أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

ما أبعاد الموقف المصري الغامض من الوحدة التربية ؟

محمد الزهراوي

نظمت السفارة المصرية بأديس أبابا الجمعة 12 أكتوبر 2018، حفلا بمناسبة الذكرى 45 لحرب أكتوبر، دعت له ممثل جبهة البوليساريو، مما دفع بالسفير المغربي بإثيوبيا إلى الانسحاب لاسيما بعد رفض الدبلوماسية المصرية الاستجابة للطلب المغربي لاستبعاد البوليساريو.
ولفهم هذا الموقف الغامض تجاه الوحدة الترابية خاصة في عهد الرئيس السيسي، لابد من العودة قليلا إلى الوراء، فهذه ليست المرة الأولى التي تبدي فيها مصر/السيسي سلوكات وتصرفات غامضة وملتبسة بخصوص قضية الصحراء. ويمكن الإشارة هنا إلى محطتين أساسيتين يمكن من خلالهما محاولة فهم حقيقة وخلفية الموقف المصري، وتفكيك والتقاط الرسائل التي يراد توجهها إلى المملكة؟

المحطة الاولى، كانت خلال القمة الـ27 للاتحاد الإفريقي التي عقدت بالعاصمة الرواندية كيغالي، سنة 2016 ، حيث وجه 28 بلدا عضوا في هذه المنظمة ، ملتمسا إلى رئيس الاتحاد الإفريقي أنداك من أجل تعليق مشاركة “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” الوهمية مستقبلا في أنشطة الاتحاد وجميع أجهزته، بهدف تمكين المنظمة الإفريقية من الاضطلاع بدور بناء والإسهام إيجابا في جهود الأمم المتحدة من أجل حل نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء. وقد وجه هذا الملتمس رئيس جمهورية الغابون،لكن مصر رفضت التوقيع على الملتمس.

المحطة الثانية، تمثلت في مشاركة وفد يمثل جبهة البوليساريو في المؤتمر البرلماني العربي الإفريقي الذي استضافته مصر خلال أكتوبر 2016. لاسيما وأن النظام المصري لم يكن مضطرا لاستقبال فوق ترابه بتلك الطريقة المريبة وفدا انفصاليا معاديا للوحدة الترابية للمغرب، خاصة أن هذا الوفد حضر بصفته ممثلا “لجمهورية وهمية”، لا تعترف بها مصر نفسها، كما أن النظام المصري لم يكن ملزما بالقبول باستضافة البوليساريو خلال هذا الاجتماع.
من خلال هاتين المحطتين، بالإضافة إلى استقبال وفد البوليساريو الجمعة الماضي بمناسبة الذكرى 45 لحرب أكتوبر التي من سخرية القدر أن المغرب شارك فيه بجنوده، يمكن القول أن لم يسبق لمصر في عهد الرؤساء السابقين أن أتت بمثل هاته الممارسات الاستفزازية تجاه قضية المغرب المصيرية حتى في وقت الأزمات أو المحطات التي شهدت فيها العلاقات بين الطرفين سوء فهم أو توترا.

ويمكن تفسير هذه الخرجات والمواقف الاستفزازية لمصر في عهد السيسي من خلال استحضار بعض المؤشرات والتحولات الجيوسياسية التي عرفتها أفريقيا. من الملفت، أنه منذ مجيء السيسي غابت البوصلة في السياسة الخارجية المصرية، وغاب وجود توجه قار ومحدد في تحركاتها وسياساتها(العلاقة مع الخليج، ايران، اليمن..).

وقد يكون التقارب المصري-الجزائري كذلك، محددا أساسيا لفهم هذا التحول، خاصة بعد بروز تقارب استراتيجي مغربيا-اثيوبيا، مختلف الأبعاد والمستويات، لاسيما وأن المغرب قدم دعما كبيرا وأبرم اتفاقيات متنوعة مع إثيوبيا تشمل مجال الفلاحة وغيرها من المجالات. فالصراع المصري-الاثيوبي حول سد النهضة يرخي بظلاله على مستوى العلاقات وطبيعة المواقف. خاصة بعد فشل وتعثر المفاوضات الأخيرة حول أزمة سد النهضة ورفض أثيوبيا الوصول إلى حل توافقي يرضي جميع الأطراف، مما أدى إلى مزيدا من التعقيد بين البلدين.
ودعم المغرب لاثيوبيا بإنشاء مصنع للأسمدة بهدف دعم الأراضي الزراعية لسد النهضة، من المحتمل جدا أن يكون هو سبب دعوة البوليساريو الاخيرة لحضور احتفالات ذكرى 45 لحرب أكتوبر.

معطى آخر، من المفيد استحضاره، يتعلق بحالتي البرود والجفاء اللتان طبعتا العلاقة بين مصر والمغرب، خاصة منذ تولي السيسي الحكم، حيث لا يزال المغرب ينظر بنوع من التوجس وعدم الرضا إزاء مواقف الرئيس الحالي من الوحدة الترابية. وهذا ما يفسر تجميد وتعطيل اللجنة العليا المشتركة بين البلدين.

التعليقات مغلقة.