أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

مجلس الأمن الدولي يسقط نهائيا حل الاستفتاء بالصحراء المغربية.. وتحولات دبلوماسية لصالح المغرب

جريدة أصوات

أصوات من الرباط

تواترت أنباء عاجلة من مجلس الأمن الدولي تفيد بقرار رسمي بالتخلي عن خيار الاستفتاء كحل لقضية الصحراء المغربية. هذا الاستفتاء، الذي كان يُقصد به تنظيم تصويت لتقرير المصير في المنطقة، بين الاستقلال أو الاندماج مع المغرب، وهو مطلب طالبت به جبهة البوليساريو.

بناء عليه، تم سحب ملف الصحراء المغربية من اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة، وهي اللجنة المعنية بتصفية الاستعمار. سحب الملف يعني تغيّر في التعامل الأممي مع القضية، وقد يُفهم على أنه لم يعد يُنظر إليها كقضية “تصفية استعمار” بل كقضية نزاع سياسي يُدار عبر مجلس الأمن.

هذا التعليق يعكس تحولا دبلوماسيا لصالح الموقف المغربي، حيث لم يعد يُطرح خيار الاستفتاء كحل، وتم سحب الملف من لجنة كانت تعتبره ضمن قضايا الاستعمار.

السفير عمر هلال، الممثل الدائم للمغرب لدى منظمة الأمم المتحدة، أدان بشدة التقاعس الجزائري في ملف النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. أكد هلال، خلال المؤتمر الإقليمي للجنة الـ24 لمنطقة المحيط الهادئ، أن الصحراء مغربية بحكم التاريخ والقانون وحرية تعبير ساكنتها.

أبرز هلال، خلال هذا المؤتمر، أن “الصحراء مغربية بحكم التاريخ والقانون وحرية تعبير ساكنتها، وأن الوقت قد حان لباقي الأطراف لتدرك ذلك، ولنبني معا مستقبلا يسوده السلام والاستقرار والتعاون في منطقتنا ولفائدة قارتنا”. أدان السفير أيضا التقاعس الذي تبديه الجزائر والذي يعيق تسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، وكذا مناوراتها لزعزعة الاستقرار في المنطقة المغاربية وخارجها.

أشار إلى أنه “على الرغم من التزامات المغرب والجهود الثابتة التي تبذلها الأمم المتحدة، فإن مناورات المماطلة التي تنهجها الجزائر تواصل عرقلة العملية السياسية، ورغم أنها تدعي أنها ليست طرفا في النزاع، فإنها تضطلع بدور محوري فيه”، مسجلا أن الجزائر تقوم بإيواء وتسليح وتمويل وتقديم الدعم الدبلوماسي لجماعة “البوليساريو” الانفصالية، وتتعنت باتخاذ موقف غير واقعي يساهم في زعزعة الاستقرار في المنطقة.

لاحظ أنه أمام هذا المأزق الذي تُبقي عليه الجزائر، من الواضح أن المجتمع الدولي قد حسم قراره، مشيرا في هذا الصدد إلى تواصل سحب العديد من البلدان لاعترافها بالكيان الوهمي، كما أن أزيد من 116 دولة عبرت عن دعمها الصريح للمبادرة المغربية للحكم الذاتي. وأضاف أن حوالي 30 بلدا فتحت قنصليات عامة في العيون والداخلة، لتعترف بذلك بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.

تطرق هلال إلى مواصلة اللجنة دراسة قضية الصحراء المغربية، موضحا أن هذا الوضع يرهن حيفا هذا الملف ضمن قراءة جامدة، انطلاقا من منظور لا يواكب التطور العميق الذي عرفته وتشهده هذه القضية.

ذكر السفير بالقول: “بادرت المملكة المغربية، منذ انضمامها إلى الأمم المتحدة، إلى اتخاذ خطوات لدى اللجنة الرابعة ولجنة الـ24 من أجل تحرير صحرائها من ربقة الاستعمار. وبعد قرابة عقدين من المفاوضات العسيرة، تمكن المغرب من استعادة أقاليمه الصحراوية بفضل اتفاقية مدريد، في نونبر 1975، التي أخذت الجمعية العامة علما بها في قرارها رقم 3458ب، في دجنبر 1975”.

أضاف أنه منذ ذلك الحين، وعلى إثر تأسيس الجزائر لجماعة “البوليساريو” الانفصالية المسلحة، تحولت قضية الصحراء المغربية إلى قضية سلام وأمن، لتبرير تداولها من طرف مجلس الأمن، بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة بشأن التسوية السلمية للنزاعات.

كما أشار إلى أن مجلس الأمن استبعد بشكل نهائي خيار “الاستفتاء حول تقرير المصير” الذي أثاره البعض، مبرزا أن الأمين العام للأمم المتحدة خلص في تقريره المؤرخ في 17 فبراير 2000 إلى عدم قابلية تطبيق خطة التسوية بشكل منظم وتوافقي.

ومنذئذ، انخرط مجلس الأمن بحزم في البحث عن حل سياسي مقبول لدى الأطراف، بما يتلاءم مع الواقع الميداني، ومتطلبات الاستقرار الإقليمي، مبرزا أن جميع قرارات مجلس الأمن تشدد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي قائم على التوافق.

اعتبر أن هذا التحول في المقاربة يجسد رغبة الأمم المتحدة في التخلي عن النموذج الثنائي المتسم بالجمود، وتبني مقاربة تواكب المستجدات وتحترم مقتضيات القانون الدولي.

قال السفير إن “هذه التطورات مهدت الطريق أمام إعلان المبادرة المغربية للحكم الذاتي كأساس وحيد من أجل تسوية دائمة تطابق القانون الدولي”، مؤكدا أن هذه المبادرة، التي تم تقديمها سنة 2007 ووصفها مجلس الأمن بالجادة وذات المصداقية، تعد مقترحا متجددا وجريئا لحل هذا النزاع. أضاف أنها تنص على منح حكم ذاتي موسع لساكنة الصحراء في إطار سيادة المملكة المغربية ووحدتها الترابية.

من جانب آخر، أبرز السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة أن المملكة تظل ملتزمة بالتوصل إلى حل سياسي دائم وتنهج سياسة اليد الممدودة لكل أولئك الذين يرغبون بصدق في طي صفحة هذا النزاع الإقليمي وفتح الباب أمام تعاون يعود بالنفع على الجميع.

سجل، في المقابل، أن “هذا الالتزام لا يمكن أن يكون أحادي الجانب أو أبديا، بل يتطلب إبداء باقي الأطراف لإرادة حقيقية للحوار، لاسيما الجزائر، التي لم يعد ممكنا تجاهل دورها. ذكر في هذا الصدد بتصريح للمبعوث الشخصي السابق، الراحل بيتر فان والسوم، في سنة 2008، أكد فيه مسؤولية الجزائر في أفق إحراز تقدم في العملية السياسية.

أكد السفير أن الوقت قد حان من أجل إعادة تقييم طريقة معالجة هذه القضية داخل هذه اللجنة، بوضوح وشجاعة.

مع هذه التطورات الإيجابية التي يعرفها ملف الصحراء المغربية على مستوى الأمم المتحدة، وخصوصا قرارات مجلس الأمن، إذ صارت المنظومة الدولية تؤكد شرعية المغرب على ترابه، بات خيار إخراج ملف النزاع المفتعل من هذه اللجنة مطروحا.

محمد أوجار، وزير العدل الأسبق الرئيس السابق للبعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا، أكد ضرورة إخراج ملف الصحراء المغربية من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المعنية بتقرير المصير، على ضوء التحولات التي يعرفها الملف على الأرض.

قبل هذا التصريح من المسؤول الحكومي السابق، كان السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أكد قبل ثلاث سنوات أن إنهاء استعمار الصحراء المغربية تم “بشكل لا رجعة فيه” منذ عام 1975، إثر اتفاق مدريد، مشددا على أن استمرار بحث قضية الصحراء المغربية من قبل اللجنة الرابعة “مغلوط تاريخيا”، لأن “إنهاء استعمار هذا الجزء من المغرب تم بشكل نهائي سنة 1975، عقب التوقيع على اتفاق مدريد يوم 14 نونبر 1975، مع القوة الاستعمارية السابقة، إسبانيا، وذلك وفقا للمادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة”.

تحليل وتوقعات مستقبلية:

هذه التطورات تمثل منعطفا هاما في مسار قضية الصحراء المغربية. قرار مجلس الأمن بالتخلي عن خيار الاستفتاء يعزز من الموقف المغربي ويدعم مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي وقابل للتطبيق. سحب الملف من اللجنة الرابعة يمثل اعترافا دوليا متزايدا بالسيادة المغربية على الصحراء.

من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيدا من الدعم الدولي للموقف المغربي، مع استمرار سحب الاعترافات بالكيان الوهمي وتعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الأقاليم الجنوبية للمملكة.

لكن، يجب على المغرب الاستمرار في جهوده الدبلوماسية والإعلامية لشرح موقفه والدفاع عن حقوقه، ومواجهة المناورات الجزائرية التي تسعى إلى عرقلة الحل السياسي.

في الختام، هذه التطورات الإيجابية تبعث الأمل في التوصل إلى حل نهائي وعادل لقضية الصحراء المغربية، يضمن الاستقرار والازدهار للمنطقة المغاربية.

التعليقات مغلقة.