محاكمة 27 طالب طب في المغرب بتهم العصيان وتفجير أزمة التعليم الصحي
بقلم الأستاذ محمد عيدني
تتجه الأنظار نحو قاعة محكمة الرباط بحي الرياض، حيث بدأت اليوم الأربعاء 23 أكتوبر2024، محاكمة 27 طالبًا من كليات الطب بتهمتي العصيان والمشاركة في التجمهر غير المسلح.
وتأتي هذه المحاكمة في سياق سلسلة من الاحتجاجات التي خاضها الطلبة منذ ما يناهز 10أشهر، حيث تعرضوا للقمع من قبل السلطات أثناء محاولاتهم للتعبير عن مطالبهم المشروعة.
الطلاب المعتقلون أوقفوا في 26 سبتمبر 2024، عقب مشاركتهم في وقفات احتجاجية دعت إليها اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، والتي تهدف إلى التعبير عن استيائهم من الظروف السائدة في كليات الطب، وخاصة ما يتعلق بسلامتهم وحقوقهم كمشتغلين في مجال حيوي يتطلب التقدير والرعاية.
تعتبر التهم الموجهة إليهم وفقًا للفصلين 300 و302 من القانون الجنائي المغربي، خطيرة وتعكس تصاعد التوتر بين الطلاب والسلطات التعليمية. حيث ينص الفصل 300 على أن كل مقاومة بواسطة العنف ضد موظفي السلطة العامة تعتبر عصيانًا، فيما يعالج الفصل 302 قضايا العصيان الموجه ضد الهيئات العامة، مع الإشارة إلى عقوبات تصل إلى ثلاث سنوات حبسًا.
وقد شهدت الاحتجاجات تصاعدًا ملحوظًا بعد تدخل القوات الأمنية في 25 سبتمبر 2024، حيث تم تفريق اعتصام الطلاب بالقوة مما أسفر عن إصابات عديدة وإغماءات في صفوف المحتجين، وهو ما أثار موجة من الاستنكار بين أولياء أمور الطلاب والمجتمع المدني.
ومن المثير للاهتمام أن مئات المحامين، بينهم نقيب هيئة المحامين بالرباط، يدعمون الطلاب بشكل علني، مما يعكس الموقف المتضامن مع حقوقهم. وقد عبر بعض المحامين عن مخاوفهم من أن هذه المحاكمة ليست فقط تهديدًا للطلاب، بل تمثل أيضًا خطرًا على حرية التعبير والتجمع في المغرب.
في إطار هذه الحالة، تتزايد الانتقادات للسلطات التعليمية، حيث حاصرت تساؤلات عدد من البرلمانيين وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، حول فشله في معالجة الأزمة التي تعصف بكليات الطب. يرى العديد أن الوضع القائم يعد أكبر إضراب طلابي في التاريخ، حيث قاطع الطلاب الامتحانات للشهر العاشر على التوالي، مما يزيد من قلق الرأي العام حول مستقبل التعليم الصحي في البلاد.
تأتي هذه التطورات في زمن حساس، وسط تبادل الاتهامات بين الحكومة والطلبة حول المسؤولية عن تفاقم هذه الأزمة، مما أثر سلبًا على مسار العملية التعليمية وخلق حالة من الاحتقان في الأوساط الأكاديمية. يتزايد قلق المجتمع حول تداعيات هذه التطورات على مستقبل الطلبة، ويأمل الجميع أن يتم التوصل إلى حلول مناسبة تحول دون تفاقم الموقف.
التعليقات مغلقة.