أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

محاولة شرح لما يفعله Covid-19 في جسم الإنسان

إعداد مبارك أجروض

من المعلوم أن فيروسات Corona (Coronavirus) تنتمي إلى مجموعة من الفيروسات التي تصيب الحيوانات، واشتُق اسمها من منظرها الشبيه بالتاج أو الهالة، إذ تحتوي على نتوءات بصلية الشكل تنبثق من سطحها وتعطيها المنظر الذي يميزها. وطبعا نعلم جميعا ظهر Covid-19 بسبب SARS-CoV-2، وتكون العدوى ب Covid-19بإحدى هاتين الطريقتين: إما عدوى في الرئتين تُحدث بعض الحالات التي يُسميها الناس نزلات البرد، أو عدوى في الأمعاء تُسبب الإسهال، ويبدأ Covid-19 في الرئتين، مثل الرشح الشائع «الزكام» الذي تُسببه الفيروسات التاجية أيضًا، لكن بعد ذلك يُسبب تخريبًا للجهاز المناعي ما قد يؤدي إلى الوفاة أو إلى أذية رئوية طويلة الأمد.

يشبه SARS-CoV-2 ـ جينيًّا – إلى حد كبير الفيروسات التاجية الأخرى التي تصيب الجهاز التنفسي للبشر، مثل Coronavirus المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة SARS، وCoronavirus المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية MERS، مع ذلك تتُرجم الاختلافات الجينية الدقيقة إلى اختلافات كبيرة ومهمة في مدى سهولة إصابة Le nouveau coronavirus للبشر وكيفية إمراضِهم.

يحتوي SARS على نفس الميزات الوراثية التي يحويها Le virus SARS-Cov original – الذي تسبب في حدوث فاشية عالمية في عام 2003 ـ لكن مع نحو 6000 طفرة موجودة في الأماكن التي تتغير فيها الفيروسات التاجية عادةً. مقارنة بالفيروسات التاجية الأخرى التي تصيب البشر مثل MERS الذي سبب متلازمة الشرق الأوسط التنفسية عام 2012، عدّل الفيروس الجديد نسخًا من الميزات الوراثية نفسها من أجل غزو الخلايا ونسخ نفسه. مع ذلك، يحوي SARS مجموعة مختلفة تمامًا من الجينات تُسمى الملحقات، التي تمنح هذا الفيروس الجديد ميزات صغيرة في حالات معينة. يحتوي MERS على بروتين خاص يوقف قدرة الخلية على إصدار التنبيهات بشأن الغزو الفيروسي للجسم.

* كيف يخمج (infecte) الفيروس الجسم ؟

تبدأ كل حالة العدوى ب Covid-19 بإدخال الجسيم الفيروسي، وهو غلاف كروي الشكل يحمي سلسلة طويلة مفردة حاملة للمادة الجينية للفيروس، يدخلها الفيروس في الخلية البشرية. توجّه المادة الجينية الخلية إلى صنع نحو 30 جزءًا مختلفًا من الفيروس، ما يسمح للفيروس بالتكاثر واستنساخ نفسه. تحوي الخلايا التي يُفضّل SARS أن يخمجها بروتينًا خارجيًّا يُسمى Enzyme de conversion de l’angiotensine II، الذي يلعب دورًا مهمًّا في تنظيم ضغط الدم، تبدأ العدوى عندما تلتصق بروتينات الحسكة الطويلة ـ التي تبرز من الجسيم الفيروسي ـ ب Enzyme de conversion de l’angiotensine II في الخلية البشرية. بعد هذا الالتصاق، تتكشف بروتينات الحسكة، وتغير من شكلها، وتعيد تشكيل نفسها باستخدام أجزاء ملفوفة شبيهة بالنابض موجودة في مركزها، تدخل بروتينات الحسكة ـ التي أعادت تكوين نفسها ـ إلى الخلية ثم تحطهما والجسيم الفيروسي معًا، ما يُشكل قناةً تسمح للمادة الجينية الخاصة بالفيروس بالدخول إلى الخلية.

ينتشر SARS من شخص إلى آخر من طريق الاتصال الوثيق، وتُعطي الفاشية التي حدثت في كنيسة شينتشونجي في كوريا الجنوبية في شهر فبراير فكرةً جيدةً عن كيفية انتشار الفيروس ومدى سرعة انتشاره أيضًا، إذ يبدو أن شخصين مصابين بالفيروس جلسا وجهًا لوجه بالقرب من أشخاص غير مصابين لمدة عدة دقائق في غرفة مزدحمة، وفي غضون أسبوعين أُصيب عدة آلاف من الأشخاص في البلاد، ونُسب سبب أكثر من نصف الإصابات في ذلك الوقت إلى الكنيسة، فبدأ تفشي المرض بسرعة، لأن سلطات الصحة العامة لم تكن على دراية بالفاشية المحتملة، ولم تكن تُجري الاختبارات اللازمة كثيرًا في تلك المرحلة، ومنذ ذلك الحين عملت السلطات جيدًا، وانخفض تسجيل حالات جديدة في كوريا الجنوبية باطّراد.

* كيف يتسبب الفيروس بإحداث المرض للناس ؟

ينمو SARS في الخلايا الرئوية من النمط الثاني، التي تفرز مادة شبيهة بالصابون تساعد على تدفق الهواء عميقًا في الرئتين، وينمو أيضًا في الخلايا المبطنة للحلق. كما حدث في المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة SARS، معظم الأضرار الناجمة عن Covid-19 سببها الجهاز المناعي الذي يتفاعل بقوة شديدة من أجل منع الفيروس من الانتشار، إذ تغزو ملايين الخلايا المناعية أنسجة الرئة المصابة، وقد تتسبب في حدوث أضرار كبيرة في عملية تنظيف الفيروس وأي خلايا مصابة.

إن التحدي الذي يواجه العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يعالجون مرضى Covid-19 هو مدى قدرتهم على دعم جسم المريض والحفاظ على Oxygénation دمه ريثما تعيد الرئة ترميم نفسها. وتتفاوت شدة الإصابة بالفيروس الجديد بين المرضى، إذ يبدو أن المرضى الذين تقل أعمارهم عن 10 سنوات يتخلص جسمهم من الفيروس بسهولة، في حين يستعيد معظم الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 40 عامًا صحتهم بسرعة، لكن كبار السن يعانون بشدة. ولا يؤدي Enzyme de conversion de l’angiotensine II ـ بعد دخول الفيروس ـ وظيفته جيدًا في تنظيم ضغط الدم، لذلك نجد أن Covid-19 يكون أكثر شدة عند الأشخاص الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم.

يُعد SARS-Cov-2 أكثر شدة جزئيًّا من فيروسات الإنفلونزا الموسمية، لأنه يتبع عدة طرق تمنع الخلايا من الاستجابة للعدوى وتنبيه الجهاز المناعي، مثل تثبيط إنتاج Interférons (بروتين تنتجه الخلية المصابة استجابةً للغزو الفيروسي لها) أو إزالته من الخلية في حال إنتاجه، وذلك قبل أن يبدأ بعمله، لذلك يتفاقم Covid-19 على مدى شهر، ويتسبب في أذية طفيفة كل يوم، أما في حالة الإنفلونزا يتعافى المرضى في أقل من أسبوع. وفي الوقت الحاضر، معدل انتقال SARS-Cov-2 أعلى قليلًا من معدل انتقال Virus H1N1 (إنفلونزا الخنازير) الذي سبب جائحة في عام 2009، ولكن SARS-Cov-2 مميت أكثر بعشرة أضعاف على الأقل.

من المعلومات المتوفرة الآن، يبدو أن Covid-19 يشبه إلى حد كبيرSyndrome respiratoire aigu sévère (SRAS)، مع أنه من غير المحتمل أن يكون شديدًا مثل SRAS. ما يزال يوجد الكثير من الغموض حول Le nouveau coronavirus والفيروسات التاجية عمومًا، مثل الفروق البسيطة في كيفية حدوث المرض، وطريقة تفاعل الفيروس مع البروتينات داخل الخلية، وبنية البروتينات التي تُشكل الفيروسات الجديدة، وكيفية عمل آليات استنساخ الفيروس.

شيء آخر غامض هو كيف سيستجيب Covid-19 للتغيرات في المواسم أو الفصول التالية ؟ تظهر الإنفلونزا في الطقس البارد في كل من نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي. انتشرت بعض الفيروسات التاجية الأخرى على مستوى منخفض على مدار السنة، ولكن يبدو أنها وصلت إلى ذروتها في فصل الربيع. بالرغم من ذلك، لا أحد يعرف تمامًا لماذا تختلف هذه الفيروسات باختلاف الفصول !

الأمر الجيد الذي ظهر في تفشي Covid-19 هو العلوم الجيدة التي ظهرت بسرعة كبيرة، مثل معرفة تراكيب بروتينات الحسكة الخاصة بالفيروس الجديد وكيفية التصاقها مع Enzyme de conversion de l’angiotensine II الموجود في الخلية البشرية المخموجة infecté بالفيروس، وكل ذلك بعد شهر واحد فقط من توفر السلسلة الجينية الخاصة بالفيروس.

التعليقات مغلقة.