه وفراشه …قد تمارسون بعضا من الإجحاف لكن حقيقة هذا الواقع تحقق بعض مكاسب الشق الحقوقي بضرائب انتزعت من عمر الياسمين والزهور ولم تمنح في طبق من ذهب . ..
على روح العزيز عزيز الوديع الآسفي السلام تعازينا
6″عبد الرزاق كارون ”
رحيل الأديب والاستاذ الجامعي عزيز الوديع خلق حزنا عميقا في نفوس معارفه واصدقاءه من طلبة واساتذة وادباء ومثقفون وكل من يحب عزيز الإنسان المسالم المثقف الهاديء.
أرجع لسنوات الثمانينات وأتذكر كلما حلت عائلة الوديع بمدينة أسفي مدينتهم الأم ببيت عمهم المناضل الاستاذ المرحوم الشرقي والد اخي الاستاذ منير الشرقي وانا طفل صغير أتطلع بتطفل طفولي رفقة والدي لاحاديث هده العائلة المناضلة وكفاحها من اجل العيش الكريم تحس بان شيئا يخالجك وكيف لا وانت ترى التواظع من خصالهم يعطون لكل شخص قيمته من الكبير الى الصغير الفكاهة والدعابة والجد في النقاش هده هي عائلة الوديع الاسفي نم ياعزيز الروح بجانب والدك الوديع الاسفي وأمك ثريا السقاط وماما آسية فستبقى في ذاكرتنا عزيزا نقيا. رحمك الله ياعزيز القلب.

التعليقات مغلقة.