الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون — ستراسبورغ فرنسا.
بعنوان مفهوم الإختبار في الإسلام الصبر على المحنة . موضوع مجلس ظهيرة الأمسية.
في بادرة جديدة من نوعها وفي إطار التبادل والمساهمة والإشراك في فعاليات النشاط المسجدي, تنقلت مجالس الأحد لشباب مسجد ستراسبورغ الكبير بإشراف فضيلة الشيخ خليلو سيلا, من مكانها المعتاد خارجا لتحط الرحال في رحاب ضيافة مسجد الأخوة بلامينو.
وفي كل نهاية أسبوع من يوم الأحد يجتمع جموع الشباب ذكور وإناث ,طلبة وطلبات في حلقة مجلسهم الروحي بالمسجد الكبير في خلوة مع الذات وراحة مع النفس, لقاء تجتمع فيه السكينة والطمانينة.
ترحيب:
بوصول ضيوف مسجد الأخوة وإستقبالهم إستقبال الملوك في غير مملكتهم, وفي كلمة ترحيبة مؤثرة ومفعمة بالحب والمودة، جاء في مجلمها أهلا وسهلا بضيوفنا الأعزاء، أهلا بالأخوات والأخوةن بقلوب ملؤها المحبة والصفاء وبأفئدة تنبض بالمودة, تلك هي عبارات الترحيب التي تنبعت من بحر الأخوة،وتتدفق من شلالاتها. تقول لكم أهلا وسهلا وألف مرحبا بكم بقلبونا قبل حروفنا نستقبلكم بكل فخر وإعتزاز بسعادة وعزة في مسجدكم هذا.
تمهيد:
لقد تركت الهجرة بصمتها الحزينة على المهاجرين من الجيل الأول من الأباء، والتي إنبثق منها الجيل الثاني الذي عاصر وواكب كل التطورات والأحداث ومنه أنجب الجيل الثالث الحالي من فئة الشباب اليافع القوي المتحدي, فارضا إثبات وجوده بعين المكان وتعزيز مكانته في شتى الميادين باسطا مركزه العلمي الإجتماعي والثقافي بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
في يوم تاريخي بأمسية مميزة عاش رواد مجموعة مجالس الأحد حدث زيارتهم لمسجد الأخوة بلامينو. وبإستقبال حار للواقدين من قبل طاقم المسجد ومتطوعيه, أفتتحت الجلسة برحاب المسجد من طرف فضيلة الشيخ الأستاذ صالح فاي رئيس مسجد الأخوة الذي رحب بالحضور شاكرا إياهم أين تطرق بإسهاب في شرح كيفية ميلاد إنشاء مسجد الأخوة شهر فيفري سنة 2021 وإنفصاله عن الجمعية الأم صحوة لامينو ( (L’Eveil Meinau. المشنئة سنة 1984. وإستمرارية نشاطاتها وبرامجها على عقود متتالية بفصل الجانب الديني عن الثقافي وإعطاء لكل منها مجال تخصصه للإستمرارية. والتفرغ للعمل بكل أريحية كل وتخصصه.
وعرج في تدخله عن مشروع مسجد الأخوة المنتظر إنطلاق بداية أشغال بنائه بوضع الحجر الأساسي يوم 02 أكتوبر 2021 إن شاء الله, وعن بصمة الشباب المنقوشة في المشروع . وعلى إستمرارية التواصل وإشراك عنصر الشباب في كل عمل.
وبختام كلمته أحال الكلمة إلى الدكتور أليون باه الأمين العام لجمعية مجلس الأخوة للحديث مجددا الترحيب بضيوف المسجد و بفضيلة الشيخ خليلو سيلا من حيث عدة مهام وألقاب للمكانة التي يحتلها وما يقدمه للإسلام عامة وللشباب خاصة وعن مسجد ستراسبورغ الكبير المدرسة الأم لكل المساجد, وعن دور الشباب ومساهمته وشجاعته الأدبية والمعنوية وما يجب القيام به. بإعطاء صورة مشرفة للإسىلام ,عدم مخالفة قيم الإسلام والتمسك بها, الإرتباط الأخلاقي, تطوير الحاضر ليكون الإنسان مميز
كما نصح الشباب بالإطلاع على دستور المدينة, صلح الحديبية وخطاب وداع النبي صلى الله وسلم. وباقي الرسالات.
نشاط مجلس الأمسية:
كعادته أستلم فضيلة الشيخ خليلو المشعل لتنشيط مجلس الأمسية وإدارتها بحوار وموضوع منتقى ومختار بعناية من أهم المواضيع ذات صلة بواقعنا المعاش وواقع مجتمعنا برمته, والذي فتح باب المناقشة والتدخلات لحضور الشباب والتي صبت في صلب الموضوع وبوثقته بكل ثقة وتعزيز بإقناع مقبول من الشباب نفسهم.
كلمات مداخلات مؤثرة:
وإذا كانت كلمة فضيلة الشيخ صالح فاي قد ركزت من زاوية معينة على الجانب التاريخي لسيرة الحبيب المصطفى ومرحلة اليتم التي عاشها صلوات ربي وسلامه عليه,وتذكير شبابنا بذلك كونه القدوة والأسوة الحسنة للجميع والتي تناولت عديد النقاط منها:
أن المسجد الكبير نقطة الملتقى للجاليات الإسلامية من كل الجهات والدليل الموجه لهم, الصرح الذي أمسى من لوازم الحياة والوجود، ولتعزيز المصالحة مع الذات والتاريخ والهوية التي تؤسس للوحدة.
فإن كلمة الأستاذ أليون باه قد ركزت على مفهوم مواصلة رسالة الشباب لإضطلاعه برسالته الثقافية بوعي فكري خلاق, مذكرا بطليعة شباب المسلمين لنصرة الدين, الذي كان هدفه الإلتزام الإجتماعي, تذكير ممتاز بمعنى ديننا السمو الروحي والفكري والسلوك المثالي. وتطوير الذات كونهم سفراء الشباب في مقدمة الطليعة بوجوه مبتسمة متحمسة تكتسب الصدارة زخما رائعا ليكون أفضل في المجتمع, بإرتباط إجتماعي, وتحرر فكري وروحي ,إستقامة أخلاقية وعقلانية لتطوير العقل ليكون ممتازا.
وفي كلمة الأستاذ فواد دوي(عضو المؤسسة المدنية) القيمة التعريفية التحفيزية التشجيعة من عدة جوانب كأنموج فعال للطالب المثالي ,الشاب الطموح الذي كان يحلم بإفتكاك شهادة جامعية علمية والرجوع للوطن لكن القدر أراد وشاء غير ذلك, والمناضل المثابر, صاحب دور قيادي فعال في المجتمع برمته والمساجد خاصة.كون إن جمعية الطلبة المسلمين هي من ساهمت في قيادة إدخال الإسلام للمنطقة وتوسيع رقعته وتفعيل جهود الطلبة والعمال في بناء هاته النواة المشعة اليوم سنة 1975.
مستهلا كلمته بأن الصرح المسجدي مكسب لجميع الأمة جمعاء دونما إسثتناء, وكما ترون إن مسجد الأخوة بلامينو هو ثمرة جهود الجميع كما يشهد سلفكم وأباؤكم الذين بعد تحسن وضعيتهم الإجتماعية والعائلية وإستقرارهم بتكوين أسر, أحسوا بأنهم بحاجة ماسة لأجل وجود مسجد للصلاة ومكان للعبادة. كون أن الصلوات كانت تؤدى في الكنائس المسيحية بالأقبية بترخيص منهم منها كنسية Saint Mathieux أين قام الطلبة بإخفاء ثمتال المسيح واللواحات المعلقة, أين أنشأوا مكتبة ونادي خاصة بالطلبة المسلمية الجمعية التي تأسست سنة 1963 من طرف الأديب المفكر مالك بن نبي رفقة الأستاذ محمد حميد الله وغيرهم رحمهم الله.
العمل الذين ترونه هو نتاج جهود الجميع كل وبصمته من أصر عامل إلى أكبر شخصية ومساهمة الطلبة المنقوشة في الكتابات و الرسومات والملتقيات والندوات وغيرها دليل شاهد حي على تبليغ الرسالة للجميع ولرجال السياسة.
من أهم الأعمال والأدوار التي قاموا بها هي العمليات التنورية التحسيسية التوعوية. منها المقبرة الأنموذج في تاريخ الجالية الأسلامية بفرنسا عموما كون أول مقبرة عمومية خاصة بجميع الجاليات الإسلامية بعد مقبرة بوبني التي كانت تحمل طابع المربع الإسلامي والمدفون بها جنود وقادة إسلامين شاركوا بالحرب الفرنسية .
توصية :
كما دعى في أخر كلمته الشباب عامة والطلبة خصوصا للسعي للعلم والتوجه إليه ويجب أن يبغلوا أعلى المراتب والمقامات الرفيعة والمناصب الراقية ومقابل ذلك عليهم بالتمسك والتشبت بالعلم والحرص كل الحرص على مزاولة الدراسة ومتابعتها بالتعب ومشقتة المراجعة وسهر اليالي البيض كما قال سلفنا رحمة الله عليهم من أردا العللا سهر الليالي.
ومضة عن الشباب الستراسبورغي:
وما أعظم لحظات سرور الأحبة من جيل الشباب وهم يجلسون جنبا إلى جنب ، بهمة عالية ، وإرادة قوية صلبة ، وعزيمة لا تلين، ويروحون عن أنفسهم بأنفسهم برؤياهم تزيد من همة نشاطهم ، وتخفف عنهم ساعات المجلس.
هو النبع الذي إستقت منه كل الإنسانية قيمها ومبادئها، فأرتوت بماء الإسلام الزلال على خطى السلف ليكونوا خير سلف.
وفي هذا المقام لا أجد ما أجود به وأعزز به مقالي سوى التعريج على خواطر الشباب في عيون فضيلة الشيخ البشير الإبراهيمي راحمه وما تركه من إرث وبصمة في المجال ولكن بإختصار وتحيين فقرة فأقول:
فمن مرافقتي لهؤلاي الشباب في بعض المرات ومحاورتي لهم ومجالستهم ومناقشتهم ذكور وإناث سواء بالمسجد عقب إنتهاء مجالسهم أو بساحته ظهيرة الجمعة أو بالحافلة أوبالخارج وسط المدينة عند لقائي بهم. تجده شباب تلمسه من أول وهلة متساميا إلى معالي الحياة، يتمتع بالفطنة والذكاء، والشهامة والمروئة، والنشاط والحيوية. سباقا لكل عمل إنساني, مقداما بكل فخر وإعتزاز للقيام بالعمل الخيري وتصدر الطليعة في التسير والتنظيم والتأطير لاسيما صلاة الجمعة.
تجده كلما دعيته إلا وساعر لتلبية النداء بواسع الوجود، لا يعيقه شيء ولا تقف أمامه أية حدود، يرى كل مسلم أخا له في الدين و اللسان بلغة القٍرآن، وكل بشر أخا له من أخوة الإنسانية، لايفرق ولا يميز بين هذا وذاك فشعاره المؤمنون أخوة وساعتها يعطي بكل فخر وإمتنان لكل أخ حقه في الأخوة فضلا وعدلا.
فيا شباب الجالية وياشباب الإسلام وشباب الجيل هكذا كونوا على خطى سلفكم كما أخبركم الأستاذ عليون باه أن الشباب كانو في مقدمة الطيلة لنصرة الإسلام, كونوا أوفياء مشرفين مفتخر بكم, شباب يحتفي به, أحرصوا على العلم وإفتكاك الشهادة كما أوصاكم الأستاذ فواد دوي ولكم عبرة من سابق العبر حفظكم الرحمن.
وخلاصة القول إذ يعجر اللسان عن وجود ما أقوله في هذا الموضوع سوى الفرار إلى بحور السلف للنهل من منابعهم وإقتباس من ما تركوه من إرث شامخ وقيل في حق الشباب اليافع الطموح.
ومما قيل أنتقي بيت من روائع رائد الحركة الإصلاحية فضيلة الشيخ عبد الحميد إبن باديس رحمه الله القائل:
يانشء أنت رجاؤنا وبك الصباح قد إقترب , فخذ للحياة سلاحها و خض الخطوية و لاتهب.
من خلال تتبعي لكلمات المتدخلين عن بعد , فكل ووجهته نجدها قد برهنت على حنكة هؤلاء ووصفهم بالمربين الضالعين النابعة من كنوز عظيمة, وقعت على مسامع الحاضرين, فأنشئت في نفوسهم إقبالا كبيرا محفزاعلى العمل الخيري الإنساني بكل جوانبه، وقوت عزيمتهم الفياضة التي تحولت إلى برنامج أعمال متعددة في عين المكان والتي بلا شك سينعم بها مجتمعهم الإسلامي برمته ويطيب من جرائها طيب أسلافهم والبرهان في عين المكان قبل خلو مكان وفض المجلس إستجابة لطلب فضيلة الشيخ صالح فاي الرامي إلى البحث على البصمة الشبانية.
فما أحوجنا أن نسوق بين الفينة والأخرى درر هؤلاء الأعلام المتألقين المنهلين من نبع المشايخ على خطى السلف, الدرر التي خاطبوا بها من خلال حديثهم لهولاء الشباب ورسموا لهم طريق النهضة الفكرية التوعوية التحسيسية، ودعوهم إلى إعلاء هممهم عاليا، ليعيشوا الحياة الكريمة بين أوساط المجتمع التي تليق بهم كشباب خرج من رحم خير أمة أخرجت للناس.
فنجد أن فضيلة الشيخ صالح قد خاطب الشباب من الجيل الناشئ الصاعد بخطى ثابتة, بكل واقعية وبكل صدق.
كانت معاني رائقة مصاغة بأسلوب علمي أدبي رفيع المستوى, والتي بلا شك سوف يتأملها الشباب ويدرسها ويقرر العمل بها بصدر رحب، عبارات التي على رغم من قلة كلماتها إلا أنها كانت غزيرة المعاني تحمل نبعا صادقا ليعي الشباب من خلالها دوره الموكل إليه والمهمة المناطة به، ويهب هبة رجل واحد دون كلل ولا ملل مشمرا عن سواعده، ملبيا نداء حاجة الأمة التي هي بحاجة ماسة لجهود شبابها، تنتظرة عطاءه وكل ما لديه ما يساهم به.
وبواجب كرم الضيافة قدمت وجبة غذاء على شرف الضيف الوافد لمسجد الأخوة وبعدها إنطلقت المرحلة الثانية من مجالس الأحد بزيارة أرضية موقع بناء مسجد الأخوة الجديد والتعرف على مشروعه والمرافق والأقسام التي سوف تبنى برفقته والتي سوف تعزز من وجوده بالمنطقة ليكون قطب للأمة الأسلامية عامة من كل حدب وصوب ومقصد للجميع خاصة أنه برفقة أهم مرفق إسلامي حققته الجالية في تاريخها , ألا وهو مقبرة المسلمين التي تمت زيارتها هلى الأخرى بعين المكان والإطلاع عليها و التعرف على تاريخ إنشاءها وبناؤها وإستغلالها وبدايتها وتقديم عملية الشرح للطلبة والشباب والرد على أسئلتهم عن كيفية الدفن وطريقته وما يقام به, وتلقينهم ما يجب قوله للسلام على ساكني الديار من أهل القبور رحم الله جميعا موتنا.
كانت أمسية من أروع الأمسيات تكوينا وتأطيرا إستفادة وإستزداة , إكتساب خبرة ومعرفة. فضاء ترفيهيا سياحيا وترويح عن النفس وتنفس الصعداء في يوم مميز. ستبقى أثاره منقوشة في الأذهان يتداولها الشباب ويردد صداها لأعوام وسيبلغها مستقبلا للأجيال الصاعدة من خلال مذكراتهم و أجنداتهم.
التعليقات مغلقة.