أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

محن”أمهات عازبات”.. قست عليهن الحياة ولفظهن المجتمع

ملتمس الأمييرة للا مريم الذي رفعته لنظر الملك محمد السادس كان محقا بوضعه الأصبع على جرح مجتمعي غائر ، الوقائع والأمثلة كثيرة ، تقرير صحيفة ّلوموند كان موفقا في في السرد التالي :

تحكي اسمهان،  في العشرينات من عمرها ،وهي أم عازبةوضعت طفلها “ياسر” منذ أربعة عشر يوماً فقط، تجلس بعيدة عن الرضيع النائم تراقبه بعينين يغلب عليهما الأسى ، شريط الأمس يمر أمامها عندما كانت تعيش في الشارع ، تقتحم معترك الحياة وهي حامل في شهرها السابع  ،   مقابلتها لامرأة كان مفتاح الحل  ، اذ أرشدتها لجمعية تسمى “إنصاف”، معروفة بإيوائها للأمهات العازبات اللواتي يتنكر لهن شريكهن وأسرتهن ومجتمعهن ،  شملتها برعايتها حتى أنجبت مولودها في وقت كانت فيه قاب قوسين أو أدنى من إنهاء حياتها وجنينها ، كان ذلك حظا حسنا وعاثرا أيضا بالنسبة لها..  وتتابع “اسمهان” حديثها بالقول :لقد حاولت الانتحار بشرب السم، من أجل وضع حدا لحياتي وحياة من يوجد في بطني لكني لم أستطيع” ، وفي أيام تشردها بالدار البيضاء التقت “سهام” مع سيدة أدلتها على جمعية “إنصاف” مشيرة أنها تحمد الله أنها وصلت إلى الجمعية في الوقت المناسب، وإلا كانت ستعيش وضعية كارثية” .
طفولة منتهكة واغتصاب من قبل المشغل

محنة “اسمهان” المنحدرة في الأصل  من قرية فقيرة، بدأت منذ فترة طويلة ، بعد  وصولها إلى السنة السادسة من عمرها أرسلها والدها للعمل كمدبرة منزل عند أسرة في بني ملال” ، تعرضت أثناء ذلك  للضرب من طرف سيدة المنزل في كل مرة تكسر فيها الأطباق أو عند عدم تلميعيها للأحواض والأرضية بشكل جيد، ” هكذا تتحدث “اسمهان” عن طفولتها المنتهكة..
في سن الرابعة عشر ، تمكنت “اسمهان” من الفرار والعودة إلى منزل والديها ” لم تجاور  إخوانها وأخواتها كثيرا ،و لم تعش طفولتها كباقي الأطفال ، لم تذهب إلى المدرسة ولا تستطيع قراءة حتى علامة في الشارع”.
و ما إن عادت “اسمهان” إلى بيت  والدها حتى أعادها هو بنفسه للعمل في البيوت من جديد لكن هذه المرة في الدار البيضاء ، لتتعرض في عملها الجديد للاغتصاب من قبل صاحب المنزل ، الذي كان لطيفًافي البداية  يتصرف معها مثل الأب، لكن ذات يوم عاد إلى المنزل ليغتصبهاوهو في حالة سكر ، واستمر في استغلالها جنيسا، ويوم أخبرته بخبر حملها قام بطردها”، هكذا تروي أسمهان” قصتها الحزينة ، التي وجدت على إثرها نفسها في الشارع مع جنين تحمله في أحشائها مثل حملها لهم آخر، هم طفلها الذي ستتركه في الجمعية بعد عودتها إلى العمل في البيوت من جديد، وهم إرسال جزء كبير من دخلها إلى والديها ، اللذين لا يعرفان عن وجود طفلها “ياسر” أي شيء، مضيفة :” إذا علم والدي أنني حملت أو لم  أنني توقفت عن إرسال أموال أخرى فسوف يطرد أمي من المنزل” .

 بعيون « لوموند » ..الأمهات العازبات في المغرب   أرقام مفزعة

50.000 طفل يولدون بالمغرب كل عام خارج نطاق الزواج، ، حيث تحظر العلاقات غير الشرعية وحيث يحظرالإجهاض، إذ
يعاقب القانون الجنائي في المغرب على العلاقات خارج إطار الزواج بالسجن، والإجهاض ممنوع،  بالرغم من هذا يتم تسجيل 50 ألف ولادة كل عام خارج إطار الزواج ،  ويدفع الخوف من السلطات، وأيضا الخوف من الانتقام من أسرهن  بالعديد من الأمهات الشابات إلى التخلص من أطفالهن.
ووفقا للجمعيات المدنية التي تواكب مثل هذه القضايا، يتم التخلي عن 24 رضيعا كل يوم في المملكة وبالتالي العثور على ثلاث مئة جثة من الأطفال كل عام في صناديق قمامة الدار البيضاء.
هكذا تقول مريم العثماني الناشطة الجمعوية والحقوقية التي  تعمل في المجال الاجتماعي منذ 38 عاما : ” أغلب النساء اللواتي يطلبن مساعدة الجمعية مغتصبات، بعضهن غرر به بالوعد بالزواج، وعندما حملن، تُركن بمفردهن”. كثيرات منهن حاولن الانتحار ، بينهن فتيات  قررن مواجهة المجتمع الذي لا يرحم، حفاظا على أطفالهن” تعيش الأم العازبة محنة طويلة من رفض العائلة ، نظرة الآخرين ، الصعوبات الإدارية ، وأحياناً التهديد بالقتل. “أنا بنفسي تعرضت للتهديد لكن هذا لن يثنيني عن القيام بعملي الاجتماعي النبيل”.

وكانت العثماني أسست جمعيتها “إنصاف” منذ ما يقرب من عشرين عام ، رغبة منها في  مساعدة الأمهات العازبات، اللواتي يرفضهن شريكهن وأسرتهن ومجتمعهن ، الذي لازال يسيطر عليه التيار الديني المحافظ والتقاليد والعادات التي تمجد شرف المرأة وتلفظها إن هي فرطت به.

معاناة قد تتطور إلى جريمة قتل الأطفال
الأمهات العازبات يبقين في جمعية “إنصاف” التي تتكفل بإيوائهن حتى يضعن مواليدهن ، وتهتم الجمعية بأمورهن قبل وبعد الولادة .
وسجلت العثماني أنه « يتعين على الامهات اللواتي يردن الحفاظ على اطفالهن  مواجهة قساوة الناس »، مضيفة « نسعى إلى  نغيير نظرتنا لهذه الفئة، التي ترفض وتحتقر وتهان. » في مجتمع لا يزال فيه التيار الديني المحافظ قوي جدا.
وزادت قائلة » وبعد ذلك تصبح محنة الأم العازبة طويلة جدا .. رفض العائلة ، نظرة الآخرين ، الصعوبات الإدارية ، وأحيانا التهديد بالقتل   ، لا يملكن بالضرورة الشجاعة للذهاب إلى دار للأيتام ، حيث يخاطرن بالتعامل مع الشرطة، خائفات لا يعرفن إلى أين يذهبن ، « تضيف العثماني»..

تقول مريم العثماني رئيسة الجمعية إنهن يخضعن لجلسات مع طبيب نفسي ، كما تقدم لهن دروس في التربية الجنسية ، والهدف من هذا هو إعادة إدماجهن في الحياة العامة، لأنهم يتعلمن هنا أيضا بعض المهن التي من الممكن أن يشتغلن فيها بعد خروجهن من الجمعية مثل الخياطة والطبخ وتصفيف الشعر.
وإذا كان الإجراءات القانونية لفترة طويلة بالمغرب مصدرًا للتمييز ضدد الأطفال المولودين خارج إطار الزواج ، والذين لا يحق لهم الحصول على اسم عائلة بدون إذن الأب ، فقد سمح القانون المغربي الآن للأمهات العازبات بمنح اسمهن لأطفالهن لكن لا يمكن إجبار الأب على الاعتراف بابنه إلا باستخدام اختبار الحمض النووي، و بدون هذا الاعتراف ، لا يمكن للأم الحصول على النفقة”
وضعيةالجمعية الوطنية للتضامن مع النساء (إنصاف)   صعبة 

على الرغم من التبرعات والهبات التي تحصل عليها الجمعيات المهتمة بمشاكل الأمهات العازبات، والذي يأتي جزء كبير منه من الاتحاد الأوروبي فإن هذه الجميعات تجد صعوبات كبيرة في عملها ، فمؤخرا لم تستطع الجمعية مساعدة فتاة حامل تبلغ من العمر 16 سنة،    لتعرضها للقتل من طرف أخيهاقبل وصولها إلى الجمعية.

نقل وترجم عن (لوموند) الفرنسيةبتصرف .

التعليقات مغلقة.